كتب : محمد أحمد ... قبيل الثورة بأيام كان يشغلنى تساؤل عن الوطن ماهو تعريفه وحدوده، هل الوطن هو الأرض؟ الناس الحكومة، الديانة؟ أم الوطن هو الأصدقاء والأهل؟ ووقتها كتبت كلمة مصر على صفحتى على الفيس بوك وبعدها كثير من علامات الاستفهام، فلم يجبنى أحد، وغالبا لم يفهم أحد سؤالى. أعتنق منذ وعيت الحياة مبدأ عدم الانتماء لشىء معين، فأرفض تماما الانتماء لكيان، أو حزب أو حتى جماعة من الأصدقاء، فالانتماء ينتقص من الحرية، وأنا لا اقبل أن يُنتقص من حريتى شىء مهما كان. فقد اعتدت دائما الاستماع للجميع، وعدم رفض أى رأى أو فكرة مهما بلغ جنونها أو شذوذها، استمع للجميع وآخذ منهم ما أريد. المهم، قامت الثورة وانطلق المصريون يأخذون حريتهم أو يستردونها، وإن كنت لا اعرف متى كان للمصرى حرية أصلا، ولكن المهم أن الجميع نال حريته وأصبح كل إنسان يقول ما يريد وقتما يريد، بل يفعل ما يريد أينما يريد، ولكنى فقدت حريتى، فقد أصبحت هناك حالة خصخصة واستيلاء على المبادئ والأفكار بشكل مثير للحزن. الدين أصبح ملكا للسلفيين والإخوان كل على طريقته، وإذا كنت مسلما أو متدينا يجب أن تختار المرشح الإسلامى فى الانتخابات الرئاسية، وإذا انتقدت الأداء السيىء للإخوان فى البرلمان تكون خرجت على الدين، طب يعمل إيه واحد مسلم بس مالوش نفس ينتخب مرشحاً دينياً أيا كان السبب، وياترى ده يبقى ليه كفارة؟ وإذا كان التشدد طبيعة التيارات الأصولية الدينية عامة فماذا عن الليبرالية، ماذا عن منهج يقدس الحرية ويرفعها فوق كل الحقوق، وأغلب الليبراليين الآن فى مصر يغتالون حريتك تماما، إلا إذا اتفقت معهم فى الرأى، وإلا تكون – من وجهة نظرهم- إما إنساناً متخلفاً من الشعب البسيط الجاهل اللى (قال نعم فى الاستفتاء وراح انتخب الإخوان) أو التهمة الأسهل إنك فلول. حتى الفلول أنفسهم، لا يمكن أن تقول لهم إن الثورة كان فيها الخير لمصر، حتى وإن اختلفت مع الثوار فى إن مبارك وعصره لم يكن شراً مطلقاً (علشان تكون فلول يبقى لازم تقول آسف ياريس، والثورة خربت البلد، واحمد شفيق هو مستقبل مصر والرئيس القادم). طيب أنا ينفع أكون ليبرالياً ولكن مش ضد المجلس العسكرى.. طيب ينفع أكون مسلم بس مش هانتخب مرشحاً دينياً .. لا طبعاً ماينفعش عفواً تمت خصخصة كل الأفكار والانتماءات وأصبحت تقدم كوجبة كومبو إجبارى.. لازم تاخد البطاطس والكولا قصدى المرشح الرئاسى والآراء والمواقف، وإلا هتكون منبوذاً مطروداً غير منتمياً لأى شىء....