قامت ثورتنا الخالدة فى 25 يناير ولا شك أنها أنجزت أهدافا كبيرة وعظيمة «والبقية فى الطريق»، فلقد انحاز جيش مصر العظيم ورفض أن يطلق رصاصة واحدة على أى مواطن فى مصر وفقا لما أراد الرئيس السابق وتلك الفضيلة الكبرى للجيش والتى كانت عنصرا حاكما وحاسما فى نجاح الثورة وبلوغها بعضا من غاياتها بأقل تكلفة مع انحنائنا للشهداء الأبرار ولدمائهم الطاهرة، وذلك أمر لا ينبغى أن يفوّت أحدا من الذين يتناولون المجلس الأعلى للقوات المسلحة بالغمز واللمز تصريحا أو تلميحا.. ومن ثم فإن الذين يتهمون الجيش بالتباطؤ الذى يوحى بالتواطؤ مع كامل تقديرى لهم ولنواياهم الطيبة. هؤلاء عليهم مراجعة موقفهم ثانية وثالثة، إذ أن الجيش ربما يكون بطيئا فى حركته أو متباطئا، لكنه بالقطع لا يمكن أن يكون متواطئا. ذلك أن الجيش فوق أنه مسئول عن أمن الوطن الذى هو وظيفته الأساسية أى الدفاع عن تراب الوطن ومقدساته، فإنه مطلوب منه أيضا وعلاوة على ذلك الأمن الداخلى (حاليا) إلى أن تتعافى قوات الشرطة لتكتمل لها قوتها وسيطرتها على الجبهة الداخلية.. وإدارة شئون الدولة خلال الفترة المؤقتة.. ومحاولة تلبية مطالب القوى الثورية توجهاتها من أقصى اليمن إلى أقصى اليسار مرورا بالإخوان المسلمين والسلفيين وغيرهم.. ثم المتربصين بالثورة والمتحالفين مع النظام السابق وفلوله (الثورة المضادة).. على الجيش أن يتعامل مع كل تلك القوى والملفات فى آن واحد وبكثير من المهارة والحنكة والكياسة، وبما لا يعرضه لانتقاد من هنا أو هناك، ومن ثم فإن المهمة شاقة وعسيرة وطريقها مملوء بالعقبات والمطبات.. مما يستوجب من كافة القوى السياسية ورموزها ورجالها.. بل الشعب كله مساعدة الجيش ممثلا فى المجلس الأعلى للقوات المسلحة بدلا من اتهامه بالتباطؤ الذى قد يصل إلى حد التواطؤ حسبما ذهب البعض إلى ذلك وأعلن! إذ أن الجيش فى موقف غاية فى الصعوبة «غاية فى الحرج.. غاية فى الخطورة.. غاية فى الحساسية». وعلينا جميعا أن ندرك أن المكان ليس مكانه ودوره وطبيعته تفرض عليه أن يكون حيثما يجب أن يكون، ثم إن الموقف فيما لو أن الجيش لم يستطع أن يتحمل كل تلك الضغوط وآثر السلامة لنفسه ونأى بها عن الغمز واللمز واتهامات بالتواطؤ وربما بما هو أكثر.. الموقف فىتلك الحالة سوف يكون رهيبا ومحفوفا بكثير من المخاطر والأخطار أقلها فى ظنى- وليس كل الظن إثم- أن السلفيين على سبيل المثال وليس الحصر بدلا من مهاجمتهم لأضرحة أولياء الله الصالحين سوف يتحولون إلى مهاجمة من يرون أنهم «كفار» ويستحقون القتل نهارا جهارا لكيلا تفسد الجماعة!! لقد أنجزنا خطوات ليست هينة على طريق الثورة ولا شك أنه لازال أمامنا الكثير لكى تستكمل الثورة أثرها وأهدافها وغاياتها من أجل مجتمع خال من الظلم والقهر والاضطهاد يتسم بالعدالة الاجتماعية والديمقراطية الحقيقية وحقوق الإنسان..إلى آخر.. ولكن محاولة لاقتراب من المؤسسة العسكرية ومحاولة المساس بهيبتها والتشكيك فى كونها الضمانة الأساسية وربما الوحيدة لحماية الثورة.. وفى نفس الوقت وحماية مصر.. فقد يجرنا ذلك إلى حافة الهاوية أو إلى مستنقعات لا قاع لها.. فرفقا بالثورة وبشهدائنا وبمصر شعبا.. وتاريخا وحضارة وحاضرا ومستقبلا.. إلا الجيش.. وأكررها إلا الجيش.. فالبطء أو التباطؤ أفضل ألف مرة من بديل رهيب ومدمر قد لا نعرف إلى أين سيؤدى بنا وبمصرنا الغالية.