بعد نجاح صفقة تبادل شاليط بأكثر من 1000 أسير فلسطينى تسابقت فضائيات قطر وتركيا وألمانيا وإيران إلى إسناد هذا النجاح لأجهزة مخابراتها وتجاهل اسم مصر بقصد أو بدون قصد، لطمس أو التقليل من دورها فى الصفقة وكانت المفاجأة عندما وجه خالد مشعل رئيس المكتب السياسى لحركة حماس الشكر للقيادة المصرية والمجلس العسكرى والمخابرات العامة مضيفًا أنه لولا الرعاية الكاملة التى أولاها رئيس جهاز المخابرات ما نجحت الصفقة . هذا وقد أكدت مصادر مطلعة أن رجال المخابرات المصرية نجحوا فى لم شمل قادة حماس وجنرالات إسرائيل والاتفاق على صفقة تبادل الأسرى بعيدًا عن أجهزة الإعلام. ومن المفاجآت أيضًا أنه بعد نجاح الصفقة طلبت المخابرات المصرية من خالد مشعل عدم الإعلان عن الصفقة فى القاهرة والذى استجاب على الفور، وقام بالإعلان عنها من دمشق وقد أكدت مصادر مطلعة أيضًا أن صفقة تبادل الأسرى شملت 1000 أسير و27 مناضلة فى سجون إسرائيل؛ وذلك على دفعتين الأولى 450 أسيرًا ثم تسليم جلعاط شاليط الأسير الإسرائيلى إلى القيادة المصرية، وبعد شهرين يتم تسليم 550 أسيرًا فلسطينيًا برعاية مصرية أمريكية، وعلى عكس ما رددته وسائل الإعلام بأنه سيتم الإفراج عن أحمد سعدات أمين الحركة الشعبية لتحرير فلسطين، ومروان البرغوثى أمين حركة فتح فقد أكدت نفس المصادر أنهما لن يخرجا ضمن الصفقة. وفى نفس السياق كشف د.طارق فهمى- رئيس وحدة الدراسات الإسرائيلية بمركز دراسات الشرق الأوسط النقاب عن اهم الاسرار التى احاطت بصفقة تبادل الأسرى الفلسطينيين مع الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط وهى أنه فى اللحظات الاخيرة لإتمام الصفقة كان هناك مساع من قبل اطراف خارجية تريد إفشال الصفقة وبالتحديد قطر وسوريا وإيران ولكن بالجهود المصرية التى بذلت مع الطرف الفلسطينى والإسرائيلى استطاعت مصر أن تفشل تلك المساعى . وأوضح أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أبدى مرونة كبيرة فى إتمام الصفقة بسبب الضغوط الداخلية الكثيرة التي يتعرض لها من قبل قوى سياسية إسرائيلية كثيرة، متمثلة في رئيس الكنيست ورئيس جهاز الأمن الداخلي من أجل استكمال الصفقة واسترجاع شاليط، إضافة إلى رغبته في تحقيق أى انتصار على الساحة السياسية الداخلية، ورفع شعبيته التى تراجعت فى الآونة الأخيرة خاصة بعد ثورة الخيام، والتهديد من قبل حزب الاتحاد القومى بحل الائتلاف مع الحكومة, وإحراج نتنياهو في حالة عدم إتمام الصفقة. واشار رئيس وحدة الدراسات الإسرائيلية إلى انه أثناء التوقيع على صفقة شاليط تم الاتفاق على ادخال كتيبة مصرية الى طابا المصرية لتنضم الى باقى الكتائب الموجودة وذلك تاكيدا على ان إسرائيل تستجيب للمطالب الامنية المصرية وتريد تحسين الاجواء وفتح صفحة جديدة فى العلاقات بين البلدين . أما بالنسبة للمرونة التى أبدتها حماس في إتمام الصفقة، فأرجعها فهمي إلى: أولا: رغبتها الشديدة في أن تكون شريكاً وصانعاً للسياسات الفلسطينية, خاصة بعد أن خطفت منظمة التحرير الفلسطينية الأضواء بخطاب أبو مازن الشهير في الأممالمتحدة وثانياً: بسبب الاتصالات المباشرة بين حماس و المخابرات المصرية التى اسفرت عن تقديم مصر بعض الامتيازات لحماس والتى تتمثل: فى اولا رفع القيود الامنية لحركة حماس فى مصر وثانيا السماح ببث القنوات التابعة لحركة حماس وانشاء مكتب لها فى مصر وثالثا عدم الهجوم الإعلامى لحركة حماس واشراكهم فى كل مراحل التفاوض مع الجانب الإسرائيلى الأمر الذى وافق علية الرئيس محمود عباس، وبذلك نجحت مصر فى إنجاح الصفقة و فى تقريب وجهات النظر بين حركتى فتح وحماس. ونفى فهمى وجود أى دور لتركيا أو ألمانيا فى اتمام هذة الصفقة مؤكداً أن نجاح صفقة شاليط يرجع بشكل كبير للواء مراد موافي رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية، وأن موافي هو المهندس الحقيقي للصفقة الذي قام للمرة الأولى بإجراء اتصالات مع جميع أطراف الأزمة بنفسه، مضيفاً ان مصر رفضت إدخال أى أسير مصرى أو غير مصرى فى هذه الصفقة وذلك لعدم خلط الأوراق وذلك لأن مصر كانت حريصة على نجاح الصفقة. وفى السياق ذاته أكد السفير محمد صبيح - الأمين العام المساعد لشئون فلسطين والأراضى العربية المحتلة في الجامعة الدول العربية - أن هذه الصفقة تكتسب أهمية خاصة، لأنه بموجبها سيتم الإفراج عن أكثر من ألف أسير من ضمنهم أسرى قدامى ونساء ومرضى ومن يقضون أحكاماً عالية جداًّ منذ عام 1967 في سجون. ووجه صبيح الشكر والتقدير لمصر لجهدها الكبير في إتمام هذه الصفقة، ومن جانبه أشاد الوزير حسن عصفور- وزير شئون المنظمات الأهلية في السلطة الوطنية الفلسطينية سابقاً- بالجهود المصرية التى بذلت من اجل التوصل لاتفاق على صفقة تبادل الاسرى بين حركة حماس و اسرائيل التي طال عمرها أكثر من سنوات و اشتهرت بصفقة شاليط. وقال إن الدور الكبير الذى قامت به مصر ونجاحها فى اتمام الصفقة احبط بعض الدول العربية التى كانت تتوقع ان تفشل مصر فى اتمام هذه الصفقة الهامة والتى ستكون حدثاً بارزاً خلال الفترة المقبلة. وفى الوقت الذى يهنئ الوزير عصفور الشعب الفلسطينى بما تم إنجازه طالب الشعب الفلسطينى بضرورة التفكير في بعض جوانب تلك الصفقة التي يجب الا تغيب تحت أقدام الفرحة ومشاهد الاحتفالات، أولها: موافقة حماس على عدم اطلاق سراح قيادات ذات مكانة سياسية وكفاحية خاصة رغم اصرارها عليهم فى وقت سابق ومن أهمهم المناضل أحمد سعدات الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والمناضل مروان البرغوثي عضو مركزية فتح، وعدد من أبرز قادة القسام في الضفة الغربية منهم عبدالله البرغوثي وعباس السيد وجمال أبو الهيجاء، ،الأمر الذى يدل على أن هناك بعض الأمور التى تم الاتفاق عليها بين الجانبين لم يتم الكشف عنها. وطالب حركة حماس بان تكون أكثر شفافية في تقديم الصفقة وأن تشرحها بشكل حقيقى ولا تكتفي بالعموميات المفرحة فقط، ولعل الصراحة في هذه الحالة أكثر إيجاباً من ترك الغموض سيد الموقف، فهذا الأسلوب لم يعد مفيداً أبداً خاصة أن الطرف الإسرائيلي سيقدم على كشف تفاصيل الصفقة، ليبدو أنه حقق ما يريد منها وأنه أجبر حماس على التنازلات فى الأسماء وشروط الإفراج ومكان الإقامة وهي قضايا حساسة جدا لأهل الأسرى وأهل فلسطين.