يمكن أن تعتبر الفيلم الأمريكى «the descendants» أو «الأحفاد»، الذى أخرجه أليكس باين، تنويعة جديدة على أحد المحاور الأساسية فى سينما هوليوود وهو «الأسرة»، ويمكن أن تعتبر الفيلم المأخوذ عن رواية كتبتها «كاوى هارت هيمنجز»، مزيجاً بين الأفلام التى تنتقد التصدع الذى حدث فى الأسرة الأمريكية، وتلك الأفلام التى تدافع عن الأسرة وتعتبرها الثروة الحقيقية، وهكذا يعود للحلم الأمريكى جناحاه معا: حياة مادية ورفاهية اقتصادية جنباً إلى جنب مع أسرة متماسكة وقوية. مات كينج «جورج كلونى» بمعيار الحلم الأمريكى المادى شخصية سعيدة لأنه وريث أسرة ثرية يمتلك مئات الأفدنة فى هاواى، ولكنه بمعيار الأسرة الأمريكية التقليدية نموذج للتعاسة، زوجته إليزابيث التى توترت علاقتهما لسنوات دخلت فى غيبوبة طويلة بعد سقوطها إثر مغامرة أصرتّ عليها بقيادة أحد الزوارق، وابنته الصغيرة «سكوتى» أصبحت عدوانية وشرسة مع زميلاتها، والابنة المراهقة الأكبر «ألكسندرا» تعيش فى جزيرة أخرى للدراسة، لكنها أدمنت الخمور، وتكتشف فى حوار طويل مع والدها أنها اكتشفت خيانة الأم قبل الحادث، وأن هذا الاكتشاف هو الذى جعل الابنة مضطربة السلوك كلما انطلق «مات كينج» فى رحلته اكتشف واكتشفنا معه أن جمال الطبيعة فى هاواى تقابله تعاسة حقيقية يعانى منها هو وأسرته، تسير حياته فى ثلاثة اتجاهات: بيع 25 ألف فدان من الأرض التى أصبح وصياً عليها لصالحه ولصالح أولاد عمومته، وإبلاغ ابنته وصديقات وأصدقاء زوجته بأن أيامها معدودة، وأن الطبيب سينزع عنها الأجهزة الطبية، والبحث مع ابنته «ألكسندرا» عن عيشة الأم «برايان سبيرز» بمشاعر مختلفة تجمع بين الفضول والغضب، ثم الاستعانة به ليشهد الأيام الأخيرة للزوجة الخائنة التى تقترب من الموت، ومن خلال مشاهد متتالية تعتمد أساساً على الحوار، يستقصى الفيلم تفاصيل التفاصيل فى المشاعر الإنسانية من حيرة الزوج إلى غضبه إلى مشاعره الرحيمة فى سبيل اتمام اللحظات الأخيرة لزوجة خائنة إلى مشاكساته مع ابنتيه، ورغم أن الحادث الذى أدى إلى الغيبوبة فضح هشاشة الأسرة الأمريكية فإنه سيؤدى فى النهاية إلى التئامها، بل إن «مات كينج» سيتراجع عن فكرة بيع الأرض تماماً ربما لأنه أدرك أن الثروة المادية ليست كل شىء، وأن استعادة ابنتيه رغم فقدان الأم هو الكنز الحقيقى. نجح المخرج «أليكس باين»، الذى شارك أيضاً فى كتابة السيناريو فى تقديم فيلم متماسك ملىء بالمواقف الإنسانية المؤثرة، ورغم الاعتماد على الحوار، إلا أن البناء الجيد للشخصيات والمواقف وضبط إيقاع التمثيل لايمكن أن يجعلك تشعر بالملل، هناك أيضاً لمسات كوميدية رائعة تخرج من أكثر المواقف قسوة وحزناً بالإضافة إلى الأداء الرائع لجورج كلونى فى دور صعب يعتمد على المشاعر الداخلية، ومعه موهبة شابة هى «شايلين وودلى» فى دور الابنة الكسندرا و «باترشيا هاستى» التى لم تنطق بكلمة، والتى أمضت معظم مشاهدها على سرير الغيبوبة فى دور الزوجة إليزابيث كينج.