يعتصره الألم.. يكسره المرض.. يمزق قلبه الشاب الذى شاب قبل الأوان.. لم يتجاوز عمره السادسة والعشرين.. منذ جاء إلى الدنيا وهو يشعر بالمرارة وكأن كأس المرارة قد صب من أجله هو فقط.. ولكنها مشيئة الله عز وجل ولا راد لمشيئته.. وكانت أول شربة من هذا الكأس عندما تجرع اليتم من أول يوم من مولده فقد رحل والده عن الدنيا وهو مازال جنينا فى رحم أمه.. لم يكتب له أن يرى أباه ويشعر بحبه وحنانه.. مثل كل الأطفال.. وحاولت والدته المسكينة أن تعوضه عن حنان الأب بحنانها الفياض هو وأخوته الثلاثة الآخرين.. ولكن كان دائما يشعر بأن هناك شيئا ينقصه وله الحق كل الحق ولكنه مقدر ومكتوب.. كبر وترعرع وهو يشعر بالحرمان.. دخل المدرسة كى يتعلم كانت أمانيه وطموحاته كبيرة وبالرغم من شعوره بالمرض لم يكن هذا يثنيه عن الذهاب إلى المدرسة وإن كان الألم الذى يشعر به يفوق كل حد أول الأمر كان الألم بالصدر مع الاختناق وتحول لون الوجه إلى الإصفرار والشفاه إلى الزرقة.. كان كالأموات.. الأم ترى وتشعر أن هناك خطبًا ما وقلبها يتمزق عليه ولكن لا تدرى ماذا تفعل للصبى.. ولكن الأعراض تزايدت عليه.. وما باليد حيلة ونعم لا تملك شيئا ولكن استدانت وذهبت به إلى الطبيب.. عرف مرضه منذ الوهلة الأولى ولكنه يريد أن يتأكد.. حوله إلى المستشفى، وتم إجراء بعض التحاليل والفحوص وهنا أكد الطبيب للأم أن الابن مصاب بضيق بالصمام الميترالى للقلب وعليها أن تلاحظه وتعتنى به لم تتوان الأم فهو أصغر أبنائها وأضعفهم.. ومرت السنوات بحولها ومرها وإن كان المر أكثر بكثير.. وإن لم تكن كلها مراً.. شعر أحمد وهو مازال صبيا بآلام فى ساقه اليسرى وكأن عظامها تفتت.. كانت شدة الآلام توقظه فى الليل وتعكر عليه يومه.. لم تجد - معه المسكنات التى وصفها له الطبيب.. والتى تتناسب مع مرض قلبه.. ولكن لاحظ الابن ولاحظت معه الأم أن شكل الساق بدأ يختلف ويظهر بها تورم.. طلب الطبيب بعض التحاليل.. لم يستطع أن يخبر الأم كفاها ما هى فيه، ولكنه حولها إلى المستشفى الذى أجرت له أشعة وفحوصات كثيرة وأخبرت الأم بأن الابن مصاب بسرطان بعظام الساق ويحتاج إلى جراحة لبترها وهنا حول أحمد إلى المعهد القومى للأورام وجاءت الأم وابنها فى رحلة عذاب لا يعلمها إلا الله كيف بدأت ومتى ستنتهى.. ودخل الابن الذى لم يكن قد تجاوز الرابعة عشرة حجرة العمليات ليخرج وقد بترت ساقه إلى ما فوق الركبة وشعر بالمأساة كيف سيعيش ويتحرك.. حمدت الأم ربها أنه حافظ على صغيرها ويكفى أنه خرج من غرفة العمليات بخير.. ظل يتردد على المعهد ليتلقى العلاج الكيماوى والإشعاعى وبعد مرور فترة من الزمان عاد إلى سكن أسرته ولكنه كان عليه أن يقوم برحلة إلى المعهد شهريا لمتابعة الحالة، ولكنه بدأ يشعر بآلام فى صدره حتى أنه أصبح غير قادر على مواصلة الكلام عندما يبدأ فيه.. وكانت الصدمة التى جعلت الأم تكاد تشعر بأن قلبها سيتوقف أن مرض السرطان اللعين قد انتشر فى رئته وعليه أن يبدأ رحلة علاج مرة ثانية خوفا من أن يصيب جزءًا آخر فى الجسم النحيل الذى أصبح غير قادر على تحمل مرض السرطان والقلب الذى أصابه الإجهاد وتحول ضيق الصمام إلى ارتجاع وكان على الأسرة أن تحمله من مدينته الساحلية إلى القاهرة لتلقى العلاج ولكن الحالة المادية صعبة للغاية واستطاعت الأسرة الصمود للمحنة سنوات عدة بفضل أهل الخير ولكن بسبب الارتفاع الشديد فى الأسعار وغلاء المعيشة أصبحت الأم وابنها فى مهب الريح، خاصة بعد زواج الأخوة وكل منهم انشغل بحياته ولقمة العيش والأطفال، فهل يجد أحمد من يساعده؟ من يرغب يتصل بصفحة مواقف إنسانية.