بعيدا عن الشعارات الاستهلاكية التي يتزين بها البعض بشأن حقوق المواطنة، والعيش المشترك، وكامل المساوة في الحقوق والواجبات، استطيع ان اقول ان الكلام مجاني وبدون جمرك، والفعل معاكس تماما لما يجري في الواقع، استطيع ان انبئكم ان الوطن دخل مرحلة التمزق، والتفتت، والتشرذم، وهو مقبل علي التصادم، والتناطح، وربما الانتحار الجماعي! التيار السلفي يصر علي فرض ارادته بشأن حذف كلمة " مبادئ " من المادة الثانية بالدستور، لكي تكون " الشريعة " هي المصدر الرئيسي للتشريع، شيوخ التيار السلفي يؤكدون انهم حصلوا علي وعد من خيرت الشاطر، نائب مرشد الإخوان، ورئيس الجمهورية د. محمد مرسي بتحقيق هذا الامر، وعلي ما يبدو ان هذا قد تم في اطار صفقة مشروطة بين الطرفين قبل اعادة الانتخابات الرئاسية، ماذا سيحدث لو لم يف الرئيس، ونائب المرشد، بما وعدا به ؟! كيف سيتم الوفاء بالوعد وهناك خلاف اضافي بشأن تحديد هوية الدولة في الدستور بين الاخوان والسلفيين والليبراليين، في الوقت الذي يؤكد فيه د. محمد مرسي ان مصر دولة مدنية دستورية حديثة، يطل علينا د. ياسر برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية مشددا علي ان مصر دولة قانونية مستمدة من الشريعة، رافضا الدولة المدنية لانها تعني بالنسبة له الدولة العلمانية! في الوقت الذي اكد فيه رئيس الجمهورية محمد مرسي انه سوف يختار له نائبا مسيحيا، ونائبة امرأة، يخرج علينا د. ياسر برهامي معلنا أن السلفيين يرفضون أن يكون نائب الرئيس قبطيا أو امرأة، مؤكدا أن منصب الرئيس ولاية أكيدة، ولا يجوز توليه هذا المنصب الذي يقوم صاحبه مقام رئيس الدولة عند غيابه لغير مسلم أو امرأة، لكن أعضاء هيئة كبار العلماء وفي مقدمتهم د. نصر فريد واصل، ود. احمد عمر هاشم، ود. عبد المعطي بيومي، ود. محمود مهنا، رفضوا تلك الفتاوي والتصريحات مؤكدين أنه لا مانع شرعي يحول دون تولي المسيحي منصب نائب الرئيس، مؤكدين أن الرافضين لذلك يسيئون للإسلام ! المسيحيون يرون ان مسألة اختيار مسيحي نائبا للرئيس مسألة ديكورية تمنح الرئيس المنتمي لجماعة الاخوان مكسبا معنويا لدي الخارج، ولن تعود عليهم بنفع ما، ودليلهم في ذلك المسيحي د. رفيق حبيب الذي اختير نائبا لرئيس حزب الحرية والعدالة المهمش تماما ولا دور له داخل الحزب وخارجه، ولم يظهر في حدث ما علي الساحة، ونتيجة لما تمارسه جماعات الامر بالمعروف من ترويع وصل لحد القتل بعد وصول د. مرسي لكرسي الرئاسة، ومن منطلق الاحساس بأن الدولة المدنية تتآكل، تحتشد الان القوي الليبرالية فيما يسمي بالتيار الثالث، وظهر تيار الدولة المدنية المعتصم عند المنصة، واخيرا أعلن نشطاء أقباط عن تأسيس "جماعة الإخوان المسيحيين" التي تهدف إلي "النضال اللاعنفي"، بحسب ما جاء علي لسان مؤسسها الناشط الحقوقي أمير عياد، الجماعة اصبح لها كوادر وفروع في 16 محافظة و4 دول بأوربا وفرع بأستراليا، لمواجهة حقبة الحكم الديني التي دخلتها مصر علي يد الاخوان والسلفيين، والشعور بأن مسيحيي مصر مقبلون علي فترة صعبة من التمييز،والتأكيد علي أن الجماعة بدأت تنظيم فريق عملها لإقامة شبكة تواصل لرصد الانتهاكات التي تمارس ضد الاقباط الذين وصفوا بأنهم ذاقوا الكثير من الظلم في وقت سقطت فيه دولة القانون فعجزت عن الدفاع عنهم، غض الطرف عن اقامة احزاب بمرجعية دينية هو ما وصل بنا لتلك الحالة من التمزق، والتناطح، والتصادم المؤسف الذي سيؤدي للتفتت الذي ينفذ منه الاعداء للداخل لتحقيق بقية سيناريو المخطط، المعد سلفا لتفتيت أم الدنيا !.