منذ شهور قليلة طلب المسئولون عن الهيئة العامة للوثائق - أغنى دور الوثائق فى العالم - رسمياً من رئيس الوزراء ضرورة فصلهم فوراً عن دار الكتب.. والآن يقدمون مشروعاً ثانياً بسرعة ضمهم إلى دار المحفوظات.. وبين آمال الفصل عن دار الكتب، ورغبات الضم إلى دار المحفوظات تنتعش طموحاتهم الهائلة فى جمع شتات وثائق الدولة المبعثرة فى مكان واحد يتسع لها والقانون محدد وصارم يمنع مثلاً ما يشاع عن املاك اليهود ووثائق الحجاز، ويسمح فعلاً بالاطلاع على أوراق قناة السويس والكنيسة والإخوان المسلمين، فى لقاء خاص لأكتوبر مع د. عبد الواحد النبوى رئيس دار الوثائق القومية، فرد أمامنا أوراقه بما تحويه من تفاصيل مثيرة وأسرار مهمة عن المبنى الجديد لدار الوثائق بعين الصيرة وعن القانون الجديد المزمع العمل به لتفادى كل عيوب القانون القديم، ولم يبخل علينا بأية معلومة أو يرفض لنا أى سؤال. بادئاً بإيضاح أن دار الوثائق القومية الأرشيف الوطنى المصرى.. تتنازع مهامها ودورها فى الوقت الحالى مجموعة من المؤسسات والمصالح الحكومية مما سبب وضعاً غير مستقيم وغير قانونى فى الحفاظ على وثائق الأمة. بادئاً بإيضاح أن دار الوثائق القومية الأرشيف الوطنى المصرى.. تتنازع مهامها ودورها فى الوقت الحالى مجموعة من المؤسسات والمصالح الحكومية مما سبب وضعاً غير مستقيم وغير قانونى فى الحفاظ على وثائق الأمة أولها: هى دار الوثائق القومية التى أنشئت عام 1954 لجمع وحفظ الوثائق القومية وإتاحتها للباحثين والمستفيدين وتعتبر بحق من أغنى دور الوثائق فى العالم حيث تحتوى على كم هائل من الوثائق التى يعود تاريخ قدمها إلى القرن السادس الهجرى - الثانى عشر الميلادى - وثانياً دار المحفوظات العمومية، وقد أنشأها محمد على.. دار المحفوظات المصرية أو الدفترخانة وكان الهدف منها حفظ الأوراق والملفات لاستكمال مشروع التنمية الذى بدأه محمد على، وقد اعتمدت الدفترخانة المصرية على نفس تشريعات الأرشيف الفرنسى، إلا أن الخديو إسماعيل أمر بإلغاء مشروع الدفترخانة بالأقاليم ووضع جميع السجلات والوثائق التى تخص تاريخ محمد على بالقلعة، وهى تعد الجهة الفاعلة الآن فى إثبات الأطيان الزراعية والعقارات وهى تتبع إدارياً مصلحة الضرائب العقارية بوزارة المالية، وانتقلت تبعيتها إلى دار الوثائق القومية فى عام 1977، إلا أن موظفى دار المحفوظات اعترضوا على الرواتب المتدنية لدار الوثائق، فأعيدت دار المحفوظات إلى وزارة المالية مرة أخرى عام 1979 أما ثالث المؤسسات التى تتنازع الوثائق فهى قسم المحفوظات التاريخية بقصر عابدين، أنشأه الملك فؤاد فى قصر عابدين من عام 1932، واستمر يعمل حتى قيام ثورة 1952، ومازال الجزء الأكبر من هذه المقتنيات موجوداً بالقصر، علاوة على وثائق المؤسسات السيادية المصرية منذ 1952. ويضيف د. عبد الواحد النبوى: هناك جهات أخرى مازالت تحتفظ بأوراقها دون وجه حق فى ردهاتها ومخازنها مثل هيئة المساحة والمحاكم وهيئة الأوقاف والبطريركية الأرثوذكسية وهيئة قناة السويس والجهاز المركزى للتعبئة العامة والاحصاء، والجهاز المركزى للتنظيم والإدارة ومكتبات البلديات فى أنحاء مصر المختلفة، والجمعية الجغرافية، ومكتبة جامعة القاهرة ومكتبة الإسكندرية التى تسعى للحصول على وثائق أصلية وتحتفظ بها ووزارات وجهات سيادية، وجميعها لا تتوافر بها بيئة الحفظ المناسبة أو أدوات الصيانة مما يعرضها للضياع والتلف اللهم إلا مكتبة الإسكندرية. ويتوقف هنا ليذّكرنا بأخطر القوانين التى أثرت على أداء دار الوثائق وهو قانون 472 لسنة 1979 الذى نص على أن تحتفظ وزارات الداخلية والخارجية ورئاسة الجمهورية والمالية والدفاع إضافة إلى المخابرات والرقابة الإدارية والجهاز المركزى للمحاسبات بوثائقها فى جهة إنشائها لمدة خمسة عشر عاماً، ثم تنقل بعد ذلك لدار الوثائق لتحفظ بها خمسة عشر عاماً أخرى، وبعد انقضاء المدة تجتمع لجنة من الجهة التى نقلت منها الأوراق مع مسئولين من دار الوثائق لتحديد ما يفرج عنه، وهى الوثائق التى ارتبطت بعملية الصراع مع أشخاص بعينهم كسعد الدين الشاذلى وهيكل وغيرهما. ولكل هذا يرى د. النبوى ضرورة وأهمية تنفيذ المشروع الذى يطالب به أبناء دار الوثائق من سرعة فصلها عن دار الكتب لاختلاف مهامهما وأدوارهما ووظيفتهما، وعلى أن تدمج فى دار المحفوظات لتكوين هيئة عامة للوثائق والمحفوظات القومية، على أن تتبع جهة سيادية إما رئاسة الجمهورية وإما مجلس الوزراء ويكون مقرها الرئيسى القاهرة وأن يحق لها إنشاء فروع لها فى الأقاليم، وأن تصبح لها صفة ضبطية وولاية كاملة وفعلية على الهيئات والمصالح فى الاطلاع على أوراقها ومراقبة تصنيف تلك الأوراق بشكل سليم طوال مدة الخمسة عشر عاماً قبل تسليمها إلى دار الوثائق مع تغليظ عقوبات القانون الجديد ضد الجهات والمؤسسات التى تمتنع عن تسليم وثائقها لدار الوثائق بالسجن ثلاث سنوات و50 ألف جنيه غرامة بدلاً من عقوبة 20 إلى 200 جنيه غرامة وحبس 3 شهور وقد لا ينفذ. ويشير د. عبد الواحد إلى نقطة جوهرية عن الوضع الحالى المفكك والمبعثر لوثائق مصر والذى أدى إلى خروج الكثير من وثائق مصر المهمة مثل وثائق عباس حلمى الثانى الموجودة فى جامعة درهام بإنجلترا، والتى خرجت من مصر بمعرفة أحفاد الخديو وتعد بالغة الأهمية بالنسبة للتاريخ المصرى، ووثائق العقود التجارية العثمانية والسجلات الخديوية والأرشيفات الخاصة التى كانت تختفى من البلاد لتظهر بشكل مفاجىء بالخليج وأوروبا وأمريكا. وهو ما أعطى لدار الوثائق الحق فى الحصول على المجموعات الخاصة، وإن كنا نتمنى من السياسيين والوزراء السابقين وكل رؤساء الوزراء السابقين وكل عائلات رؤساء الجمهوريات السابقين والملوك والأمراء الذين لديهم أوراق، المحافظة عليها داخل مصر وأن تتم إتاحتها للاطلاع عليها من قبل الباحثين، ولا يشترط حصول دار الوثائق عليها إلا برغبة مقتنيها، خاصة أن هناك العديد من كنوز الوطن التى لا نعرف مكانها مثل مكتبة د. عبد الرحيم عبد الرحمن وأوراق الشيخ محمد رشيد رضا ومكتبة د. عبد العزيز الشناوى التاريخية، أيضاً أولى القانون الجديد اهتماماً لوثائق الأحزاب السياسية والجمعيات الأهلية والشركات الخاصة، ففى حالة قيام شركة أو حزب أو جمعية أهلية بإنهاء صفتها القانونية، فمن حق أصحابها الاحتفاظ بأوراقها على شرط ألايتم إخراجها من البلاد ولا بيعها لأى شخص أو جهة إلا بعد الرجوع لدار الوثائق القومية أولاً.. وعن «الإخوان المسلمين» التى يجب أن تخضع للقانون وتوفق أوضاعها القانونية، ومن ثم يحق لدار الوثائق الاطلاع على الأوراق التى مر عليها خمسة عشر عاماً فى حوزتهم، وفى حال رغبتها فى إخراج تلك الوثائق خارج البلاد أو بيعها، فيجب عرضها أولاً على الدار وأن تحصل عليها الدار بسعر عادل ولهم الحق - الإخوان - أن يتظلموا من السعر أمام المحاكم الابتدائية، ويفجر د. عبد الواحد قنبلة مدوية عندما يؤكد أنه من السهل الحصول على وثائقنا لأنها تباع فى سوق الجمعة وسوق الثلاثاء ومن هنا تجىء أهمية التعاون بين الدار ومباحث الأموال العامة ومباحث الآثار وجمارك المطارات فى القاهرةوالإسكندرية والموانىء البحرية.. ولكن هذا ليس معناه تصديق كل ما يشاع من آن لآخر فى أجهزة الإعلام ويعطى مثالاً بوثائق الحجاز وهى مجموعة منتقاه من الوثائق التى تم تجميعها فى عهد الملك فؤاد.