وزيرة التضامن الاجتماعي تلتقي رئيس جامعة سوهاج    إثيوبيا تتعنت، خبير يكشف سر تأخر فتح بوابات سد النهضة    الاثنين 19 مايو 2025.. أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع المحلية اليوم    محافظ أسيوط: توريد 132 ألف طن قمح محلي ل 28 موقعا تخزينيا حتى اليوم    شركة الحفر المصرية تحقق 406 ملايين دولار إيرادات خلال 2024    رئيس هيئة الاستثمار يلتقي حاكم مقاطعة قوانجدونج الصينية والوفد المرافق له    تراجع مؤشرات البورصة بمستهل تعاملات جلسة الإثنين    إزالة 27 حالة تعدي واسترداد 73 فدان بمركزي الفتح وأبوتيج فى أسيوط    الخدمات البيطرية توقع بروتوكول مع «الأطباء البيطريين»    إسرائيل: دخول أول قافلة مساعدات إنسانية إلى غزة اليوم    نجل ترامب يتهم جيل بايدن ب"التستر" على إصابة الرئيس السابق بالسرطان    قوات إسرائيلية تتنكر بزي نسائي للتسلل إلى منزل في خان يونس    قبل إعدامه بساعات.. ماذا كتب الجاسوس الإسرائيلى إيلى كوهين فى وصيته؟ اعرف التفاصيل    «الجارديان»: روسيا تشن غارات جوية على أوكرانيا قبل مباحثات بوتين وترامب اليوم    منافس الأهلي - الانتصار الثالث على التوالي.. بالميراس يحافظ على صدارة الدوري البرازيلي    "صعب من غير الإسماعيلي".. الأهلي يرد بقوة على إلغاء الهبوط    طقس اليوم فى مطروح.. معتدل غائم جزئيا واستقرار حالة البحر وحار على سيوة    فحص كاميرات المراقبة لكشف هوية المتهم بسرقة مسكن الدكتورة نوال الدجوي    نشرة مرور "الفجر ".. سيولة بميادين القاهرة والجيزة    محافظ بورسعيد يودع حجاج الجمعيات الأهلية بمديرية التضامن الاجتماعي    وزارة التعليم: استمرار الدراسة برياض الأطفال حتى 21 مايو الجارى    ضبط متجرى المواد المخدرة ومصرع عنصرين جنائيين عقب تبادل إطلاق النيران مع قوات الشرطة    ضبط شخصين بعد مشاجرة بالقاهرة لتعديهما على بعضهم بالضرب وإحداث إصابات    رفضت رد قائمة المنقولات.. الإعدام شنقاً لقاتل طليقته في الإسكندرية    عبد الصادق:المسرح الجامعي أداة تربوية فعّالة تسهم في صقل شخصية الطلاب    متحف الحضارة يحتفل باليوم العالمي تحت شعار "مستقبل المتاحف في مجتمعات سريعة التغير"    القاهرة الإخبارية: أكثر من 20 شهيدا جراء غارات الاحتلال على غزة منذ فجر اليوم    أمين الفتوى: الوصية الشفوية يُعتد بها إذا أقر بها الورثة أو سمعوها من المتوفى    وزارة الصحة: ميكنة منظومة الغسيل الكلوى تضمن وصول المستلزمات للمريض بشكل آمن    الرعاية الصحية تطلق مبادرة "دمتم سند" لتعزيز خدمات كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة    رئيس الطائفة الإنجيلية يشارك في احتفالية مرور 17 قرنا على مجمع نيقية بالكاتدرائية المرقسية    مصطفى الفقي.. 40 كتابا بين السياسة والثقافة والدبلوماسية    البث العبرية: ساعر طلب إدخال مساعدات لغزة بعد ضغط أوروبي وأمريكي    انخفاض البلدي.. أسعار البيض اليوم الاثنين 19-5-2025 في الأسواق (موقع رسمي)    تركي آل الشيخ يشارك متابعيه كواليس «الأسد» ل محمد رمضان |فيديو    سرطان البروستاتا الشرس..ماذا نعرف عن حالة بايدن الصحية بعد تشخيص إصابته؟    «العمل» تنظم احتفالية بمناسبة اليوم العالمي للسلامة والصحة المهنية    بولندا تتجه إلى جولة إعادة للانتخابات الرئاسية    جدول امتحانات الصف الأول الثانوي الترم الثاني 2025 بالمنيا.. تعرف على المواعيد الرسمية لجميع المواد    إسرائيل تواصل تصعيدها.. استشهاد 171 فلسطينيا في قطاع غزة    هل هناك فرق بين سجود وصلاة الشكر .. دار الإفتاء توضح    قبل أيام من مواجهة الأهلي.. ميسي يثير الجدل حول رحيله عن إنتر ميامي بتصرف مفاجئ    عمرو دياب وحماقي والعسيلي.. نجوم الغناء من العرض الخاص ل المشروع x    نجم بيراميدز يرحب بالانتقال إلى الزمالك.. مدحت شلبي يكشف التفاصيل    بدءًا من اليوم.. الصحة تطلق 8 قوافل طبية مجانية ضمن مبادرة «حياة كريمة» (تفاصيل)    من بين 138 دولة.. العراق تحتل المرتبة ال3 عالميًا في مكافحة المخدرات    شيرينجهام: سأشجع الأهلي في كأس العالم للأندية    على فخر: لا مانع شرعًا من أن تؤدي المرأة فريضة الحج دون محرم    مبابي في الصدارة.. تعرف على جدول ترتيب هدافي الدوري الإسباني    نجل عبد الرحمن أبو زهرة لليوم السابع: مكالمة الرئيس السيسي لوالدي ليست الأولى وشكلت فارقا كبيرا في حالته النفسية.. ويؤكد: لفتة إنسانية جعلت والدي يشعر بالامتنان.. والرئيس وصفه بالأيقونة    شيكابالا يتقدم ببلاغ رسمي ضد مرتضى منصور: اتهامات بالسب والقذف عبر الإنترنت (تفاصيل)    هل يجوز أداء المرأة الحج بمال موهوب؟.. عضوة الأزهر للفتوى توضح    أحكام الحج والعمرة (2).. علي جمعة يوضح أركان العمرة الخمسة    قرار تعيين أكاديمية «منتقبة» يثير جدلا.. من هي الدكتورة نصرة أيوب؟    البابا لاوون الرابع عشر: العقيدة ليست عائقًا أمام الحوار بل أساس له    بتول عرفة تدعم كارول سماحة بعد وفاة زوجها: «علمتيني يعنى ايه إنسان مسؤول»    وزير الرياضة يشهد تتويج جنوب أفريقيا بكأس الأمم الإفريقية للشباب    مشروب طبيعي دافئ سهل التحضير يساعد أبناءك على المذاكرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قميص يوسف
نشر في أكتوبر يوم 07 - 08 - 2011

ما أن يأتى شهر رمضان الكريم، وأبدأ فى قراءة القرآن.. كما تعودت أن أختم المصحف سنويا على صوت الشيخ محمد صديق المنشاوى.. إلا وأجدنى أتوقف كثيرا عند سورة يوسف.. لأنها وكما وصفها القرآن الكريم «أحسن القصص» باعتبارها دراما قرآنية تشمل التآمر.. والصبر.. والحب.. والغيرة.. والظلم.. والتسامح.. ثم حسن الختام.. وصدق الرؤيا.. وسوف أتوقف فى قراءتها هذه المرة عند قميص يوسف وهو إحدى المعجزات التى منحها الله تعالى لنبيه الصديق، فضلا عن أنه كان دليل اتهام ثم دليل براءة فى ذات الوقت.
فعندما تآمر إخوة يوسف عليه السلام وعزموا أمرهم أن يقتلوه أو يلقوه فى أرض بعيدة بحجة أنه وأخاه بنيامين أحب إلى قلب أبيهم منهم، أوحى الله سبحانه وتعالى ليوسف أن ينبئهم بما يجب أن يفعلوه معه وهم لا يشعرون فأجمعوا رأيهم أن يلقوه فى بئر عميقة، حيث لا تراه العين فيلقى حتفه غرقا أو خنقا، وبعد أن تحايلوا على أبيهم وأقنعوه أن يترك يوسف يذهب معهم ليلعب ووعدوه أنهم سوف يحافظون عليه.. ولكن سيدنا يعقوب حذرهم من ألا يتركوه فيأكله الذئب وهم عنه غافلون.. ومع ذلك سمح لهم باصطحاب أخيهم الذى ألقوه فى غياهب الجب، وحملوا قميصه بعد أن لطخوه بدم كذب من إحدى الذبائح وادعوا أنهم تركوا يوسف عند ملابسهم وذهبوا ليتسابقوا فأكله الذئب، ولأنهم كاذبون فقد قالوا لأبيهم «وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين» ولأن أباهم يعلم مكرهم كما أنه رأى القميص سليما غير ممزق على خلاف ما يمكن أن يحدث إذا كان الذئب قد هاجم يوسف وأكله كما يدعون، فقد أجابهم «لقد سولت لكم أنفسكم أمرا.. فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون» وهنا يكشف القميص عن مؤامرتهم وبعد دليل اتهامهم حيث إنه كان سليما وكان ملطخا بدم كذب ليس دم يوسف كما أدعوا يعد أن أكله الذئب وهو منه برئ حتى إنها أصبحت مثلا يضرب عند عدم صدق الروايات أو عدم صحة الاتهام.. فيقال إن فلانا برىء براءة الذئب من دم ابن يعقوب.. وهو سيدنا يوسف الصديق عليه السلام.
وتستمر القصة وتمر قافلة بالبئر ويحاول أحدهم أن يدلوا بدلوه لاستخراج المياه فيتعلق به يوسف ويراه الغريب فيصيح فرحا بالبشرى.. إنه غلام ويأخذونه معهم فى القافلة ويخفونه على أنه بضاعة حتى يصلوا مصر ولأنهم كانوا زاهدين فيه خوفا من أن يلحق بهم أهله ويتعرفوا عليه ويعاقبوهم باعتقادهم أنهم خطفوه، فأسرعوا ببيعه بدراهم معدودات، ويشتريه الوزير الأول فى مصر.. ويطلب من زوجته- وكان لا ينجب- أن تكرم مثواه وتحسن رعايته عسى أن يتخذاه ولدا ويخدمهما عند كبرهما.
ولأن يوسف كان جميلا وحسن الطلعة، فيقول المفسرون إنه أخذ نصف الحسن، وبدأ عوده يشتد وجماله يظهر.. فراودته التى هو فى بيتها عن نفسه وهو تعبير قرآنى لم أر أجمل ولا أقوى منه فى الإيجاز والإيحاء، فقد حاولت زوجة العزيز أن تأخذه لنفسها، وكانت شابة جميلة فغلقت الأبواب وقالت هيت لك ولكنه كان أمينا حافظا للعهد لا يخون من أحسن إليه، فسارع بالرد عليها «معاذ الله» إن زوجك بمثابة أبى وقد أحسن استضافتى.. كما أننى لا يمكن أن أرتكب معك الخطيئة، «فإنه لا يفلح الظالمون»، ولكنه أيضا بشر وفى عز شبابه وعنفوانه، وإن النفس لأمارة بالسوء.. وأمام إلحاحها عليه وسطوتها وجمالها.. هم بها بعد أن همت به.. ولكن الله كان معه.. حيث يقول المفسرون إن جبريل أو النبى يعقوب تمثل له فى صورة ملاك ونصحه ورده عن غيه.. وهو إلهام من الله سبحانه وتعالى ليصرف عنه السوء والفحشاء لأنه من عباده المخلصين.. فرفض أن يكمل ما كان يوسوس له الشيطان وجرى نحو الباب وجرت خلفه وتصادف أن وجدا رب البيت أمامهما، فسارعت بالهجوم.. مخاطبة زوجها وموجهة إليه بالعقاب المطلوب.. ما جزاء من أراد بأهلك سوءا إلا أن يسجن أو عذاب أليم.
فيحاول يوسف نفى التهمة عن نفسه بقوله «هى راودتنى عن نفسى»، وهنا يقول المفسرون إن شاهدا من أهلها وكان طفلا صغيرا.. انطقه الله سبحانه وتعالى ليبرئ يوسف: إن كان قميصه قد من الأمام فهى صادقة وهو كاذب، وإن كان قد (قطع) من الخلف فهى كاذبة وهو صادق.. وهنا ظهرت البراءة وحق الحق.. حيث وجد القميص قد قطع من الخلف حيث حاولت الإمساك بيوسف عندما هم بالهروب من أمامها جريا نحو الباب، وهنا تتضح المكيدة وكيد النساء عظيم، وهنا أيضا تظهر البلاغة والإعجاز القرآنى فى جملة قصيرة موحية شديدة البلاغة حيث يخاطبهما العزيز «يوسف أعرض عن هذا واستغفرى لذنبك إنك كنت من الخاطئين» والمعنى يا يوسف احفظ السر وانس ما حدث ولا تفضحنى وقد سترنى الله، وأنت أيتها المرأة استغفرى الله على ذنبك فقد ثبت أنك أنت المخطئة حيث كشف القميص وهو هنا «دليل البراءة» أنك راودته عن نفسه، حيث قطعت قميصه من الخلف عندما رفض الانصياع لرغباتك.
***
وتستمر القصة ويدخل يوسف السجن.. بعد أن كادت له زوجة العزيز وشغفت به حبا وهددته بأن ينصاع لها أو يسجن، فقرروا وضعه فى السجن حتى تهدأ الأمور خاصة أنه خاطب ربه بأن السجن أحب إلىّ مما يدعوننى إليه فصرف عنه الله السوء حتى لا يكون من الجاهلين.. ويقضى يوسف فى السجن بضع سنين ويخرج منه عزيزا مكرما بعد أن فسر رؤيا الملك بأن سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات.. وبعد أن قام الملك بنفسه فى التحقيق فيما اتهم به يوسف من قبل النسوة اللاتى قطعن أيديهن عندما رأين جماله لأول مرة ووصفته بأنه «ما هذا بشر إن هو إلا ملك كريم» وبعد أن أعترفت زوجة العزيز على نفسها أنها راودته عن نفسه وأنه صادق وأنها كذبت فى اتهامها له، قائلة «وما أبرىء نفسى إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم بى إنه غفور رحيم.
لقد اختصه الله لنفسه وجعله أمينا على خزائن الأرض، وكله بأمر الله، لقد مكنا ليوسف فى الأرض يتبوأ منها حيث يشاء.. فالله يصيب برحمته من يشاء ولا يضيع أجر المحسنين.. حيث يأتيه إخوته للتجارة والحصول على الغذاء لأهلهم بعد أن حل القحط ببلدهم، ويتعرف عليهم يوسف ويتحايل عليهم ليأخذ أخاه بنيامين فى دين الملك.. دين التوحيد، فيطلب منهم أن يحضروا أخاهم معهم، ويضع صواع الملك (الكأس الذى يشرب فيه» فى أمتعته، كحيلة ليأخذ أخيه معه، وهنا يشتد الحزن على أبيه الذى فقد ولديه يوسف وبنيامين فينصرف عنهم ويخلو إلى نفسه ويكظم غيظه وتبيض عيناه من الحزن، ولكنه يظل مؤمنا بقضاء الله وما قد تكشف عنه الأيام من يسر بعد عسر، حيث يقول بعد أن يعاتب أبناءه، فصبر جميل عسى أن يأتينى بهم جميعا إنه هو العليم الحكيم، ويطلب منهم العودة إلى مصر.. يا بنى اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله.
وهنا تحدث المواجهة بين يوسف وإخوته بعد أن يتعرفوا عليه ويخبرهم أنه فعلا يوسف وهذا أخوه وقد من الله عليهما حيث إنه لا يضيع أجر المحسنين، وبعد أن علم ما آل إليه حال أبيه يطلب من إخوته أن يذهبوا بقميصه ويلقوه على وجه أبيهم فيرتد إليه بصره بإذن الله، ثم يأتوا بأهله جميعا..
وهنا أيضا تظهر المعجزة الثالثة للقميص والتى خص الله بها يوسف.. فعندما اقتربت قافلتهم من ديارهم اشتم أبوهم ريح يوسف من قميصه وأخبر أهله بذلك، ولكنهم كعادتهم كذبوه وخالفوه الرأى ووصفوه بأنه على حاله القديم.. ولكن الله غالب على أمره مع أن أكثر الناس لا يعلمون، حيث تقول الآية «فلما أن جاء البشير ألقاه على وجهه أبيهم فارتد بصيرا» فقال لأبنائه ألم أقل لكم إنى أعلم من الله مالا تعلمون واستغفر لهم ربه.
وعندما استجاب لدعوة ابنه الغائب يوسف قال لأبنائه «ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين».. ولما وصلوا إلى مصر سارع يوسف باستقبالهم على أطراف المدينة ورفع أبويه على العرش (على سريره) وحيوا بعضهم بعضا بالانحناء الخفيف كما هى عادة أهل مصر فى ذلك الوقت.. ويصفها القرآن «وخروا له سجدا» عندما قال يوسف لأبيه هذا تأويل رؤياى من قبل قد جعلها ربى حقا وقد أحسن بى إذ أخرجنى من السجن وجاء بكم من البدو من بعد أن نزغ الشيطان بينى وبين إخوتى إن ربى لطيف لما يشاء.
***
نعم أن الله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.. اللهم تقبل صيامنا وصلاتنا واغفر لنا ذنوبنا.. إنك أنت الغفور الرحيم..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.