ترى هل ينجح الفوز الكاسح الذى حظى به يوأخيم جاوك فى انتخابات الجمعية الاتحادية الألمانية ليكون رئيساً جديدًا للبلاد فى التخفيف من وقع الاستقالة التى تقدم بها الرئيس السابق كريستيان فولف والتى حدثت منذ ثلاثة أسابيع مضت بسبب اتهامه بالفساد وهو لم يمض فى منصبه سوى عشرين شهراً من مدة رئاسية تبلغ خمس سنوات. فقد تسبب هذا الأمر فى إصابة المجتمع الألمانى بحالة من الصدمة والحزن وخيبة الأمل لدرجة دفعت الأغلبية التى كانت تؤيده للمطالبة بمحاكمته وحرمانه من حقوقه المادية والمعنوية وتعد هذه الواقعة غير مسبوقة فى التاريخ الألمانى وقد سببت أيضاً حرجاً بالغاً لحزب ميركل «الائتلاف الحاكم» الذى قدم له الدعم ورشحه لشغل هذا المنصب فى انتخابات 2010 وهى خطوة قد تؤدى إلى تصدع حزب الأغلبية الحاكم وتحرمه من الفوز فى انتخابات 2013 لصالح أحزاب المعارضة التى سارعت لاستغلال الموقف وطرحت اسم مرشحها لشغل المنصب الرئاسى الشرفى وهو يوأخيم جاوك المنافس السابق والذى خسر بصعوبة أمام كريستيان فولف الرئيس المستقيل. وجاء طرح اسم القس يوأخيم (72 عاما) كمنقذ توافقى أجمعت عليه جميع الأحزاب لشغل هذا المنصب وقد حظى بنسبة 991 صوتاً من إجمالى 1228 صوتاً وهى نسبة غير مسبوقة واتضح ذلك فى كلمة التهنئة التى ألقتها المستشارة أنجيلا ميركل فى حفل تنصيبه ليكون الرئيس الحادى عشر لألمانيا والذى وصفته بأنه يوم جميل للديمقراطية، أما وزير الخارجية فيستر فيله قال «إن فوز جاوك بسيرته الذاتية عن الحرية يعد تشجيعاً للعديد من حركات التحرر فى العالم وإنه سيكون دعاية قوية لألمانيا عالميا» أما يوأخيم جاوك قال فى كلمته إنكم انتخبتم رئيساً لا يقوى على التفكير بدون فكرة الحرية. والمعروف أن يوأخيم كان قسيساً وناشطاً حقوقياً ومناهضاً للنظام الشيوعى و ناطقاً باسم المعارضة فى مدينة روستوك فى ألمانياالشرقية سابقاً وعن طفولته يسرد جاوك ذكرياته عن سجن والده لرفضه للممارسات القمعية للنظام الشيوعى الذى كان يحكم بلده وحرمانه من ممارسة العمل الصحفى الذى أحبه واتجاهه لدراسة علم اللاهوت المسيحى البروتستانتى ليصبح قسيساً ويهرب من رقابة جهاز أمن الدولة واستمر جاوك ينتقد الحكم الشيوعى ويطالب بالحرية من خلال خطبه فى الكنيسة حتى بعد انهيار النظام الشيوعى وقيام الوحدة الألمانية. وقد تولى تنفيذ قرار حل وزارة أمن الدولة وأصبح هو المسئول الأول عن حفظ وأرشفة كم هائل من الملفات والوثائق الشخصية لمئات آلاف من المواطنين. واستمر جاوك يدافع عن الحرية ورفض الانضمام لأى حزب وهذا جعله الأنسب لشغل منصب الرئاسة رغم صلاحياته المحدودة والتى تقتصر على الموافقة على بعض القوانين الصادرة عن الحكومة والبرلمان وكذلك العفو عن السجناء فى حين يحظر على الرئيس التدخل فى الحياة السياسية ويجب ألا يكون منتمياً لأى حزب ويواجه جاوك انتقادات بسبب حياته الخاصة وانفصاله عن زوجته والحياة مع صديقته منذ 11 عاماً بدون زواج بالإضافة لآرائه المناهضة للمهاجرين واعترافه بأنه من المستحيل دمجهم فى المجتمع الألمانى وهكذا فإن وجود شخصية بهذه الآراء الصريحة والاستقلال الفكرى والمواقف الحازمة ولاتنتمى لأى حزب قد تجعل منه شريكاً صعباً لحكومة ميركل قد يعرقل محاولاتها لمواجهة الأزمة الاقتصادية فى منطقة اليورو ويبرر تخوفها من دعمه فى الانتخابات السابقة.