أمام الرئيس الجديد ملفات صعبة ولا يمكن علاجها وحلها إلا بالوضوح والشفافية والبحث وراء الأسباب وإيجاد حلول واقعية حتى لا نصبح كالنعامة التى تدفن رأسها فى الرمال، وعلينا ألا نعيد إنتاج مفردات النظام السابق بأنه ليس فى الإمكان أحسن مما كان، نبعد عن الفئة الضالة والطرف الثالث ولا نهّون.. بل نحقق ونجد حلولا، ما حدث من مقتل شاب فى السويس ومقتل آخرين فى أبو كبير بالشرقية من قبل جماعات تسمى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر. وانكرت الداخلية والتيارات الدينية أنهم ينتمون إلى التيار الدينى، وصورها البعض أنها جناية عادية وهذا خطأ كبير فلا يضير التيار الإسلامى الاعتراف بوجود تطرف فى أحداث تقوم بها قلة وليس التيار ككل، مظهر القتلة وملابسهم واضحة.أما الملف الأهم فهو ملف الأقباط وهو ملف قابل للانفجار إن لم يعالج بحكمة وموضوعية فلا نريد العودة لموائد الإفطار المشتركة والمجاملات غير الحقيقية ثم يخرج كل جانب وفى نفسه وفكره شىء آخر، الأقباط قلقون بعد انتخاب مرسى وصعود الإخوان وهذا وضع حقيقى، فموضوع التلميح أو الإعلان باختيار نائب قبطى لا يعنى استمالتهم، فهناك تجربة سابقة من اختيار نائب مسيحى إنجيلى لحزب الحرية والعدالة لم يظهر إلا مرة وبعد ذلك لم يشعر أحد أنه لعب أى دور سياسى.. بل لم يرشحوه فى الانتخابات البرلمانية، وهو لا يمثل حتى الأغلبية القبطية وهى الأرثوذوكس، فالتجربة السابقة تجعلهم ينظرون بحذر للأمور، بالإضافة إلى التصريحات التى يطلقها بعض القيادات الإخوانية والسلفية وآخرها ما أعلنه الشيخ ياسر برهامى عن عدم جواز تعيين نائب قبطى أو امرأه فهو يرى عدم جواز ذلك شرعاً لأنه يتعلق بالولاية ويرى أن الدولة التى يكون دينها الرسمى الإسلام لابد أن يتولى ولايتها مسلم وهذا ينطبق على النائب، كذلك ما ذكره ياسر برهامى عن وعد خيرت الشاطر بتعديل المادة الثانية من الدستور ورفض المبادئ وطلب تطبيق الشريعة رغم أن هذه المادة وافق عليها الأزهر ودعمها، كذلك أعلن الإخوان المسلمون موافقتهم على وثيقة الأزهر، ولقد أدى هذا لرفض كثيرين سواء من شخصيات عامة وسياسيين وفقهاء قانونين عن خطورة تغيير المادة الثانية استجابة لرغبة السلفيين ورأوا أنه فى حالة إجراء الإخوان المسلمون أى تعديل على المادة الثانية وكتابة دستور مصر منفردين فسوف تنسحب بقية الأطراف بما فيهم ممثلو الأزهر والكنيسة والهيئات القضائية، وقرر التيار الثالث التضامن للوقوف أمام هذا التغيير، أما الأقباط فهم يرفضون التعديلات. ويقول المفكر القبطى كمال زاخر إن تعديل المادة الثانية ليس من اختصاصات رئيس الجمهورية، وأن صياغة الدستور الجديد يجب أن يتم بشكل توافقى، وأن تصريحات الشيخ ياسر برهامى نائب رئيس الدعوة السلفية وما ذكره بحصوله على وعد من خيرت الشاطر نائب المرشد العام للإخوان والرئيس محمد مرسى بحذف كلمة مبادئ من المادة الثانية للدستور أمر قد يكون معقولاً من الرئيس ولكن ليس من خيرت الشاطر فما هى صفته لإعطاء مثل هذه الوعود، وأوضح أن الشريعة أو الأحكام مختلف فيها، وقد يؤدى إلى خلاف بين المسلمين وبعضهم قبل الأقباط. أما فقهاء القانون فهم يرون أنه لا يتسم مع أحكام القرآن الكريم ولا يحقق السلام الاجتماعى، الأقباط قلقون وهناك هجرة قبطية وتحرك فى المهجر ومؤتمرات، وما أثير على لسان د. سعد الدين إبراهيم وساويرس وغيرهم من منع أقباط فى الانتخابات من التصويت، ثم أحداث الكنائس وموضوع إسلام المسيحيات كله تراكمات خلال عام ونصف العام، بالإضافة إلى تصريحات قيادات سلفية وإخوانية التى اعتبرها الأقباط موجهه ضدهم، وموضوع الجزية والاتهامات التى وجهت لهم فى الانتخابات بانحيازهم إلى جانب شفيق واللهجة العنيفة التى استعملها البعض، كل هذه المخاوف أدت إلى تكوين تنظيم مضاد أو مشابه بمعنى أصح للإخوان وتنظيماتهم لأنهم رأوا أن الإخوان اعتمدوا على تنظيم له جذور فى المحافظات والأقاليم يتبع فكرا محددا وإن أعلن الأقباط أنهم ليس لهم مرشد ولا يريدون الحكم، إنما لمواجهة التيار الآخر وعدم تحقيق العدالة لهم، فأعلن نشطاء أقباط عن تأسيس جماعة الإخوان المسيحيين على مثال جماعة الإخوان المسلمين، كما أعلنوا أهدافها النضال اللاعنفى ومؤسسها أمير عياد الناشط الحقوقى ومستشارها القانونى ممدوح نخله. ويقول إن فكرتها تعود إلى عام 2005م على يد ميشيل فهمى وممدوح نخله وأعدت كوادر فى 16 محافظة وأربع دول خارج مصر ثلاثة فى أوروبا وفرع فى استراليا، وتستعد الجماعة لأول مؤتمر للإعلان عن تدشينها تحت عنوان «حال أقباط مصر فى ظل حكم الدين»، وقال أمير عياد مؤسس الجماعة إن هذه الفكرة بدأ تفعيلها مع وصول محمد مرسى للرئاسة وضياع حلم الدولة المدنية والدخول فى رأيه فى حقبة الحكم الدينى تحت قيادة الإخوان المسلمين، وأن هذه الجماعة سياسية واجتماعية ودعوية ستقوم برصد كل عمليات الأحداث الطائفية والتمييز الدينى الذى يقع ضد الأقباط فى ربوع مصر والتصدى لهذا العنف بكل السبل القانونية والشرعية وأنهم سيجعلون الجماعة تقوم على الإعلان فقط ولن تقيد فى وزارة التضامن الاجتماعى أسوة بالإخوان المسلمين وأنها ستبدأ عملها فى توحيد الأصوات ودعم الكيان القبطى واللغة القبطية وممارسة عملها بشكل رسمى بعد سقوط الدولة المدنية، وما حدث من فشل التيارات المدنية لوقف الزحف الدينى للسلطة، وظهور جماعات متشدده كالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، ويرى أنهم مواطنون مصريون لهم الحق فى الدفاع عن كيانهم وحقوقهم بعد ما تعرضوا له من اعتداءات عقب الثورة ولم يطبق القانون على الجناة واستخدام سياسة العرف تسبب ضياع حقوق الأقباط وسياسة الكيل بمكيالين فى الأحكام القضائية ضد الأقباط. ويقول المفكر القبطى ميشيل فهمى إن الفكرة كانت موجودة وأن وقت تنفيذها جاء فى ظل سيطرة التيار الدينى، وأن هدفهم التواجد فى الشارع وأنهم لا يتعجلون، وربما يكون جنى الثمار بعد عشر سنوات مثل الإخوان الذين ظلوا مدة قبل وصولهم للسلطة، وأنهم ليس لهم مرشد مثل الإخوان وأنها للمواطنة وليس للطائفية وأنها لا تسعى للوصول إلى الحكم. وقال نخله المستشار القانونى للتنظيم إن من حقهم تأسيس حزب كذراع سياسية لهم، وأنه يعتمد فى نجاحها أولا على أقباط المهجر، لأن لديهم خبرة سياسية فى الدول الديمقراطية التى يعيشون فيها، وثانياً أن المشروع بعيد عن الكنيسة ورجالها وأنهم يسعون لإقامة فروع بصفة تدريجية فى كل المحافظات التى فيها كثافة قبطية، وأنها الوسيلة الفعالة لحصول الأقباط على حقوقهم فى ظل التجاهل لمطالبهم وصعود التيار الدينى الذى يمارس عمليات تمييز ضدهم وسيقومون برصد الانتهاكات ضدهم، ظهور الجماعة المسيحية يعكس خوفا حقيقيا من القادم واضح أن هناك تصورا بوجود موقف ضد الأقباط ولقد دعّم هذا ما قامت به بعض قيادات الإخوان من الهجوم على المسيحيين لإعطاء أصواتهم لشفيق، وكل هذا وضع طبيعى بسبب ما حدث فى رأيهم بالنسبة للكنائس المسيحية، وهذا لا يمثل حالة فردية.. بل شبه رأى جماعى امتد للخارج أيضاً، ففى مؤتمر التضامن القبطى حاور المرازى فى واشنطن بعض المشاركين وكان حديثهم يعكس مخاوفهم من الحكم الإسلامى وتداعياته، وفى الحوار أكدوا توجسهم من تولية مرسى ويرون أن كلامه نفس كلام مبارك ويشكّون فى مصداقية الإخوان. وأكد أحد أقباط كندا أن بعض الناس وصل الأمر بهم أن بدأوا يكفرون بالثورة بعد أن كانوا من مؤيديها، وقالوا عن الدور الأمريكى إنه فعلاً له توجه فعلى مع الإخوان لأن الإخوان لهم أجندة والآخرين ليس لهم أجندات، وأن هناك ضغطا أمريكيا لصالح الإخوان فأمريكا دولة لا تهمها إلا مصالحها، الأقباط يمثلون جزءاً رئيسياً من الكيان المصرى ولا يجب تجاهلهم. التصريحات لبعض القيادات الدينية توجد فرقة حقيقية وعلى الرئيس أن يحاول ايجاد تفاهم حقيقى وعدم الاستجابة لأصوات التطرف، فالوسطية الإسلامية هى ما نحتاج إليه ولا داعى لتكرار اختيار نائب قبطى لا يظهر إلا مرة واحدة، فالجميع الآن يفكر ويرفض الصوت الواطى ولا نريد دولة مقسمه لإخوان مسلمين وسلفيين وإخوان مسيحيين وكل يعمل فى مجال فهو تكريس للطائفية وبداية لتقسيم مصر.. بل نريد أن نصبح مصريين جميعاً. إسرائيل تهتم بما يحدث فى مقال مناشيه شاؤول بعنوان «المستقبل المفزع للأمة العربية»، ذكر أن هناك موقفا ضد المسيحيين، وأن المفتى فى دول عربية عديدة أفتى بتحريم بناء الكنائس للمسيحيين، بالإضافة إلى أن البرلمان الكويتى بأغلبيته الإسلامية على حد قوله حظر بناء كنائس جديدة وأن هذا أدى إلى موجه من الاحتجاجات للمسيحيين فى اليمن وعمان والكويت، وكذلك أصدر رؤساء الكنائس فى الدول الأوربية احتجاجاً فى أعقاب نشر الفتوى. وأضاف كاتب المقال أن أقباط مصر يعلمون جيداً الخطر ومؤخراً انسحبوا من اللجنة التأسيسية، إسرائيل تتابع وتحاول استغلال كل الأوضاع وتترقب فيجب ألا نعطيها الفرصة.