أغنية ليلى مراد (يا رايحين للنبى الغالى هنيالكم وعقبالى) عندما تقع على مسمعى وترددها فالعين تدمع والقلب يخشع والروح تهفو لزيارة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، فتذكرنا هذه الأغنية بأفضل الأيام التى بها نفحات الخير التى تتدفق للقلوب فترويها بالإيمان وتهب علينا النفحات الإلهية فى يوم الحج الأكبر بأعظم أيام شهدتها الدنيا هو يوم عرفة لتغسل ما علق بالقلوب من الشهوات والشبهات وتحررها من سلطان الجسد، إنها الأيام التى أقسم الله بها فى قوله تعالى: وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2) وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (3) وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ (4) هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ (5) «رقم الآية 1 - 5»، كما أن بها يوم النحر العظيم الذى وصفه رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم:(أعظم الأيام عند الله يوم النحر).. تأتى هذه الأيام لتحفظ للقلوب حضورها مع الله وتشعرها بدوام الحب ولذة القرب منه، ويشعر الإنسام بجلال النظر إلى الله سبحانه وتعالى، ولك أن تتصور عملاً يؤدى بدافع الحب يتمنى فيه المرء لحظة القرب من الله، فكيف يكون شأن هذا العمل لا بد أن يكون خالصا لله صالحا ونواياه صادقة لأن دافعه حب الله والغاية فيه طلب رضوانه وعفوه، لأن العمل الصالح يمثل منظومة متكاملة تبدأ من القلب وعمله فى سجوده وركوعه ليثمر عبادة متكاملة تشمل أعمال الدنيا والآخرة، أما من كتب عليهم الحج فلهم حظ سعيد لهذا الموقف العظيم ليتذكروا وليستحضروا عظمته وقوته وهنيالهم لأنهم لبوا نداء الله تعالى فى قوله وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ «رقم الآية 27»، فهذه هى رحلة لعبادة الرحمن وتدريب على المنهج المستقيم الذى وضعه، لأن الله يريد منهم أن يرتفعوا فوق كل خطاياهم فى هذه الأيام المعدودة ويلتزمون بالمنهج المستقيم الذى وضعه الله فى رحلة الحج، فيرجع منها كمن ولدته أمه. ولنتذكر هذه الأيام المباركة بأن الأمم لا تخلق بالأوهام ولا تبنى بالأمانى، بل بالأعمال الصالحات، ويجب علينا جميعاً الآن أن نكون شعبا واحدا لوطن واحد حكومة وشعبا كالجسد والروح، فلا نريد أن نفرق بين الجسد والروح، ويوم أن يعرف كل أمرئ ما له وما عليه بأمانة ويؤديه بثقة وإخلاص فإننا سنصل إلى غايتنا، لأن الأمم لا تخلق بالخيال وأنك إذا أردت أن تبنى قصرا شاهقا فإنك تأتى بأقوى ما فى الأرض من مواد حتى يتم البناء، كذلك تبنى الأمم بالأعمال والإخلاص، وفى بيوتنا الشرقية لا إخلاص دون عقيدة ويوم تتوافق مصر كله حكومة وشعبًا بكل طوائفها على أن العقيدة والإخلاص والقيم لرفيعة والتقاليد الراشدة والعمل الصالح. كلها أدوات شرايين الحياة فى كيان جسد الأمة، لأننا نمر بوقت عصيب نريد أن نتكاتف لننطلق لبناء جديد لهذا الوطن، فإذا اجتمعت كل هذه العوامل فإننا واصلون لغايتنا فى أقرب وقت، والكل يتساءل: كم من الزمن يحتاج إليه هذا التغيير، ولأننا نعلم أن الزمن جزء من العلاج يداوى الجروح لأنه من المستحيل أن نصل إلى مبتغانا وغايتنا بين عشية وضحاها، ولكن الإخلاص فى النمو أولاً والعمل المخلص ثانيا الإيمان بالله والثقة بأنفسنا وبمن حولنا فيحنئذ سنجد الزمن الذى نحتاج إليه يرجع طوله أو قصره إلى مقدار الجهد الذى نبذله لهذه الأمة مجتمعين على قلب رجل واحد لكى نصل إلى بر الأمان ولندعو فى هذه الأيام المجيدة أن تهل علينا بأنوار الهداية متمنين زيارة بيت الله الحرام وزيارة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، وكل عام ومصر والمصريين جميعهم بخير وسلام.