أحيا مسلسل "الحسن والحسين ومعاوية" الجدل حول تصوير الأنبياء وصحابة الرسول وآل البيت الذي رفضه الأزهر خصوصا بينما أجاز عدد كبير من رجال الدين عرضه. ويلقي المسلسل وهو من اخراج لعبد الباري ابو الخير وتأليف وسيناريو محمد السيادي، الضوء على "الفتنة الكبرى" عبر تصوير حياة حفيدي النبي محمد الحسن والحسين ودورهما في الدفاع عن الخليفة عثمان بن عفان ومساندة والدهما علي بن ابي طالب. والفتنة الكبرى من أهم الأحداث التي أثرت في مسار التاريخ العربي الإسلامي عندما احتج أهل مصر والعراق خصوصا على حكم الولاة الذين عينهم ثالث الخلفاء الراشدين عثمان بن عفان نتيجة فسادهم ونهب ثروات البلاد والضرائب التي قاموا بفرضها. وادت هذه الفتنة الى تمزيق المسلمين الى ثلاثة اتجاهات رئيسية هي السنة والشيعة والخوارج. ويعرض العمل الذي بلغت كلفة إنتاجه ثلاثة ملايين دولار كما قالت الشركة المنتجة، أيضا قصة تنازل الحسن عن الخلافة لإحلال السلام بين المسلمين وتوحيد الأمة الإسلامية. وهذا المسلسل هو الأول الذي يصور "آل البيت" على شاشات التلفزيون منذ تسعين عاما عندما رفض الأزهر ان يؤدي الفنان المصري الراحل يوسف وهبة شخصية الرسول في فيلم تركي في العشرينات من القرن الماضي. وعارض الازهر على الفور عرض المسلسل على شاشات التلفزيون في مصر وكان اول من طالب بمنع بثه حتى على قنوات فضائية تستخدم الأراضي المصرية والقمر الصناعي المصري. ومن هذه القنوات المقصودة ضمنا روتانا خليجية التي ستقوم ببث المسلسل خلال رمضان الى جانب عشرة قنوات فضائية عربية. وقال امين عام مجمع البحوث الإسلامية علي عبد الباقي في تصريحات ان "الازهر يرفض عرض مسلسل الحسن والحسين استنادا لقرار مجمع البحوث الإسلامية الذي يحرم ظهور الأنبياء والصحابة وال البيت في الأعمال الدرامية". وأضاف أن "المجمع يرفض ظهور الإمامين الحسن والحسين رضي الله عنهما بشخصهما في الأعمال الدرامية". وتابع "أرسلنا مذكرة إلى وزير الإعلام تطالب بمنع عرض المسلسل لعدم حصوله على موافقة مجمع البحوث الإسلامية كما ينص القانون". ورفضت نقابة الأشراف التي تضم كل من ينتمون بنسب الدم الى العائلة الهاشمية وخصوصا احفاد الرسول من ابنته فاطمة، أيضا عرض المسلسل. وقال نقيب الأشراف محمود الشريف "نحذر من خطورة عرضه وتجسيد شخصية سبطي الرسول". وأضاف "لن نقف مكتوفي الأيدي حيال بعض الفضائيات التي ستقوم ببث المسلسل الذي يعالج أكثر الفترات والمراحل خطورة في تاريخ المسلمين يمتد تأثيرها حتى اليوم". وشدد على ضرورة "عرض المسلسل على مجمع البحوث الإسلامية والمؤسسات الدينية لإبداء الرأي الشرعي فيه وحتى لا تكون هناك تجاوزات او مخالفات بالعمل الدرامي قد تؤدى إلى حدوث بلبلة وفتنة بين المسلمين خصوصا في مثل هذا العمل الحساس". من جهته، قال عبد الباقي ان "موضوع المسلسل طرح على الأزهر للمرة الأولى قبل ثلاث سنوات عندما ارسل وزير الإعلام حينذاك انس الفقي يستوضح رأي الأزهر بشان مشاركة التلفزيون المصري في إنتاجه". وأضاف "أبلغناهم برفض المسلسل من الأساس لان هناك قرارا من المجمع يحرم تصوير او تجسيد الأنبياء وال البيت والعشرة المبشرين بالجنة بما في ذلك شخصية الحسن والحسين كونهما من أهل البيت". في المقابل أجاز قاضي القضاة الأردني احمد هليل تصوير المسلسل في الأردن. وعلى أساس هذه الموافقة، منحت نقابة الفنانين الأردنية تصاريح لفريق العمل لتصوير أحداث المسلسل في الأردن. كما صورت مشاهد في دول أخرى من بينها سورية والمغرب ولبنان والإمارات العربية المتحدة. واجاز رجال دين آخرون تصوير المسلسل وعرضه، بينهم الدعاة المصري القطري يوسف القرضاوي والسعودي سلمان العودة ووزير الأوقاف اليمني الشيخ حمود الهتار وعضو هيئة التدريس بكلية الشريعة بالقصيم خالد بن عبد الله. كما وافق على تصوير وعرض المسلسل ايضا عدد من المشايخ السعوديين بينهم عبد الوهاب الطريري وعبد الله الطريقي وقاضي المحكمة العامة بمكة المكرمة هاني الجبير وقطاع الإفتاء والبحوث الشرعية ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في الكويت والشريف حسن الحسيني خادم تراث آل البيت في البحرين. ويبدو ان مبادرة الإيرانيين بتجسيد شخصيتي السيدة مريم العذراء والنبي يوسف عليه السلام في مسلسل، شجع الكثير من رجال الدين على التمرد على قرار الأزهر والموافقة على تصوير "الحسن والحسين ومعاوية". وكان الازهر فرض قبل سبع سنوات تقريبا منع عرض فيلم كرتوني للسيرة النبوية ويصور العديد من الصحابة الذين وقفوا الى جانب الرسول في حياته وفي دعوته لنشر الدين الاسلامي وذلك بسبب ظهور هذه الشخصيات في الفيلم. وقد اضطرت الشركة المنتجة الى حذف مشاهد واستبدال شخصيات برموز لها مثل سيف علي بن ابي طالب. وتجاوز المخرج السينمائي السوري الراحل مصطفى العقاد هذا المنع حيث قام بتصوير شخصية "سيد الشهداء" حمزة عم الرسول في فيلمه الرسالة. ولعب الفنان العالمي انطوني كوين الدور في النسخة الإنجليزية والفنان المصري الراحل عبد الله غيث في النسخة العربية.