تنسيق المرحلة الأولى 2025.. قائمة بالكليات المتاحة علمي وأدبي ومؤشرات الحد الأدنى للقبول    تنسيق القبول في الصف الأول الثانوي والفني 2025 للناجحين في الشهادة الإعدادية.. رابط التقديم والحد الأدنى بالمحافظات    أرخص الجامعات الأهلية في مصر 2026.. المصروفات الكاملة وطرق التقديم (القائمة المعتمدة)    سعر الذهب في مصر اليوم الخميس 24-7-2025 مع بداية التعاملات    إصابة 4 عمال إثر سقوط مظلة بموقف نجع حمادي في قنا.. وتوجيه عاجل من المحافظ- صور    رسميًا بعد القفزة الجديدة.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 24 يوليو 2025    سيناء في «قلب جهود التنمية»    هل توافق على إقراض الحكومة من مدخراتك؟ خبير يوضح العائد الحقيقي من سندات التجزئة    ارتفاع أسعار النفط بدعم تفاؤل حول التجارة الأمريكية    قصف إسرائيل ومطار «بن جوريون» خارج الخدمة مؤقتًا    الكونجرس يستدعي شريكة إبستين للإدلاء بشهادتها في 11 أغسطس    صفقة الزمالك الجديدة مهددة بالفشل.. كريم حسن شحاتة يكشف    ليس حمدي فتحي.. أزمة في صفقة بيراميدز الجديدة (تفاصيل)    لطلاب البكالوريا 2025.. تعرف علي كليات مسار الآداب والفنون    احذروا ضربة الشمس.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم الخميس 24 يوليو 2025    إصابة شخصين إثر انقلاب سيارة بطريق "الإسماعيلية- العاشر من رمضان"    موعد فتح باب التظلمات على نتيجة الثانوية العامة 2025 وطريقة الدفع    أحد الزملاء يخفي معلومات مهمة عنك.. حظ برج الدلو اليوم 24 يوليو    أول تعليق من أحمد فهمي بعد إعلان انفصاله عن زوجته (صور)    مدنية الأحكام وتفاعلها مجتمعيًّا وسياسيًّا    روسيا: تعليق عمل مطار سوتشي 4 ساعات بسبب هجمات أوكرانية    كبير المفاوضين الروس: روسيا وأوكرانيا تتفقان على صفقة تبادل أسرى أخرى    في ذكرى يوليو.. قيادات حزبية وبرلمانية: خطاب الرئيس يؤكد صلابة الدولة    موت بإرادة الأب.. النيابة تأمر بدفن جثة ضحية شبرا الخيمة    وزير الخزانة الأمريكي: الإعلان عن رئيس جديد للاحتياطي الفيدرالي محتمل في ديسمبر أو يناير    علي أبو جريشة: عصر ابن النادي انتهى    نهاية سعيدة لمسلسل "فات الميعاد".. تفاصيل الحلقة الأخيرة    القناة 12 الإسرائيلية: تل أبيب تلقت رد حماس على مقترح وقف إطلاق النار وتدرسه حاليًا    الصحة العالمية: جوع جماعي في غزة بسبب حصار إسرائيل المفروض على القطاع    نجاح فريق طبي بمستشفى الفيوم في إنقاذ مريض مصاب بتهتك وانفجار في المثانة بسبب طلق ناري    رجال غيّروا وجه مصر.. ما تيسر من سيرة ثوار يوليو    رئيس محكمة النقض يستقبل وزير العدل الأسبق لتقديم التهنئة    علاء نبيل: احتراف اللاعبين في أوروبا استثمار حقيقي    مخرج «اليد السوداء»: نقدم حكاية عن المقاومة المصرية ضد الاحتلال    أحمد نبيل فنان البانتومايم: اعتزلت عندما شعرت بأن لا مكان حقيقى لفنى    بأغنية «يا رب فرحني».. حكيم يفتتح صيف 2025    أحمد سعد يطلق «حبيبي ياه ياه» بمشاركة عفروتو ومروان موسى    إخماد حريق في محطة وقود بالساحلي غرب الإسكندرية| صور    رياضة ½ الليل| إقالة سريعة.. سقوط المصري.. السعيد فرحان بالزمالك.. وفحص الخطيب بباريس    حسام موافي لطلاب الثانوية: الطب ليست كلية القمة فقط    بمستشفى سوهاج العام.. جراحة دقيقة لطفلة مصابة بكسر انفجاري بالعمود الفقري    طبق الأسبوع| من مطبخ الشيف أحمد الشناوي.. طريقة عمل سلطة التونة بالذرة    «الناصري» ينظم ندوة بالمنيا احتفالًا بذكرى 23 يوليو    فودافون مصر تعتذر عن عطل الشبكة وتمنح تعويضات مجانية لعملائها    هرب من حرارة الجو فابتلعه البحر.. غرق شاب ببسيون في الغربية والإنقاذ النهري ينتشل جثمانه    «محدش قالي شكرا حتى».. الصباحي يهاجم لجنة الحكام بعد اعتزاله    أليو ديانج يحكي ذكرياته عن نهائي القرن بين الأهلي والزمالك    لا ترمِ قشر البطيخ.. قد يحميك من مرضين خطيرين وملئ بالفيتامينات والمعادن    حماس تسلم ردها على مقترح وقف إطلاق النار بقطاع غزة إلى الوسطاء    ارتفاع البتلو وانخفاض الكندوز، أسعار اللحوم اليوم في الأسواق    اليوم، تعديلات جديدة في مواعيد تشغيل القطار الكهربائي بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو    هل انتهت الأزمة؟ خطوة جديدة من وسام أبو علي بعد أيام من غلق حسابه على إنستجرام    الأوراق المطلوبة للاشتراك في صندوق التكافل بنقابة الصحفيين    5 معلومات عن المايسترو الراحل سامي نصير    هل يجوز أخذ مكافأة على مال عثر عليه في الشارع؟.. أمين الفتوى يجيب    محفظ قرآن بقنا يهدي طالبة ثانوية عامة رحلة عمرة    الإفتاء توضح كيفية إتمام الصفوف في صلاة الجماعة    دار الإفتاء المصرية توضح حكم تشريح جثة الميت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قميص يوسف
نشر في أكتوبر يوم 07 - 08 - 2011

ما أن يأتى شهر رمضان الكريم، وأبدأ فى قراءة القرآن.. كما تعودت أن أختم المصحف سنويا على صوت الشيخ محمد صديق المنشاوى.. إلا وأجدنى أتوقف كثيرا عند سورة يوسف.. لأنها وكما وصفها القرآن الكريم «أحسن القصص» باعتبارها دراما قرآنية تشمل التآمر.. والصبر.. والحب.. والغيرة.. والظلم.. والتسامح.. ثم حسن الختام.. وصدق الرؤيا.. وسوف أتوقف فى قراءتها هذه المرة عند قميص يوسف وهو إحدى المعجزات التى منحها الله تعالى لنبيه الصديق، فضلا عن أنه كان دليل اتهام ثم دليل براءة فى ذات الوقت.
فعندما تآمر إخوة يوسف عليه السلام وعزموا أمرهم أن يقتلوه أو يلقوه فى أرض بعيدة بحجة أنه وأخاه بنيامين أحب إلى قلب أبيهم منهم، أوحى الله سبحانه وتعالى ليوسف أن ينبئهم بما يجب أن يفعلوه معه وهم لا يشعرون فأجمعوا رأيهم أن يلقوه فى بئر عميقة، حيث لا تراه العين فيلقى حتفه غرقا أو خنقا، وبعد أن تحايلوا على أبيهم وأقنعوه أن يترك يوسف يذهب معهم ليلعب ووعدوه أنهم سوف يحافظون عليه.. ولكن سيدنا يعقوب حذرهم من ألا يتركوه فيأكله الذئب وهم عنه غافلون.. ومع ذلك سمح لهم باصطحاب أخيهم الذى ألقوه فى غياهب الجب، وحملوا قميصه بعد أن لطخوه بدم كذب من إحدى الذبائح وادعوا أنهم تركوا يوسف عند ملابسهم وذهبوا ليتسابقوا فأكله الذئب، ولأنهم كاذبون فقد قالوا لأبيهم «وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين» ولأن أباهم يعلم مكرهم كما أنه رأى القميص سليما غير ممزق على خلاف ما يمكن أن يحدث إذا كان الذئب قد هاجم يوسف وأكله كما يدعون، فقد أجابهم «لقد سولت لكم أنفسكم أمرا.. فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون» وهنا يكشف القميص عن مؤامرتهم وبعد دليل اتهامهم حيث إنه كان سليما وكان ملطخا بدم كذب ليس دم يوسف كما أدعوا يعد أن أكله الذئب وهو منه برئ حتى إنها أصبحت مثلا يضرب عند عدم صدق الروايات أو عدم صحة الاتهام.. فيقال إن فلانا برىء براءة الذئب من دم ابن يعقوب.. وهو سيدنا يوسف الصديق عليه السلام.
وتستمر القصة وتمر قافلة بالبئر ويحاول أحدهم أن يدلوا بدلوه لاستخراج المياه فيتعلق به يوسف ويراه الغريب فيصيح فرحا بالبشرى.. إنه غلام ويأخذونه معهم فى القافلة ويخفونه على أنه بضاعة حتى يصلوا مصر ولأنهم كانوا زاهدين فيه خوفا من أن يلحق بهم أهله ويتعرفوا عليه ويعاقبوهم باعتقادهم أنهم خطفوه، فأسرعوا ببيعه بدراهم معدودات، ويشتريه الوزير الأول فى مصر.. ويطلب من زوجته- وكان لا ينجب- أن تكرم مثواه وتحسن رعايته عسى أن يتخذاه ولدا ويخدمهما عند كبرهما.
ولأن يوسف كان جميلا وحسن الطلعة، فيقول المفسرون إنه أخذ نصف الحسن، وبدأ عوده يشتد وجماله يظهر.. فراودته التى هو فى بيتها عن نفسه وهو تعبير قرآنى لم أر أجمل ولا أقوى منه فى الإيجاز والإيحاء، فقد حاولت زوجة العزيز أن تأخذه لنفسها، وكانت شابة جميلة فغلقت الأبواب وقالت هيت لك ولكنه كان أمينا حافظا للعهد لا يخون من أحسن إليه، فسارع بالرد عليها «معاذ الله» إن زوجك بمثابة أبى وقد أحسن استضافتى.. كما أننى لا يمكن أن أرتكب معك الخطيئة، «فإنه لا يفلح الظالمون»، ولكنه أيضا بشر وفى عز شبابه وعنفوانه، وإن النفس لأمارة بالسوء.. وأمام إلحاحها عليه وسطوتها وجمالها.. هم بها بعد أن همت به.. ولكن الله كان معه.. حيث يقول المفسرون إن جبريل أو النبى يعقوب تمثل له فى صورة ملاك ونصحه ورده عن غيه.. وهو إلهام من الله سبحانه وتعالى ليصرف عنه السوء والفحشاء لأنه من عباده المخلصين.. فرفض أن يكمل ما كان يوسوس له الشيطان وجرى نحو الباب وجرت خلفه وتصادف أن وجدا رب البيت أمامهما، فسارعت بالهجوم.. مخاطبة زوجها وموجهة إليه بالعقاب المطلوب.. ما جزاء من أراد بأهلك سوءا إلا أن يسجن أو عذاب أليم.
فيحاول يوسف نفى التهمة عن نفسه بقوله «هى راودتنى عن نفسى»، وهنا يقول المفسرون إن شاهدا من أهلها وكان طفلا صغيرا.. انطقه الله سبحانه وتعالى ليبرئ يوسف: إن كان قميصه قد من الأمام فهى صادقة وهو كاذب، وإن كان قد (قطع) من الخلف فهى كاذبة وهو صادق.. وهنا ظهرت البراءة وحق الحق.. حيث وجد القميص قد قطع من الخلف حيث حاولت الإمساك بيوسف عندما هم بالهروب من أمامها جريا نحو الباب، وهنا تتضح المكيدة وكيد النساء عظيم، وهنا أيضا تظهر البلاغة والإعجاز القرآنى فى جملة قصيرة موحية شديدة البلاغة حيث يخاطبهما العزيز «يوسف أعرض عن هذا واستغفرى لذنبك إنك كنت من الخاطئين» والمعنى يا يوسف احفظ السر وانس ما حدث ولا تفضحنى وقد سترنى الله، وأنت أيتها المرأة استغفرى الله على ذنبك فقد ثبت أنك أنت المخطئة حيث كشف القميص وهو هنا «دليل البراءة» أنك راودته عن نفسه، حيث قطعت قميصه من الخلف عندما رفض الانصياع لرغباتك.
***
وتستمر القصة ويدخل يوسف السجن.. بعد أن كادت له زوجة العزيز وشغفت به حبا وهددته بأن ينصاع لها أو يسجن، فقرروا وضعه فى السجن حتى تهدأ الأمور خاصة أنه خاطب ربه بأن السجن أحب إلىّ مما يدعوننى إليه فصرف عنه الله السوء حتى لا يكون من الجاهلين.. ويقضى يوسف فى السجن بضع سنين ويخرج منه عزيزا مكرما بعد أن فسر رؤيا الملك بأن سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات.. وبعد أن قام الملك بنفسه فى التحقيق فيما اتهم به يوسف من قبل النسوة اللاتى قطعن أيديهن عندما رأين جماله لأول مرة ووصفته بأنه «ما هذا بشر إن هو إلا ملك كريم» وبعد أن أعترفت زوجة العزيز على نفسها أنها راودته عن نفسه وأنه صادق وأنها كذبت فى اتهامها له، قائلة «وما أبرىء نفسى إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم بى إنه غفور رحيم.
لقد اختصه الله لنفسه وجعله أمينا على خزائن الأرض، وكله بأمر الله، لقد مكنا ليوسف فى الأرض يتبوأ منها حيث يشاء.. فالله يصيب برحمته من يشاء ولا يضيع أجر المحسنين.. حيث يأتيه إخوته للتجارة والحصول على الغذاء لأهلهم بعد أن حل القحط ببلدهم، ويتعرف عليهم يوسف ويتحايل عليهم ليأخذ أخاه بنيامين فى دين الملك.. دين التوحيد، فيطلب منهم أن يحضروا أخاهم معهم، ويضع صواع الملك (الكأس الذى يشرب فيه» فى أمتعته، كحيلة ليأخذ أخيه معه، وهنا يشتد الحزن على أبيه الذى فقد ولديه يوسف وبنيامين فينصرف عنهم ويخلو إلى نفسه ويكظم غيظه وتبيض عيناه من الحزن، ولكنه يظل مؤمنا بقضاء الله وما قد تكشف عنه الأيام من يسر بعد عسر، حيث يقول بعد أن يعاتب أبناءه، فصبر جميل عسى أن يأتينى بهم جميعا إنه هو العليم الحكيم، ويطلب منهم العودة إلى مصر.. يا بنى اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله.
وهنا تحدث المواجهة بين يوسف وإخوته بعد أن يتعرفوا عليه ويخبرهم أنه فعلا يوسف وهذا أخوه وقد من الله عليهما حيث إنه لا يضيع أجر المحسنين، وبعد أن علم ما آل إليه حال أبيه يطلب من إخوته أن يذهبوا بقميصه ويلقوه على وجه أبيهم فيرتد إليه بصره بإذن الله، ثم يأتوا بأهله جميعا..
وهنا أيضا تظهر المعجزة الثالثة للقميص والتى خص الله بها يوسف.. فعندما اقتربت قافلتهم من ديارهم اشتم أبوهم ريح يوسف من قميصه وأخبر أهله بذلك، ولكنهم كعادتهم كذبوه وخالفوه الرأى ووصفوه بأنه على حاله القديم.. ولكن الله غالب على أمره مع أن أكثر الناس لا يعلمون، حيث تقول الآية «فلما أن جاء البشير ألقاه على وجهه أبيهم فارتد بصيرا» فقال لأبنائه ألم أقل لكم إنى أعلم من الله مالا تعلمون واستغفر لهم ربه.
وعندما استجاب لدعوة ابنه الغائب يوسف قال لأبنائه «ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين».. ولما وصلوا إلى مصر سارع يوسف باستقبالهم على أطراف المدينة ورفع أبويه على العرش (على سريره) وحيوا بعضهم بعضا بالانحناء الخفيف كما هى عادة أهل مصر فى ذلك الوقت.. ويصفها القرآن «وخروا له سجدا» عندما قال يوسف لأبيه هذا تأويل رؤياى من قبل قد جعلها ربى حقا وقد أحسن بى إذ أخرجنى من السجن وجاء بكم من البدو من بعد أن نزغ الشيطان بينى وبين إخوتى إن ربى لطيف لما يشاء.
***
نعم أن الله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.. اللهم تقبل صيامنا وصلاتنا واغفر لنا ذنوبنا.. إنك أنت الغفور الرحيم..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.