تشير الأدبيات البرلمانية إلى أن حل البرلمان يعنى أن المجلس لم يتم فصله التشريعى بغير إرادته ولكن بقرار صادر من السلطة التنفيذية. وقد شهد تاريخنا البرلمانى المصرى عشرات الحالات التى تم فيها حل البرلمان سواء قبل ثورة يوليو 1952 أو بعدها.ونحن نتعرض هنا لأشهر حالات «الحل» وتعطيل الحياة البرلمانية.. ولعل أغربها عندما قام الملك فؤاد بحل مجلس النواب فى 24 ديسمبر 1924 وحدد موعداً جديداً لعقد مجلس آخر فى 6 مارس 1925.. ومرت الشهور والأيام ولم تتم الدعوة لعقد البرلمان الجديد رغم الانتخابات التى جرت فى 12 مارس 1925 وفوز حزب الوفد بالأغلبية، وفاز سعد زغلول برئاسة مجلس النواب بعد تغلبه على مرشح الحكومة عبد الخالق ثروت، وكشفت الأحداث أن الوزارة لا تحظى بثقة البرلمان وأنها يجب أن تستقيل، ولكن الملك فؤاد بدلاً من إقالة الوزارة.. حل البرلمان فى 23 مارس 1925 يوم انعقاده، وكان هذا أقصر برلمان فى العالم، والدعوة لانتخابات جديدة وبرلمان جديد فى يونيه. وأعلنت كل الطوائف السياسية والشعبية عن استيائها لحل البرلمان ومخالفة الدستور! وقرر النواب من المجلسين «النواب والشيوخ» عقد اجتماع يوم 20 نوفمبر 1925 ولكن وزارة زيور باشا قامت باحتلال البرلمان عسكرياً وأصدرت منشوراً بعدم الاجتماع فى البرلمان ويبدو أن التاريخ يعيد نفسه بالضبط فقرر النواب والشيوخ عقد اجتماعه فى فندق الكونتيننتال بالقرب من ميدان العتبة الخضراء، وقاموا بانتخابات برلمانية لمجلس النواب بأن يكون سعد زغلول رئيساً للمجلس ومحمد محمود وعبد الحميد سعيد وكيلين. وقد نجح اجتماع الكونتيننتال فى عودة الوحدة بين المعارضة والأغلبية ضد السراى ووزارة زيور باشا والإنجليز وطالب عدد من أمراء القصر الملكى بعودة الحياة الدستورية كالأمير عمر طوسون وكمال حسين كما قال ذلك د. عبد الواحد النبوى فى كتابه «المعارضة فى البرلمان المصرى». وقد أسرف الملك فؤاد والملك فاروق فى حل مجلسى النواب والشيوخ قبل ثورة يوليو 1952، حتى وصلت إلى عشر مرات ولم يكمل أى برلمان مدته التشريعية سوى برلمان 1945 - حتى عام 1949. أما بعد الثورة فقد تم تعطيل مجلس الأمة لأول مرة فى يونيو 1961 بعد انفصال الوحدة بين مصر وسوريا والذى بدأ أعماله فى 11 أبريل 1961. ??? وقام الرئيس أنور السادات بفض مجلس الأمة بقرار جمهورى بعد ثورة 15 مايو 1971 وقيام النواب بعزل رئيس المجلس د. محمد لبيب شقير فى 13 مايو 1971. كما قام السادات بحل مجلس الشعب بعد الاستفتاء على ذلك فى عام 1979 بعد توقيع معاهدة السلام مع إسرائيل ووافق عليها مجلس الشعب بالإجماع ورفضها 16 نائباً مستقلاً ونوابا من حزبى الأحرار والتجمع واستاء السادات من ذلك وقرر حل المجلس الذى كان يرأسه د. صوفى أبو طالب حتى 20 أبريل 1979، وكان يضم معارضة قوية جداً. وفى عام 1984 أجريت أول انتخابات تشريعية فى عهد الرئيس السابق مبارك بنظام القائمة الحزبية كبديل للنظام الفردى وحرمان المستقلين.. ولكن النائب البرلمانى القدير المحامى كمال خالد طعن على هذا النظام وأصدرت المحكمة الدستورية العليا حكمها بعدم دستورية هذا القانون لأنه أهدر مبدأ المساواة وصدر الحكم فى مايو 1978، وتم حل مجلس الشعب وكان يرأسه د. رفعت المحجوب، وكان المجلس قد قام بتعديل نظام الانتخاب ليجمع بين القائمة والفردى وجرت الانتخابات فى عام 1987 على هذا الأساس ولكن البرلمانى القدير كمال خالد قام للمرة الثانية بالطعن بعدم الدستورية وفعلاً أصدرت المحكمة حكمها بعدم الدستورية فى عام 1990 وتم حل المجلس للمرة الثانية فى 13 أكتوبر 1990 بعد الاستفتاء.. وكان يرأسه د.المحجوب أيضاً لأن القانون لم يضمن للمستقلين حقوقاً مساوية لمرشحى القوائم الحزبية ورحم الله النائب القدير كمال خالد المحامى. ??? وما أشبه الليلة بالبارحة فقد طعن المهندس أنور صبح درويش فى انتخابات مجلس الشعب المنحل عندما لم ينجح فى دخول البرلمان ممثلاً عن القليوبية والخانكة والذى رشح نفسه فيها مستقلاً عن الفئات. وقد أقام الدعوى رقم 2656 لسنة 13 قضائية أمام محكمة القضاء الإدراى.. والتى أحالتها للدستورية التى أصدرت حكمها بأن انتخابات مجلس الشعب قد أجريت بناء على نصوص ثبت عدم دستوريتها وقد أطاح هذا الحكم بكل النواب «أغلبية ومعارضة»!