أعتقد أنه آن الأوان أن يراجع الأزهر الشريف موقفه تجاه الأعمال الدينية والتاريخية التى تجسد صور الصحابة وآل البيت، بعد أن سبق تقديم مثل تلك الأعمال ولاقت نجاحا وقبولا لدى جموع المسلمين فى شتى الدول الإسلامية، ومن بينها مصر! فالحقيقة التى قد لا يعلمها البعض، أن قرار الأزهر الذى صدر عام 1926، بمنع ظهور الأنبياء على الشاشة الفضية كانت له مناسبته، وهى إعلان فنان الشعب يوسف وهبى عن نيته تقديم فيلم سينمائى بعنوان «النبى» يؤدى هو فيه دور الرسول ?، وهو ما أثار ثائرة الأزهر فى ذلك الوقت، الذى أصدر بناء عليه قراره السابق الذكر! لكن مع مرور السنوات الطويلة، والعقود التى اقتربت من قرن، تغيرت الدنيا من حولنا، فشاهد العالم كله فيلم «الرسالة»، ولم يره الشعب المصرى على الرغم من قيمته الفنية والدينية الكبيرة، بل لقد شارك فيه فنانون مصريون كبار، لكن كل هذا لم يشفع لفيلم عالمى قيم كهذا! شاهد العالم كله أيضا فيلم «الوصايا العشر»، عن قصة سيدنا موسى عليه السلام، ولم يشاهده حتى الآن أهل المحروسة إلا قلة منهم، على الرغم من القيمة الكبيرة للفيلم! ثم عرض فيلم المسيح منذ سنوات قليلة، وشاهده العالم كله، وسمح أيضا بعرضه فى مصر واعتبره الكثيرين نقلة كبيرة فى حرية المشاهدة! وأخيرا ومنذ عام تقريبا قدمت إيران مسلسل «يوسف الصديق»، وهو ملىءبالأخطاء التاريخية والدينية أيضا، وعلى الرغم من ذلك شاهده كل العالم الإسلامى والعربى، بل وأعجبوا به! إذن نحن أمام معضلة! فالقرار الذى يتمسك به الأزهر صدر من سنوات طويلة، تغيرت فيها الدنيا، والأعمال تعرض فى كل الأحوال وعلى قنوات كثيرة، فالتلفزيون المصرى والسينما المصرية ليسا هما الوحيدان اللذان يقدمان أعمالا فنية، وأصبح الأزهر بهذا الموقف يساهم فى عرض أعمال ربما تحمل فى طياتها أخطاء أو خروجًا على الحقيقة، ليكون بذلك مساهما فى تكريس مثل تلك الأخطاء، خاصة أن الكثير من الشباب أصبح يعتمد على الأعمال الفنية والانترنت! إن لجوء الأزهر إلى القضاء لمنع عرض مثل تلك الأعمال، ليس هو الحل الناجع لهذه القضية، لكن المطلوب مراجعة موقفه، ومسايرة الزمن بما لا يتعارض مع صحيح الدين، فبسطاء المسلمين فى حاجة إلى استنارة الأزهر وليس إلى تشدده!