فى صلابة معتادة شرعت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل - الحائزة على لقب المرأة الحديدية لسنوات - فى البحث الفورى عن رئيس جديد لدولة ألمانيا الاتحادية ليكون خلفاً للرئيس المستقيل كريستيان فولف أصغر من تولى هذا المنصب وصاحب أيضاً أقصر فترة رئاسية والتى لم تتجاوز 15 شهراً لتبدأ النيابة العامة فوراً التحقيق معه حول صحة مانسب إليه من اتهامات ليضرب الشعب الألمانى و قياداته المثل على صحة المناخ الديمقراطى السائد فى دول العالم المتقدم الحر والذى يحرص على الأداء المثالى لأجهزته الحاكمة . ولهذا السبب أيضاً لم تحاول ميركل الدفاع عن اختيارها لفولف لكى يشغل هذا المنصب الشرفى الذى لا يتمتع بأية صلاحيات سوى مقابلة الوفود الرسمية و التصديق على القرارات التى تتخذها الحكومة لتكون محلا للتنفيذ وهذا يفسر مدى حرص ميركل على اختيار رئيس ينتمى لحزبها المسيحى الديمقراطى حتى لايكون عائقاً أمام الأداء الحكومى للائتلاف الحاكم والمكون من الحزبين الديمقراطى المسيحى و الليبيرالى أمام أحزاب المعارضة ولقد حرصت ميركل فى انتخابات الجمعية العمومية التى انعقدت فى صيف 2010 على تقديم الدعم لفولف ليفوز بصعوبة بمنصبه الرئاسى. كما حظى فولف بتأييد جماهيرى واسع فى عامه الأول بعد إلقائه لعدة خطب تنادى بوحدة الشعب الألمانى وسرعة دمج الألمان المسلمين فى المجتمع . ثم بدأت شعبيته فى الاهتزاز بعد أن نشرت صحيفة بيلد الألمانية تقريراً عن تلقيه قرضاً بشروط ميسرة مستغلاً علاقته برجال الأعمال لتمويل شراء منزله الريفى عندما كان رئيساً لولاية ساكسونيا السفلى. بالإضافه لقيام أحد أصدقائه بتمويل رحلته لإحدى الجزر وخلطه المصالح السياسية بالاقتصادية أثناء شغله لمنصب رئيس مجلس الإدارة فى شركة فولكس فاجن وإنه كان وراء شراء أسهم فى شركة بورش للسيارات ولصالح بنك (BW) الذى منحه القرض الميسّر والذى يبلغ 500 ألف يورو. ونظراً لتعدد الاتهامات فقد تقدمت النيابة العامة بطلب لرفع الحصانة عن الرئيس كريستيان فولف للتحقيق معه وهذا يعنى أن ما ارتكبه فولف قد يكون حقيقياً ويستحق العقاب. وتعد هذه الواقعة هى الأولى فى تاريخ ألمانيا التى يتنحى فيها رئيس البلاد بعد اتهامه بالفساد وفى محاولة لتحسين صورته أمام الشعب وقبل صدور قرار رفع الحصانة عنه قدم فولف استقالته من منصبه قائلاً: «إن ألمانيا فى حاجه لرئيس قادر على مواجهة التحديات داخل وخارج البلاد ويجب أن يتمتع بثقة الشعب كله». وأصدر الشعب الألمانى قراره فوراً بنسبة 78% والذى جاء عبر استطلاع للرأى أجرته صحيفة بيلد آم سونتاج الألمانية و يقضى بحرمان فولف من معاشه السنوى البالغ 200 ألف يورو، وقد حرصت ميركل على عدم تكرار هذا الخطأ ولم تنفرد باختيار الرئيس القادم للبلاد وسارعت باختيار شخصية توافقية تحظى بتأييد جميع الأحزاب معارضة وائتلاف ووقع اختيارهم على الناشط الحقوقى القس (يواخيم جاوك) 70 عاماً. وقالت عنه ميركل إنه صاحب فكر ومسئول من طراز فريد رغم اختلافها معه فى الماضى إلا أنه معلم للديمقراطية، لعل ميركل بهذه الكلمات تنجح فى استعادة شعبيتها التى تأثرت كثيراً بسبب دعمها للرئيس السابق فولف بعد أن كانت فى ارتفاع ملحوظ نتيجة لأدائها الخلاق لأزمة منطقة اليورو.