بكل الهمة.. وعدم الذمة.. يقاتل فلول النظام البائد لاستنساخ مبارك جديد!! نشاهد هذا فى مختلف الأجهزة.. خاصة الإعلام الذى مازال يتحرك من خلال إمبراطورية ضخمة يمتلكها رجال أعمال مبارك فى عدة اتجاهات.. منها تشويه جميع القوى القائمة.. خاصة الإسلامية.. وإثارة الأزمات والمشاكل وتضخيمها بين الأحزاب والتيارات المتباينة! وليس أدل على ذلك من استضافة مذيعة مشهورة لأحد قيادات الإخوان ليعلن استقالته على الهواء مباشرة.. بينما هو ليس عضواً فى الحزب أو الجماعة!! فى تلك اللحظة تحديداً تأكدت أن جهاز الأمن الوطنى مازال يوجه ال?علام ويحكمه ويتحكم فيه من وراء الكواليس!! وعندما قابلت د. أيمن نور قبل عدة أسابيع وكشف ل «أكتوبر» عن مفاجأة الترشح للرئاسة.. تحدثت معه عن هذا الموضوع «كيف لا يكون هناك مبارك جديد؟» فرد قائلاً: كيف كان مبارك القديم.. حتى لا يكون هناك مبارك جديد؟.. وأشار نور إلى سبع خطايا ارتكبها مبارك.. منها تقزيم مؤسسات الدولة.. وقلة الموهبة وقلة الإحساس بالآخرين.. والعناد والعزلة عن الشعب.. ورعاية غول الفساد.. وعدم الفصل بين العام والخاص.. وتوريث الحكم.. والإيمان - على غير طبيعته - بأنه زعيم.. وتقزيم الحياة السياسية. هذه هى خطايا مبارك التى شهدناها وعانينا منها على مدى سنوات طويلة.. بل ساهم البعض - من زبانية السلطة - فى صناعتها وصياغتها وحياكتها.. وصوروا له أنه زعيم عبقرى حتى يستحوذوا على كل المزايا والامتيازات الحرام.. من خلاله.. وحتى يستمروا فى استنزاف ونهب ثروات مصر.. لأطول فترة ممكنة.. ولكنهم دمروا الفرعون الذى صنعوه.. ودمروا أنفسهم، كما خرَّبوا مصر فى نهاية المطاف! وحتى نعيد تأصيل القضية.. فيجب أن نعترف بحقيقة تاريخية أزلية.. ألا وهى أننا مهد الفراعنة!! ومن هنا انطلقت صناعة كل الفراعنة.. عبر العصور!! كنا نعشق الحاكم الفرد الديكتاتور المستبد.. وارتبط الإنسان المصرى بهذا الحاكم.. حتى وصل إلى درجة الألوهية للأسف الشديد.. فى بعض العصور!! واستمرت هذه الممارسة الفرعونية الخاطئة على مدى قرون. ثم جاءت حركة الجيش عام 1952 لتكرس حكم العسكر.. وندخل فى دوامات الأزمات والحروب الإقليمية والخارجية.. دون دراسة أو وعى أو حساب دقيق لآثارها ونتائجها وعواقبها الكارثية.. بما فى ذلك حربى اليمن والكونغو ثم الحروب التى فرضت علينا خلال الخمسينيات والستينيات وانتهت بنكسة 1967.. هذه الحروب أكدت سلطة الحاكم الديكتاتور الذى كان يستغلها لصالحه.. بدعوى الدفاع عن الأمن القومى العربى والمصرى، كما كان الديكتاتور يستخدم هذه الأزمات والصراعات للإفلات من استحقاق الديمقراطية.. فيقال للشعب المصرى إن الوقت غير مناسب لسلوك هذا السبيل. وللأسف الشديد.. مازلنا نسمع من يردد هذه المقولة الفاسدة: لسنا مؤهلين للديمقراطية بعد!! وساهمت فى صناعة مبارك الديكتاتور.. وأمثال مبارك فى جميع أنحاء العالم.. قوى إقليمية ودولية.. تعاونت معه وساعدته على تكريس حكمه مقابل الاستحواذ على مصر كمنطقة نفوذ وعزبة خاصة.. تسليم مفتاح!! نعم لقد صنعت أمريكا وإسرائيل وكثير من الدول العربية المستبدة الديكتاتور السابق.. كما أنها على استعداد لصناعة أى ديكتاتور قادم.. من أجل استمرار نفوذها وسيطرتها على مصر.. والأهم من ذلك تحجيم دورها وتوجيهه نحو خدمة مصالحها وأهدافها الاستراتيجية. لذا فإن كل هذه الدول التى تدعى الديمقراطية ودعم ثورات الربيع العربى تكذب علينا وعلى العالم كله.. فهى فى الحقيقة لا تريد لنا الخير أو الديمقراطية أو حقوق الإنسان.. كما تدعى وتصدعنا وسائل الإعلام!! السؤال الأهم: كيف لا نسمح باستنساخ مبارك جديد؟! أولاً باستكمال ثورة يناير.. فهى لم تكتمل.. بل لا نبالغ إذا قلنا إن هناك محاولات سافرة وخطيرة لإجهاضها وإلغاء كل آثارها ومكتسباتها.. وهذا يصب فى مصلحة النظام البائد.. ويسهل عودة «مبارك جديد»! والثورة الحلم التى انطلقت من قلوب وعقول الشباب لم تحكم بعد.. كما قلت قبل شهور عديدة، بل قفزت عليها قوى وحركات وأحزاب لا علاقة لها بها، أما الثوار فقد تواروا وراء الكواليس.. ولم يتعد تمثيلهم 3% من البرلمان! وبعد استكمال الثورة.. يجب أن نسارع باستكمال مؤسسات الدولة (الرئاسة والدستور والحكومة والمحليات). هذه المؤسسات تمثل أركان الدولة الحديثة الناهضة.. ولا يمكن لمصر أن تتقدم دون بنائها على أسس سليمة وراسخة.. والأهم من ذلك تطهيرها من الفلول التى تعشش فى المحليات والوزارات وأغلب الأجهزة.. وتدير دفة الأمور ضد مصالح الشعب.. بدءاً من رؤساء الأحياء.. وحتى أعلى درجات السلم. وقد يستطيع موظف بسيط وغير رفيع إحداث تأثير أكبر من وزير أو مسئول كبير.. فهو يعوق العمل.. ويؤكد استمرار الفساد وممارسات الرشوة والبيروقراطية.. فنظل محلك سر.. بل إلى الخلف دُر!! بمعنى آخر.. يجب ألا نهمل تأثير هؤلاء الموظفين الفاسدين الصغار مكانه.. الكبار تأثيراً وفساداً. أيضاً يجب تفعيل دور أجهزة الرقابة والمحاسبة والمتابعة الشعبية والرسمية.. نعم هذه المؤسسات قائمة ولكنها بحاجة إلى تطوير وتشريعات جديدة تحدد مهامها ومسئولياتها بوضوح شديد.. حتى لو أدى ذلك إلى استقلالها عن البرلمان. وحتى لا يأتى مبارك جديد.. يجب أن نحدد صلاحياته وسلطاته - بمنتهى الدقة - فى الدستور الجديد. ومنها ندعو اللجنة التأسيسية للدستور إلى إفساح صدرها وقلبها لكل الآراء والاتجاهات وأن تستمع إلى الجميع.. وأن تضع مصلحة مصر أولاً.. وفوق كل الاعتبارات الحزبية والسياسية والعقائدية.. حتى يخرج لنا دستور متكامل يعيش بضعة عقود. رغم أننا على ثقة أن تطورات الزمن المتلاحقة سوف تجبر الأجيال القادمة على تغييره وفق الواقع المتجدد. ولعدم استنساخ أى فرعون جديد يجب أن نفصل تماماً بين سلطة المال وسلطة الرئيس.. حتى لو كان «الشاطر». فمكانة هذا المنصب وقدره من مكانة مصر وقدرها العظيم. ولو جاء الشاطر رئيساً.. يجب أن يترك تماماً كل أنشطته الاقتصادية والتجارية ويتفرغ لدوره كرئيس لمصر.. وهذه الرسالة موجهة للشاطر.. ولغير الشاطر!. أخيراً.. فإننا يجب أن نفتح أعيننا لتدخل القوى الإقليمية والدولية فى صناعة الرئيس القادم لمصر.. فهذه القوى تدرك قدر مصر وتريد أن يكون لها دور فى اختيار الرئيس القادم أو بناء علاقات قوية معه.. على أقل تقدير، وهنا نحذر من تسريب الأموال المشبوهة من الخارج إلى مرشحى الرئاسة. ولو حدث هذا يجب الإعلان عنه فوراً وبشفافية مطلقة.. واستبعاد هذا المرشح أياً كان. هذه هى روشتة بسيطة حتى لا يظهر لنا فرعون جديد.. فى أرض الفراعين!