إنها ليست أسرة عادية فهى التى حكمت مصر لمدة 30 عامًا أذاقوا الشعب فيها ألوانا من الظلم والفساد لذلك فإن الاهتمام بمتابعة محاكمتهم أمر طبيعى.. إنها أسرة الرئيس السابق حسنى مبارك الذى ظهر للمرة الأولى على شاشات التليفزيون المصرى منذ القائه خطاب تفويض صلاحياته إلى نائبه عمر سليمان فى (10 فبراير الماضى) لكنه ظهر هذه المرة فى قفص الاتهام كمتهم أول. فالمواطنون كانوا متشوقين لرؤيته داخل القفص هو ونجليه علاء وجمال ووزير داخليته حبيب العادلى وقد قوبلت حركات وأفعال مبارك داخل القفص بكثير من التعليقات. «أكتوبر» استطلعت آراء خبراء الطب النفسى ليشرحوا ويفسروا تلك الاشارات والحركات التى فعلها مبارك وأولاده داخل القفص فلكل حركة دلاله نفسية. فى تحليل شخصية مبارك قال د. على إسماعيل استاذ الطب النفسى بجامعة الأزهر: إن شخصية مبارك تتسم بالعناد الشديد لأنه فيما يبدو لم يسمع كلام محاميه فريد الديب الذى استخدم الجانب العاطفى لاستمالة الناس والتعاطف معه من خلال شائعاته المتكررة فى الفترة الأخيرة بأنه يعانى من جملة أمراض لن تساعده على حضور المحاكمة وأنه يعانى من اكتئاب شديد بهدف إثارة الرأى العام ومحاولة تغيير نظرة المجتمع له لينظروا إلى مبارك على أنه أب لا تجوز محاكمته على الاقل لسنه أو لمرضه ويبدو أن مبارك لم يستمع إلى الديب وتعامل بثقة زائدة على أساس أنه لا يتأثر بما يدور حوله مهما كان، ولهذا فإن شخصية مبارك الأصلية غلبت عليه أثناء المحاكمة ولم يستطع تنفيذ ما تم الاتفاق عليه، ويوجد تحليل آخر لشخصية مبارك وهو أنه لم يكن يعلم أى شىء عن الجلسات بمعنى أن يكون المحامى قد أخفى عنه بعض أمور الجلسة وما ينبغى أن يتم فظهر بشخصيته العنيدة. أنف الرئيس المخلوع/U/ وعن حركة مبارك الزائدة خلال الجلسات والتى لفتت انتباه الجميع خصوصا حركة وضع يده على أنفه أكثر من مرة يقول د. محمد المهدى رئيس قسم الطب النفسى بجامعة الأزهر: حركة مبارك الكثيرة على أنفه ووجهه دلالة على الخجل والارتباك والكذب. بينما قال الدكتور على إسماعيل: إنها دليل على التوتر والقلق وليس الاكتئاب - كما ادعى البعض - وما فعله الرئيس بوضع يده على أنفه بشكل متكرر هى حركة طبيعية جدا لأن مدة المحاكمة استمرت أكثر من 5 ساعات وهى فترة طويلة بالنسبة له فاذا فعل هذه الحركة كل نصف ساعة فهى قليلة لكن مبارك تمتع بدرجة كبيرة من الثبات الانفعالى داخل القفص واستطاع ان يتحكم فى تعبيرات وجهه وحركته وقد فوجئنا بذلك. أوضح د. على إسماعيل أن مبارك أراد أن يوصل رسالة إلى جميع المصريين بأنه مازال قويا ومتماسكا وليس منهارا كما تصور البعض أو حاولوا تسويق ذلك. وهذا ما وضح بشدة من خلال مظهره العام وملابسه فهو يعلم أنه لم يظهر بالاعلام منذ 6 أشهر وأيقن أن كل الناس متشوقة لمشاهدته فى القفص فاهتم جدا بشكل ملابسه وأراد أن يؤكد أنه أقوى من الأحداث وأقوى من الحبس والمرض والمحاكمة وكل ما تعرض له فى الفترة الأخيرة. ويبدو أن شخصية مبارك من النوع الذى لا يتنازل بسهولة. وهذه الرسالة التى أراد أن يرسلها مبارك إلى الشعب قد تكون مقصودة أو غير مقصودة. ونمط هذه الشخصية هو الطفل الذى يريد أن يقول «محدش أقوى منى». غير مكتئب/U/ وقال الدكتور على إسماعيل بأن الرئيس المخلوع لا يعانى من الاكتئاب. وقال إن طبيعة شخصية مبارك لا تجعله يعانى من الاكتئاب فهو ليس لديه إحساس بالذنب عما ارتكبه بل لديه شعور بأنه خدع وهذه الحالة النفسية اسمها «الإسقاط» بمعنى أنه يسقط كل المشكلات والجرائم على الآخرين مثل جمال وعلاء وسوزان وجميع حاشيته واذا قدر له ان يتحدث سيبرئ نفسه تماما وسيلقى بالمسئولية على الآخرين. وأصحاب شخصية الاسقاط ليس لديهم أى إحساس بالذنب وبالتالى لن يكتئب لكن سيصاب بالقلق لأنه شخص معرض للحكم بالإعدام وهو ما جعله قلقا بعض الشىء أثناء المحاكمة. أما كل الحركات التى فعلها أثناء الجلسات فتشير إلى أنه لا يعانى من الاكتئاب أبدا ولايوجد لديه أى إحساس إنسانى بالآخرين. وأضاف الدكتور إسماعيل ان علامات الاكتئاب هى أن يكون صوت الشخص المكتئب منخفضا تماما وبه نبرة حزن وضعف، ويظهر على وجهه علامة طولية بمقدمة الجبين وهذه العلامة تدل على تهدل الوجه ومن علامات الاكتئاب أيضا أن يميل لون الشخص إلى اللون الأسود أو أن تشعر بأن لونه الطبيعى تغير. المكتئب شخص لا يهتم بحلاقة ذقنه وصبغ شعره ولا يهتم أيضا بلبس ساعة ودبلة ذهب كل هذه الصفات لم تظهر على مبارك إذا فهو غير مكتئب. فالشخص المكتئب لا يهتم بنفسه أو بمظهره قليل الكلام لكن مبارك كان كثير الكلام من خلال أحاديثه المتكررة مع نجليه ومن خلال كلامه للقاضى خاصة فى المرة الثانية برده كل هذه الاتهامات انكرها كلها تماما، الشخص المكتئب لايميل إلى كثرة الكلام لكن مبارك تحدث اكثر من اللازم وكان صوته واضحا قويا تشعر بأنه يريد أن يتحدث أكثر، كل هذه الصفات لا تدل على أنه شخص مكتئب. جمال بالحجم الطبيعى/U/ قال الدكتور على اسماعيل: إذا نظرنا إلى جمال مبارك بشكل أكثر دقة فانه شخص لم يكن مؤهلاً للدور الذى كان سيلعبه وهو توريث الحكم لأنه لايملك الخبرة الكافية وكان يتحكم فيه مجموعة من البشر استخدموه تحت بند الوصول إلى أهدافهم وهو قد اكتشف ذلك بعد الثورة وبعد ضياع حلم التوريث لذلك كان أكثرهم توترا محملا كل الشخصيات التى أحاطت به ما حدت لأنه لولا التوريث والفساد ما تفجرت الثورة. وسبب توتر جمال الشديد هو أنه يعلم تماما أنه له دوراً كبيراً فى وقوع الجرائم التى تمت وهو الآن يلعب دور المفعول به. بعد أن كان فاعلا وهذا وضح من خلال أوامر أخيه علاء خلال الجلسة بأن يمنع كاميرات التصوير من تصوير أبيه، وبالتالى ظهر فى حجمه الطبيعى. كبير العائلة/U/ ويواصل الدكتور على اسماعيل حديثه عن أسرة مبارك وتحليله النفسى لهم خلال المحاكمة العلنية فيقول: علاء مبارك كان أكثر أفراد الأسرة ثباتا وتعامل بمنطق الابن الأكبر للعائلة وهو الذى يحل محل الأب اذا غاب ويكون أكثر الإخوة تحملاً لأخطاء أبيه، هكذا تكون طبيعة الابن الأكبر بالأسرة المصرية فكان علاء هو الذى يدير الأوضاع داخل القفص ويظهر أمام الكاميرات فى محاولة منه لإخفاء أبيه عنها وهو يشعر بأنه سند لأبيه. وربما خلفية علاء الدينية هى التى ساعدته على القيام بذلك وأظهر ذلك من خلال استخدام وحمل المصحف بشكل تلقائى يريد أن يقول إن الله معنا. هذا الفعل نابع عن بذرة دينية جيدة لم تنمو وهو يوجد لديه إيحاء وثقة بأن عقوبته ستكون بسيطة لأن دوره فى القضايا المطروحة هى مالية والتى تنتهى غالبا بعدد معين من السنوات بداخل السجن، فوضعه أكثر أمانا بخلاف أبيه وأخيه. وهو يعلم أن بعض المواطنين بصرف النظر عما ارتكبه بحق الشعب المصرى متعاطفة معه وتحبه بعد أن أشيع عنه أن له خلفية دينيه قفص لم الشمل/U/ يشير إسماعيل إلى أنه رغم بغض المواطنين لأسرة مبارك فإن ما فعله علاء وجمال مع الرئيس المخلوع عندما استقبلاه استقبالا حارا وباكيا بعد غياب دام 117 يوما دون رؤيته ومن خلال محاولة إخفائه طوال الجلسة وتغطيته كلما وقع الغطاء على الأرض والتودد إليه كل هذا يؤكد أن الأسرة المصريةمتماسكة جدا مهما حدث تحاول أن تحافظ على التقاليد مهما كان مذنبا أو شريرا. فأولاده يحاولون أن يتحملوا جزءاًَ من المسئولية ويحموه مهما كان. وهذا تم بشكل تلقائى وعلى الرغم من أن جمال وعلاء نشأ وترعرعا بالمدينة فإن جذورهما الريفية غلبت على تصرفاتهما وأثرت فيهما وأعتقد أن هذه لفتة جيدة تعكس أن المجتمع المصرى بخير.