حذر الشيخ تيسير التميمى قاضى قضاة فلسطين وأمين سر الهيئة الإسلامية العليا فى فلسطين من خطورة ما تتعرض له القدس من التهويد والتطهير العرقى ضد سكانها، بالإضافة إلى محاولات لطمس معالمها العربية والإسلامية، فضلاً عن التضييق عليهم فى أرزاقهم، مشيراً فى حواره مع (أكتوبر) إلى أن الاهتمام بقضية فلسطين تراجع بعد الثورات العربية. لافتاً إلى أن الانقسام بين الفصائل الفلسطينية أثر بصورة سلبية على التوصل إلى حلول عاجلة للقضية، مشيداً بدور مصر فى دعم القضية الفلسطينية ودورها المحورى فى الشرق الأوسط. * ماذا عن الأوضاع الحالية فى القدس؟ ** القدس فى خطر، فهى تتعرض حالياً للتهديد ويرتكب فيها أبشع جرائم التطهير العرقى ضد سكانها لطمس معالمها العربية والإسلامية، فالقدس الآن محرمة على أهلها بينما هى مستباحة من الجماعات اليهودية المتطرفة بدعم من حكومة إسرائيل، كما يتعرض المسجد الأقصى لخطر كبير، فهناك حفريات كبيرة تحت أساساته من قبل اليهود، وسكان الضفة الغربية ممنوعون من دخولها أو دخول المسجد. * إذاً فكيف يعيش أهل القدس فى ظل تلك الانتهاكات؟ ** إسرائيل تصادر بيوت أهل القدس وتمنعهم من البناء وتفرض على ممتلكاتهم ضرائب باهظة، بالإضافة إلى التضييق عليهم فى أرزاقهم، فهم يمنعونهم من العمل ومن الانتقال، وتصادر أراضيهم ليبنوا عليها المستوطنات، إضافة لما يعانونه من اعتقالات بلا سبب لكل من تعتقد إسرائيل أنه يمكن أن يقاوم الاحتلال، فى إطار حالة من تكميم الأفواه وتشويه لصور الشخصيات السياسية والإسلامية خاصة القيادات المؤثرة حتى تبعدها عن جماهيرها، ولولا الدعم الأمريكى اللامحدود والتخاذل العربى والإسلامى ما استطاعت إسرائيل أن تنفذ هذه المخططات الإجرامية ضد «?ضية القدس». * هل للثورات العربية تأثير على القضية الفلسطينية؟ ** لاشك أن لها تأثيراً إيجابياً رغم انشغال الشعوب بمواجهة المؤامرات التى تتعرض لها عن القضية الفلسطينية ولكن حينما تستقر الأمور ستكون هذه الثورات إيجابية على القضية. * إلى أى مدى تقوم الأنظمة العربية بأدوارها تجاه القدس؟ ** لا تكاد تقوم بأى أدوار، فعلى سبيل المثال لا الحصر، فى القمة التى عقدت فى «سرت» الليبية العام الماضى قرروا صرف 500 مليون دولار للقدس ولكن لم يصل منها شىء، حتى مؤتمر القمة الإسلامى الذى عقد خصيصاً بعد جريمة إحراق المسجد الأقصى فى عام 1969 لم يهتم بقضية القدس خشية غضب إسرائيل والذى قد يؤدى لغضب أمريكا وهو ما يسعى أغلب القادة العرب لتجنبه للحصول على الرضا الأمريكى. * إلى أى مدى أثر الانقسام الداخلى على القضية الفلسطينية؟ ** الانقسام بين الفصائل أصاب القضية الفلسطينية فى مقتل لأن التنازع والخلاف الحاد جعل القضية تدخل نفق المكتسبات الشخصية والحزبية والفئوية، بمعنى أنه انحرف بها عن دورها فى مقاومة الاحتلال ولهذا فهناك فجوة عميقة بين الشعب الفلسطينى والفصائل. * ما التحديات التى تعوق عمل القضاء الفلسطينى؟ ** للأسف شأنه شأن القضاء فى كل الدول العربية، فأزعم أنه لا يوجد قضاء مستقل فى كل الدول العربية، فتدخل القيادات السياسية والاحتلال الإسرائيلى يعيق عمل القضاء عبر الحواجز العسكرية، كما يتم اعتقال القضاة واعتقلت عدة مرات وهذا شكل من أشكال التدخل فى استقلال القضاء. * فى رأيك ما هو الدور المصرى الذى ينشده الشعب الفلسطينى تجاه قضية العرب والقدس؟ ** مصر هى السند الأول للقضية الفلسطينية بلا خلاف وفلسطين بالنسبة لمصر هى العمق الاستراتيجى وهناك ارتباط كبير بين الشعبين المصرى والفلسطينى، فمصر قدمت آلاف الشهداء والجرحى وضحّت بالكثير من أجل القضية الفلسطينية وحينما تقوم مصر بدورها فهى تقوم بالدفاع عن وجودها لأن هناك ارتباط وثيقا. وفلسطين تحت الاحتلال تأمل من مصر أن تقدم لها العون فى كل المجالات دون تأخير. * كيف ترى الوضع فى سوريا؟ ** الشعب السورى الحر الذى انتفض كباقى الشعوب فى اليمن وفى مصر وقف يطالب بحريته وبالتخلص من قوى القهر والاستبداد ولا يجوز أن يقتل على هذا النحو، والدول العربية تقف موقف المتفرج على أبناء سوريا الأحرار وهم يقتلون كما وقفت موقف المتفرج أمام ما تقوم به إسرائيل. لذا فنحن نناشد القادة العرب أن يقفوا بجانب شعب سوريا بدلاً من بيانات الشجب والتنديد كما هو حاصل فى القضية الفلسطينية، نريد مواقف عربية صلبة ونرفض التدخل الأجنبى فى سوريا ونطالب بتدخل عربى.. «فإن استنصروكم فى الدين فعليكم النصر». * وكيف ترى دعوات الانفصال التى تنادى بها بعض الفصائل فى العالم العربى؟ ** هناك مؤامرات تحاك ضد الأمة العربية لتقسيمها كما هو حاصل فى السودان، وأخشى على كثير من البلدان من مخاطر التفتيت إذا لم تدرك القوى السياسية فى هذه البلاد خطورة خلافها الحاد الذى يجب أن تترفع عنه وتترك مصالحها الحزبية والفئوية لكى تكون إرادة الشعوب ومصلحة الأمة هى الهدف، وإلا تتحمل المسئولية السياسية ومسئولية التقسيم لأن نتيجة هذا الخلاف الحاد سيؤدى إلى تدخل أعداء الأمة ويحدث الانقسام.