بين رغبة ألمانيا فى تخفيض موازنة الاتحاد الأوروبى وإصرار بريطانيا على تجميد الإنفاق، خرجت القمة الأوروبية التى عقدت الأسبوع الماضى فى بروكسل لوضع موازنة الاتحاد الأوروبى بدون التوصل لاتفاق نظرا لاختلاف القادة الأوروبيين. ولم يكد قادة الاتحاد الأوروبى يبدأون اجتماعهم حتى ظهرت بوادر الخلاف حول قيمة الموازنة فى ظل دفاع كل منهم عن مصالح بلاده . وبينما اتفقت أغلب الدول المساهمة فى الموازنة على ضرورة تقليص الإنفاق إلا أن هذه الدول اختلفت فيما بينها حول كيفية تنفيذ هذا التقليص وحجمه، وأثار موقف المستشارة الألمانية «أنجيلا ميركل» الكثير من البلبلة والتى كانت من أكثر القادة تعنتا فى القمة إذ طالبت باقتطاع أكثر من عشرين مليار يورو فى الموازنة التى اقترحها رئيس المجلس الأوروبى «فان رومبوى». ومن جانبه، دعا رئيس الوزراء البريطانى «ديفيد كاميرون» إلى خفض حجم الموازنة المقترحة، والتى تبلغ 972 بليون يورو، وهدد باستخدام الفيتو إذا لم يتم تجميد الإنفاق. وحتى رئيس الوزراء الايطالى «ماريو مونتى»، خرج عن هدوئه المعروف عنه، وانتقد مواقف بعض القادة موجها سهام انتقاداته نحو رئيس الوزراء البريطانى كاميرون الذى بدا فى نظر الغالبية فى القارة «العضو الأنانى» الذى لا يتردد فى الإضرار بمصلحة المجموعة فى سبيل إنقاذ زعامته حيث كان إصراره على موقفه الرافض لأية زيادة فى حجم موازنة الاتحاد الاوروبى أحد أبرز أسباب فشل القمة. وقد عبّر آخرون عن تشاؤمهم حول إمكان حدوث تغيير فى المواقف بحلول القمة المقبلة المقررة مطلع 2013، نظرا لتباعد المواقف بين القادة الأوروبيين الذين رغم اختلافهم سعوا إلى التخفيف من تداعيات هذا الفشل وانعكاساته السلبية على صورة أوروبا فى العالم بعد تضررها جراء الأزمة المالية الراهنة، حيث حاول رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبى التقليل من تبعات ما جرى. ومن جهة أخرى، اتفقت قبرص مع دائنيها الدوليين على خطة إنقاذ تحصل بموجبها على 16 مليار دولار لتوفير السيولة لبنوكها المتعثرة، لتصبح قبرص الدولة الأوروبية الخامسة بعد اليونان وايرلندا والبرتغال واسبانيا التى تطلب المساعدة لإنقاذ اقتصادها بعد أن طلبت فى يونيو الماضى مساعدة الاتحاد الأوروبى وصندوق النقد الدولى بعد تضرر اقتصادها، وهى ثالث أصغر اقتصاد فى أوروبا نتيجة الخسائر الناجمة عن الركود الاقتصادى فى اليونان خاصة بعد أن خفضت مؤسسة فيتش التصنيف الائتمانى لقبرص درجتين تجاه المنطقة المرتفعة المخاطر. وعزت ذلك لتوقعات شديدة الضعف للاقتصاد القبرصى الذى يحتاج لجمع 1,8 مليار دولار على الأقل وهو ما يعادل نحو 10% من ناتجها المحلى فى ظل أزمة مالية خانقة تكاد تعدم هوامش التحرك بالنسبة لكل حكومات الدول الأوروبية.