بعد احتلال الأراضى العربية عام 1967، استهدفت سياسة الاستيطان تحقيق سيطرة إسرائيل على الأراضى وسرعة إحتلال المناطق الواقعة وراء خطوط الهدنة وإنشاء حزام أمنى جديد مع الاندماج السريع للمستوطنات فى المناطق المحتلة. فقد كان الهدف الإسرائيلى، ولا يزال، هو خلق أمر واقع على الأرض يحول دون انفصال الأراضى التى تستوطنها عن إسرائيل، على نحو ما اعترف به أحد موظفى وزارة الإسكان من أن صانعى القرار الإسرائيلى وجدوا أن الجنود يمكن تحريكهم أما المبانى فلا يمكن نقلها، فأنشأوا المستوطنات وبعدها اتخذوا سياستهم التوسعية. وفى دراسة للمدير السابق لمركز جافى للدراسات الاستراتيجية، جوزيف ألفير، حيث يصنّف هذا المفكر الإسرائيلى المستوطنات التى أقامتها الحكومة الإسرائيلية فى الضفة الغربية وقطاع غزة على النحو التالى: المستوطنات المقامة فى أماكن تعتبر تراثاً دينياً أو تاريخياً، ومنها مدينة الخليل، وكريات أربع، وقبر يوسف فى نابلس، ومستوطنات السلسلة الجبلية فى قضاء نابلس (مثل إيلون موريه). والمستوطنات التى أقيمت فى أماكن كانت فيها قبل عام 1948 : ومنها غوش عتسيون، وكفار داروم (فى قطاع غزة)، وبيت هعفرا (فى وادى عربه)، بالإضافة إلى مدينة الخليل. ومستوطنات الدفاع الإستراتيجى: وتشمل المنحدرات الشرقية لسلسلة جبال قضاء نابلس ووادى الأردن، وغوش قطيف (فى قطاع غزة). الأحزمة الأمنية الفرعية والتكتيكية: وتشمل منطقة القدس والممر المفضى إليها، ومنطقة اللطرون (عند مطار بن جوريون)، والمنطقة غربى قضاء نابلس (بهدف عزل وتفتيت التجمعات السكانية الفلسطينية). المستوطنات المقامة للسيطرة على مصادر المياه: وتشمل غربى قضاء نابلس، وغربى قضاء الخليل، ومنطقة جلبواع. والمستوطنات التى تستهدف تعديل خط الهدنة واستقامته (وخاصة منطقة غرب قضاء نابلس). هذا وقد اكتسبت السياسات الإسرائيلية الخاصة بإقامة المستوطنات فى الأراضى العربية المحتلة طابعاً شرساً مع تزايد الجهود الدولية الرامية إلى إقرار السلام العادل فى الشرق الأوسط وإنهاء النزاع العربى الإسرائيلى، وهو ما يعبر عن رغبة السلطات الإسرائيلية وتعنتها فى عرقلة تلك الجهود، وخلق أمر واقع جديد يخدم الأهداف التوسعية الاستيطانية الإسرائيلية على حساب شعوب الأقاليم الخاضعة للاحتلال العسكرى. فمن بين 79 مستوطنة أقيمت بالضفة الغربية حتى يوليو 1979 نجد أن 53 منها قد أقيمت فى الفترة بين عامى 1973 و 1979 منها 32 مستوطنة تمت إقامتها منذ عام 1977 حتى الآن. وقد بلغ عدد المستوطنات التى اقيمت بهضبة الجولان حتى الآن 129 مستوطنة وبقطاع غزة 275 مستوطنة وسيناء 18 مستوطنة. ولما كانت الأراضى الفلسطينية خاضعة شأنها شأن كافة الأراضى العربية لقانون الأرض العثمانى، فإن إسرائيل أبقت على هذا القانون سارى المفعول باعتباره يقسم الأراضى إلى تقسيمات سمحت للسلطات العسكرية بالسيطرة وفق تطلعاتها التاريخية والدينية، حيث إن القانون العثمانى الصادر عام 1858 ظل مطبقاً على الضفة الغربية رغم زواله بزوال الدولة العثمانية. وإستطاعت إسرائيل بعد ذلك ومن خلال الأوامر العسكرية الباطلة والجائرة أن تحرم الشعب الفلسطينى من الحماية القانونية التى يكفلها له القانون الدولى فى هذا الخصوص. ثم قامت السلطات الإسرائيلية بعد ذلك بإلغاء جميع القوانين الوطنية التى كانت سائدة فى فلسطين قبل احتلال عام 1948، وأحلت محلها تلك القوانين الإسرائيلية فى هذا الخصوص ودون نشرها حتى لا يثور ضد ظلمها الرأى العام الفلسطينى والعربى والعالمى، وذلك لما تنطوى عليه من مخالفة للحق الثابت لأصحابه ولقواعد القانون الدولى. كما أنه باستمرار تلك السياسة الإجرامية فقد ألغت إسرائيل أيضاً المحاكم الوطنية التى كانت عاملة بالضفة الغربية، ونقلت صلاحياتها إلى المحكمة العليا الإسرائيلية والتى انتهت فى هذا الشأن لقرار خطير تجلى فيه مدى مخالفته للقانون، حيث أعطى هذا القرار الحاكم العسكرى صلاحية إعلان أراضى الضفة الغربية أراضى بلدية أميرية بالاستيلاء عليها جملة واحدة، بعد أن كان الاستيلاء يتم فرادى من قبل طبقاً للقوانين سالفة الذكر.