ليت الأزهر الشريف لم يعترض علي عرض مسلسل الحسن والحسين ومعاوية، يعرض علي الشعب المصري ويشاهده من خلال القنوات الأرضية، حتى يراجع موقفه من فكرة ظهور الصحابة في الأعمال الفنية! أقول ذلك وقد سبق أن كتبت في هذا الموضوع قبل عرضه ، وكنت قد طالبت الأزهر بأن يكون موقفه مغايرا ، حتى يحمي المشاهد مما يمكن أن يتضمنه العمل الفني من أخطاء تاريخية أو دينية ، أما وقد عرض المسلسل بالفعل وعلي الرغم من انه كما توقعت به العديد من الأخطاء ، إضافة للموقف السياسي الذي يتخذه إلي جانب معاوية ، وهو موقف تقليدي للفن السوري مع أي عمل يمت للأمويين بصلة ، فقد كان الأحرى أن يراجعه الأزهر فيحد دون وقوع تلك الأخطاء ! علي الرغم من كل هذا فإن للمسلسل جانبا آخر ، هو الذي كنت أتمني أن يشاهده المصريون وهم مقبلون علي تجربتهم الديمقراطية الجديدة وتتربص بهم العديد من القوى التي تدعي أن الخلاص جاء علي يديها لهذا المجتمع بإقامة الدولة الإسلامية في مصر ، مدعين أن إقامة الحكم الإسلامي هو الخلاص من كل المشاكل ، وهو الطريق إلي الجنة ! كنت أتمني أن يشاهد المسلمون كيف قتل كبار الصحابة في صدر الإسلام،ولم يكن قد مضى علي وفاة الرسول صلي الله عليه وسلم سوى سنوات قليلة ! وكيف تقاتلت فرق المسلمين وانقسمت من أجل الاستحواذ علي الحكم ،وكل منها تدعي أنها تعلي كلمة الإسلام ! وكيف ظل الصراع علي السلطة ليس منذ عهد خليفة المسلمين علي بن أبي طالب فقط الذي تناوله المسلسل ، ولكن علي مدى حكم الخلفاء الراشدين الأربعة كلها ، والذين انتهت حياتهم جميعا بالقتل ، رغم كونهم من صحابة رسول الله ! نحن أحوج ما نكون في مثل هذا الوقت إلي إعلاء صوت العقل ، والمطالبة بحكم رشيد يعلي من قيم الحق والعدل والمساواة، دون التمسح في الدين، واستخدامه مطية للوصول إلي الحكم ، ثم البقاء فيه ، والتنكيل باسمه والدين منهم براء ! الغالبية العظمى من الناس لا تقرأ التاريخ ، ولا تتأمل في أحداثه ، التي وإن لن تتكرر ، لكنها علي الأقل تعلمنا دروسا يجتهد الكثيرون حتى لا نتعلمها ولا نفهما!