تعيش دول القرن الأفريقى (الصومال وأثيوبيا وكينيا وجيبوتى) كارثة إنسانية من جراء موجة الجفاف التى تجتاح المنطقة والتى تعد الأسوأ منذ 60 عاماً إذ يهدد الموت جوعا نحو 10 ملايين شخص، بينهم مليونا طفل. ونتيجة للحرب الأهلية المستمرة بالبلاد منذ عشرين عاما يأتى الشعب الصومالى على رأس سكان المنطقة الأكثر تضررا، حيث إنه وفقا للمفوضية العليا لشئون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أدت موجة الجفاف الكارثية إلى نزوح نحو 135 ألف صومالى من البلاد منذ بداية العام الجارى بحثا عن الملاذ والطعام والماء لينضموا إلى مئات الآلاف الذين نزحوا من البلاد خلال السنوات القليلة الماضية. كما أنه مع استمرار تدفق اللاجئين الصوماليين بالآلاف يوميا لم تعد مخيمات اللاجئين فى كينيا وأثيوبيا قادرة على استيعاب المزيد. فقد لفتت منظمة أطباء بلا حدود إلى أن اللاجئين الصوماليين بمخيم داداب على الحدود الكينية الصومالية والذى يعتبر اليوم أكبر مخيم للاجئين فى العالم لا يتلقون المساعدة المناسبة بل يضطرون للإقامة فى ملاجئ عشوائية، فالمخيم الذى انشئ فى عام 1991 لإيواء تسعين ألف شخص أصبح يأوى نحو 400 ألف، وخلال زيارته مخيم دولو للاجئين على الحدود الصومالية الإثيوبية والذى يصل اليه يوميا حوالى 1700 شخص أكد منسق الأممالمتحدة للشئون الإنسانية فى الصومال مارك بودين أن المساعدات التى تقدمها الأممالمتحدة للاجئين الصوماليين غير كافية وحذر من عدم وجود الموارد المالية اللازمة لزيادة المساعدات، هذا بالإضافة إلى تصريح مدير منظمة العمل ضد الجوع فى الصومال جينس أوبرمان بأن المنظمة لم تعد قادرة على تلبية احتياجات الصوماليين الذين ينزحون إلى العاصمة مقديشيو بحثا عن الطعام. وتشير تقارير لجنة الصليب الأحمر الدولية إلى ارتفاع شديد فى معدلات سوء التغذية فى الصومال وتقول إن واحدا من بين كل عشرة أطفال فى المناطق المتضررة يعانى خطر الموت جوعا وهو ما يعادل ضعفى ما كان عليه قبل أربعة شهور. وما يؤكد حجم المأساة الإنسانية التى يعيشها الصوماليون أن حركة شباب المجاهدين المتشددة التى تخوض صراعا مسلحا ضد حكومة مقديشيو وتسيطر على أجزاء واسعة من جنوب ووسط الصومال طلبت من الجهات المعنية تقديم المساعدة لإنقاذ آلاف المتضررين من موجة الجفاف وذلك بالرغم من أنها هى التى منعت منذ نحو عامين جميع منظمات الإغاثة الأجنبية من العمل فى المناطق الخاضعة لسيطرتها. وتمتد خطورة المشكلة إلى بقية دول القرن الأفريقى حيث تقول منظمة الصحة العالمية إن الجفاف فى المنطقة زاد احتمال انتشار الأمراض المعدية لاسيما شلل الأطفال والكوليرا والحصبة. وكشفت أن الكوليرا تهدد خمسة ملايين شخص فى اثيوبيا، حيث تفشت حالات الإسهال الحاد فى التجمعات المزدحمة التى تعيش فى ظروف غير صحية. وأكد مسئول صحة اثيوبى أن الحالات لا تقتصر على مخيمات اللاجئين. كما أشار مسئولون أثيوبيون إلى وجود أكثر من 17584 حالة إصابة بالحصبة و114 حالة وفاة خلال النصف الأول من العام، غالبيتها بين الأطفال. وقال المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية طارق يسارفيتش إن الحصبة تفشت كذلك فى مخيم داداب بكينيا، حيث تأكد وجود 462 حالة منها 11 حالة وفاة.