رغم الارتياح الذى ساد الأوساط المالية العالمية إثر الانتخابات التشريعية اليونانية والتى قللت نتائجها من احتمالية خروج هذا البلد المثقل بالديون من منطقة اليورو مما جنّب أوروبا الآثار الاقتصادية التى كانت ستترتب على ذلك، فإن الكثير من المراقبين يقللون من أهمية نتيجة الانتخابات بالنسبة لمشكلة اليونان بوجه خاص وأزمة ديون اليورو بوجه عام. وقد تمكن حزب الديمقراطية الجديدة اليمينى المؤيد لخطة التقشف التى اشترطها مقدمو حزمة الإنقاذ المالى لليونان بحصوله على 30% من الأصوات (130 مقعدا من أصل 300 مقعد بالبرلمان) من الفوز بالانتخابات اليونانية والتغلب على منافسه حزب سيرزا اليسارى المتطرف الرافض لهذه الخطة والذى كان يتوعد بتمزيق الاتفاقية مع الدول الأوروبية مما كان سيؤدى لخروج اليونان من منطقة اليورو، إلا انه فشل فى الحصول على الأصوات الكافية لتشكيل الحكومة دون إشراك أحزاب أخرى. ويشير عدد من المحللين الاقتصاديين إلى المصاعب التى ستواجه رئيس الوزراء الجديد أنتونيس ساماراس زعيم حزب الديمقراطية الجديدة حيث يتوجب عليه تحديد السبل الرامية لتخفيض النفقات فى الميزانية اليونانية، فى الوقت الذى يرفض فيه الشارع اليونانى أى إجراءات تقشفية جديدة. وبرفض حزب سيرزا- الذى حل فى المركز الثانى فى الانتخابات ب 27% من الأصوات (71 مقعدا)- الانضمام إلى حكومة وحدة وطنية، فإنه سيظل مع غيره من الأحزاب المعارضة لخطة التقشف والتى حصلت على ما بين 60 و70 مقعدا يشكلون معارضة داخل البرلمان حيث قال زعيم الحزب الكسيس تسيبراس: سنكون حاضرين كمعارضة، إننا نمثل غالبية الشعب ضد خطة التقشف التى فرضها الاتحاد الأوروبى وصندوق النقد الدولى. ويلفت المحللون إلى أنه يتعين على الحكومة الجديدة تقديم خفض النفقات إلى البنك المركزى الأوروبى بنهاية الشهر الجارى، وفى حال تعذر الأمر سيضطر البنك المركزى الأوروبى إلى وقف تمويل البنوك اليونانية التى تعانى أصلا من نقص السيولة بعد سحب الودائع وإيداعها خارج البلاد، الأمر الذى سيزيد أوضاع اليونان الاقتصادية سوءا. ويشار إلى أن ألمانيا مازالت تعارض أى تساهل بشأن الشروط القاسية لتقديم مساعدات الإنقاذ التى تم الاتفاق عليها بين اليونان ومقرضيها الدوليين. وفى ضوء ذلك، يرى المحللان مايكل سوندرز وويليام بيوتر من سيتى جروب أن احتمالية خروج اليونان من منطقة اليورو خلال ال 12- 18 شهرا القادمة مازالت تتراوح بين 50- 75%. كما أن المخاوف بشأن تكاليف الاقتراض لأسبانيا وإيطاليا سريعا ما بددت حالة الارتياح إزاء انتخابات اليونان، حيث إن العائد على السندات الاسبانية لأجل عشر سنوات ارتفع إلى 7,14% مما أدى إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض لأعلى مستوى منذ نشأة اليورو، وذلك على الرغم من موافقة منطقة اليورو على إقراض اسبانيا نحو 100 مليار يورو لحل أزمة مصارفها. وتعتبر نسبة ال 7% مستوى خطيراً يفوق ما بلغته كلفة استدانة اليونان وايرلندا والبرتغال التى منحت حزم إنقاذ مالية للتغلب على أزمة ديونها السيادية. وبالتالى.. أصبحت أسبانيا الدولة الرابعة فى منطقة اليورو التى تسعى للإنقاذ وهناك مخاوف من أن تكون المسألة مجرد وقت قبل أن تصبح ايطاليا البلد المقبل الذى يحتاج لمساعدة حيث ارتفع العائد على السندات الايطالية لأجل عشر سنوات إلى 6,18% مما أدى إلى ارتفاع كلفة الاقتراض لأعلى مستوى منذ ديسمبر الماضى لتصل إلى 5,3%. وذكر البنك المركزى الإيطالى أن الدين السيادى بلغ الشهر الماضى مستوى غير مسبوق حيث ناهز 1,949 تريليون يورو أى (2,44 تريليون دولار).