فى الخواطر الماضية.. سلطنا الأضواء على بعض قضايا الفساد التى كان يرتكبها رموز النظام السابق قبل 25 يناير.. وآخر ما تعرضنا له هو الورطة التى وضع فيها وزير الإسكان الأسبق د. محمد إبراهيم سليمان رئيس وزارئه فى ذلك الوقت د. عاطف عبيد.. وجعله يصدر القرار 542 لسنة 2001! وكان ينص على أن أراضى جزيرتى الذهب والوراق تعتبر منفعة عامة.. وبالتالى فمن حق الدولة الاستيلاء عليها لأنها عبارة عن طرح نهر.. وأن المقيمين عليها هم مغتصبون لأراضيها وليس لهم الحق فيها وأن ينفذ القرار الغامض فور صدوره فى نفس اليوم 25 إبريل 2001. وقد قامت الدنيا ولم تقعد. وحدثت ثورة الغضب من أهالى الجزيرتين على حكومة عبيد التى كانت تسعى بكل الطرق للاستيلاء على أراضيهم التى عاشوا عليها منذ عشرات السنين لصالح رجال الأعمال والمستثمرين العرب والأجانب! وانتقل المخرج العالمى يوسف شاهين وبعض رموز المثقفين للاعتصام والاحتجاج معهم للتصدى لقرار الحكومة لنزع ملكيتهم الخاصة. وانتقلت الأزمة إلى مجلس الشعب.. وانتشرت الشائعات بين النواب أن الحكومة تطمع فى أراضى الجزيرتين لغرض فى أنفسهم.. وليس من أجل المنفعة العامة كما جاء فى القرار الغامض.. وأن هناك صفقات مشبوهة مع أصحاب المليارات لإقامة مشروعات سياحية ومنتجعات صحية على أراضى الجزيرتين. وأذكر أن مجلس الشعب عقد جلسة ساخنة فى ظهر الثالث من يونيو 2001 لمناقشة قرار الحكومة الذى لم يدرس جيدا قبل صدوره. وواجه النواب من الأغلبية والمعارضة رئيس الوزراء الأسبق بهذا القرار المشبوه الذى صدر سرا وبين يوم وليلة. *** وقد شعرت أثناء هذه المواجهة أن عبيد تورط فى هذا القرار واعتمد على معلومات خاطئة عن هاتين الجزيرتين عندما قال: إن أراضى هاتين الجزيرتين تكونتا بعد بناء السد العالى .. ولوح له النواب بعقود ملكية لأراضى بالجزيرتين تعود إلى 125 سنة ماضية.. وقالوا إن كلامه ليس له أى أساس من الصواب.. وثار النواب لأن الاستيلاء على الأرض معناه تشريد 60 ألف مواطن من أجل حفنة من رجال الأعمال! وأذكر أن نائب التجمع أبو العز الحريرى كان أكثر النواب صراحة وأشد قوة فى مواجهة عاطف عبيد وابراهيم سليمان عندما قال لهما: إننا من الواجب أن نعرف من وراء صدور هذا القرار.. «وإذا كانت القضية صفقات واتفاقات وناس عاوزه تنهب وتجرى فيجب ان نعلم». وطالب النائب الحريرى بالكشف عن الذى أعطى رئيس الوزراء الأسبق هذه المعلومات الخاطئة!.. وقال بكل صراحة: إن هذا القرار قد لوث المسئولين عن صدوره! وأمام هذا الهجوم الضارى من أبو العز الحريرى على رئيس الوزراء ووزيره قرر د. فتحى سرور رئيس مجلس الشعب السابق شطب هذا الكلام من المضبطة.. ولكن المحررين البرلمانيين نقلوا ما قاله وهدد أبو العز رئيس الوزراء الأسبق بتقديم استجواب مدعم بالمستندات يكشف فيه هذه الصفقة المشبوهة إذا لم تتراجع الحكومة عن قرارها! وذكَّر أبو العز عبيد ونواب المجلس بما حدث فى السبعينيات أثناء قضية هضبة الأهرام عندما كانت الحكومة تريد بيعها لإحدى الشركات الأجنبية فى صفقة مشبوهة أيضا.. وأن النائب المحترم المستشار ممتاز نصار قدم استجوابا للحكومة.. وفضح فيه عناصر هذه الصفقة. وأذكر أن النائب القدير ممتاز نصار كان يحمل معه عشرات الدراسات ومئات الوثائق التى تدين الحكومة فى ذلك الوقت فى برلمان 1976.. وكان يرأس مجلس الشعب البرلمانى القدير والسياسى المحنك سيد مرعى.. وأذكر أنه ترك الفرصة كاملة للنائب ممتاز نصار لفضح هذه الصفقة المشبوهة لبيع هضبة الأهرام! واتخذ الرئيس السادات قراره بوقف هذا البيع الذى كان سيتم تحت دعوى التطوير.. مثل صفقة جزيرتى الذهب و الوراق تماما.. وكأن التاريخ يعيد نفسه! *** المهم .. أن نواب محافظة الجيزة فى ذلك الوقت أغلبية ومعارضة كانوا يدا واحدة.. (محمد أبو العنين وعزب مصطفى وابراهيم رمضان دسوقى وأحمد سميح درويش وفتحى عمران وسعد الجمال) واستطاعوا توزيع الأدوار بينهم وفضح هذه الصفقة التى قامت بها حكومة عبيد للاستيلاء على أراضى الناس الغلابة تحت دعوى أن الحكومة تريد إعادة تخطيط الجزيرتين لصالحهم وإنقاذهم من العشوائيات التى يقيمون فيها على حد تعبير وزير الإسكان الأسبق.. ولكن الحقيقة غير ذلك تماما! وقد تراجع عبيد عن قراره بعد أن فضحه النواب هو ووزيره الأسبق..وتصدوا لهما بكل قوة حتى لا يستولوا على هذه الأراضى.. ولكن سليمان استطاع الاستيلاء على ملايين الأفدنة والكيلومترات من أراضى مصر ولكن هذه المرة كانت فى السر ووزعها على المحسوبين والمحظوظين.. *** عموما.. إن الغرض من خواطرنا هو فضح ما كان يحدث فى النظام السابق من فساد.. وأن يتعرف شباب ثورة 25 يناير على ما كان يحدث تحت قبة مجلس الشعب.. سواء كنا نتفق أو نختلف معه. وسنواصل فى خواطرنا القادمة إن شاء الله فضح هذا النظام الفاسد وما كان يمارسه رموز النظام السابق! حتى لا ننسى وحتى لا يتكرر مرة ثانية!