قتل شخص وأصيب أكثر من 70 آخرين خلال مواجهات وقعت فجر السبت أثناء محاولة الشرطة العسكرية فض اعتصام للمئات بميدان التحرير، بعد مظاهرة وصفت بأنها الأضخم من نوعها منذ الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك، وذلك للمطالبة بسرعة القبض عليه وإحالته مع رموز النظام السابق إلى المحاكمة، في الوقت الذي توالت فيه ردود الفعل المحذرة من محاولة الإيقاع بين القوات المسلحة والجيش. يأتي ذلك في الوقت الذي نفى فيه المجلس الاعلى للقوات المسلحة إطلاق أفراد من القوات المسلحة النار على المعتصمين بميدان التحري, وشدد على عدم صحة ما تردد عن أن القوات المسلحة استخدمت الذخيرة الحية ضد المتظاهرين مساء أمس, مضيفا أن العناصر التي دخلت ميدان التحرير وقت وقوع الاحداث لم تكن مسلحة أصلا. وقال إن القوات المسلحة ألقت القبض على 42 من من المتظاهرين الذين تواجدوا خلال ساعات حظر التجوال والمحدد له من الثانية بعد منتصف الليل وحتى الساعة الخامسة صباحا, واتضح أنهم تابعون لاحدى الشخصيات المعروفة, وسيتم اللإعلان عن ذلك فى الوقت المناسب، مشيرا إلى أنه يجرى حاليا التحقيق مع هؤلاء المواطنين بمعرفة النيابة العسكرية. وكانت الشرطة العسكرية فرقت مئات المحتجين الذين تبقوا في ميدان التحرير بعد أكبر مظاهرات منذ الإطاحة بالرئيس المخلوع حسني مبارك، لكن أعدادًا تقدر بالآلاف بدأت التجمع مجددا في ميدان التحرير بعد ساعتين من تفريق الاعتصام، وخاصة بعدما انتهت فترة حظر التجول المحددة خلال الفترة من الثانية حتى الخامسة صباحًا. وطالب المتظاهرون بميدان التحرير مجددا بسرعة تعيين مجلس رئاسى مدنى يدير دفة الحكم فى البلاد لفترة انتقالية، لحين تشكيل دستور جديد وإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية . وجدد المتظاهرون الذين بلغت أعدادهم حوالي بضعة آلاف مطالبتهم بمحاكمة الرئيس السابق حسني مبارك وعائلته ورموز نظامه بشكل فوري، وإقالة جميع المحافظين ورؤساء وأعضاء المحليات ووقف ما وصفوه ب"الثورة المضادة" من فلول النظام السابق. وكان المجلس الأعلى للقوات المسلحة أمر بضبط وإحضار رجل الأعمال إبراهيم كامل، القيادي بالحزب "الوطنى" الحاكم سابقًا، إثر ورود معلومات عن تورطه في القيام باعمال تحريض وبلطجة من بعض اتباعه، وإثارة الجماهير بميدان التحرير. وذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط، أن المجلس العسكرى أمر بضبط وائل أبو الليل مدير مكتب إبراهيم كامل، وكلاً من خالد محمد إسماعيل وطارق سليمان من أتباع رجل الأعمال بعدما وردت معلومات للجيش تؤكد تواجدهما بميدان التحرير الجمعة وقت حظر التجول وقيامهم بأعمال ترويع للمواطنين. وأكد المجلس في بيانه رقم 34 على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، أنه سيستمر بكل حزم وقوة وراء فلول النظام السابق والحزب "الوطني"، وأضاف "ستظل القوات المسلحة دوما درعا قويا متماسكا يحمى ويذود عن البلاد ويعمل على تحقيق طموحات شعب مصر". يأتي هذا فيما أعرب "الإخوان المسلمون" والسلفيون عن دعمهم للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، مثنين على دور الجيش الذي انحاز لمطالب الثوار، في مقابل انتقادات وجهت لطريقة التعامل مع مئات من المتظاهرين الذين بقوا بميدان التحرير ليل الجمعة، للمطالبة بمحاكمة الرئيس السابق حسني مبارك ورموز نظامه. وأشاد الدكتور محمد بديع مرشد جماعة "الإخوان" بالدور الكبير للجيش المصرى ووصفه بالبطل، وقال إنه أثبت بالفعل أنه جيش الشعب وحامي الوطن ودرع الأمن القويى، في حماية الثورة. وأبدى تقدير "الإخوان" لحرص الجيش على نقل السلطة للشعب بطريقة هادئة سلمية وفي أسرع وقت ممكن، وأعد جدولا زمنيا لتسليم السلطة, والاستجابة لعدد من مطالب الشعب، وإظاحته رأس النظام وحل المجالس النيابية المزورة وغيَّر الحكومة، وعدد كبير من رؤساء أجهزة الإعلام, وتقديم عدد من رؤوس الفساد للمحاكمة. وأكد بديع في بيان أصدره السبت، إن "الإخوان" يؤمنون بأن تماسك المؤسسة العسكرية وقوتها ووحدتها بصفة عامة، وفي هذا الظرف خاصة هو خير ضامن لحفظ البلد داخليا وخارجيا لحين نقل السلطة إلى الشعب، وخصوصا بعد تفكك وحل عدد من المؤسسات الهامة مثل مؤسسة الشرطة والبرلمان، ولذلك فهم حريصون كل الحرص على دعم هذا التماسك الداخلى للقوات المسلحة. وأضاف البيان، إن "التلاحم الذي حدث بين الجيش والشعب إبان الثورة العظيمة لابد له أن يستمر ويقوى، ولذلك فإن الإخوان يدينون أى محاولة لإضعاف هذا التلاحم، فضلاً عن إحداث شقاق أو وقيعة بين الشعب وجيشه". وحمل فلول النظام السابق المسئولية عن محاولة الإيقاع بين الجيش والشعب، قائلا إنه "لا يخفى على أحد أن هناك من يسعى لذلك من فلول النظام البائد وبعض المتحمسين الذين لا يقدرون المواقف ولا العواقب". وأكدت الجماعة أنها تؤمن بأن القوى السياسية التى تناست خلافاتها الفكرية أثناء الثورة وانصهرت جميعها مع الشعب في إطار المصلحة الوطنية العليا مطالبة الآن أكثر من أي وقت أن تصطحب هذه الروح الوطنية العامة لضمان نجاح الثورة وتحقيق مطالبها، ففيها المصلحة لكل القوى، وحتى لا نعطى للقوى الهدامة ذريعة لسرقة الثورة أو إجهاضها. وأوضح مرشد "الإخوان" أن الثورة هىيثورة شعبية سلمية عامة قام بها الشعب ويحافظ عليها الشعب، مؤكدا أن "الإخوان" لايقبلون أن يستغلها بعض أصحاب المصالح الخاصة أو المدفوعون بأصحاب المصالح من بقايا النظام السابق. وعلى الرغم من إشادة "الإخوان" وتقديرهم للدور الذى قام به الجيش العظيم، وكذلك الإجراءات التى قام بها المجلس الأعلى للقوات المسلحة، إلا أنهم أكدوا أن هناك عددا من مطالب الشعب لم تتحقق حتى الآن. من جهتهم، أعلن شيوخ "الدعوة السلفية" رفضهم المطالب الداعية إلى تنحي المجلس العسكري وإنشاء مجلس رئاسي غير منتخب، وأكدوا رفضهم أن تتحول المظاهرة المليونية التى تم تنظيمها بوم الجمعة إلى اعتصام حتى لا تضر بمصالح الوطن. ونددوا بالاعتداء على الدكتور صفوت حجازي لمنعه مِن الانصراف بعد انتهاء المظاهرة المليونية تطبيقًا لما سبق إعلانه إنها مظاهرة وليست اعتصامًا. وأشار السلفيون في بيان صدر ظهر السبت وقع عليه الشيوخ محمد عبد المقصود وحسن أبو الأشبال وفوزي السعيد وممدوح جابر إلى الأنباء التى أكدت وقوع اعتداءات مِن بعض المعتصمين على المارة وأفرادٍ مِن الشرطة والجيش. وحذروا من خطورة هذا الوضع على أمن البلاد، واحتمال تطوره إلى الفوضى، بل الخراب، ومن مؤامرة تستهدف استقرار مصر ومستقبلها يقف من وراءها أطراف خارجية. وشددوا على ضرورة أن يلتزم الجميع بقرار فض الاعتصام فورًا وعدم المشاركة في استمراره, وطالبوا بعدم الدعوة إلى تجمعات مِن هذا القبيل إلا بعد تشاور مجتمعي كبير، مع استمرار الجهود لملاحقة رموز الفساد. وحذر شيوخ السلفيين مِن أي محاولة تحت أي مسمى للانقلاب على إرادة الأمة التي أظهرها الاستفتاء على التعديلات الدستورية، الذي كانت الموافقة الكاسحة عليه تعني الموافقة على استمرار المجلس العسكري في قيادة البلاد، حتى يتم تكوين مؤسساتها المنتخبة. وأكد السلفيون أن أصحاب الصوت العالي لا يعكسون الإرادة الشعبية الكاسحة، وأن صوتهم عال بسبب امتلاكهم للآلة الإعلامية، وطالِبوا أصحاب مثل هذه التصرفات "غير المسئولة" أن يدركوا حجم المخاطر التي تحيط بمصر. وحذر ائتلاف القوى الوطنية من محاولات الوقيعة بين الشعب المصري بكافة أطيافه والقوات المسلحة بقيادة المجلس العسكري الأعلى للقوات المسلحة، وذلك في مؤتمر صحفى بمقر نقابة الصحفيين للتعليق على أحداث إخلاء ميدان التحرير فجر السبت بالقوة. وأصدرت القوى المشاركة في فعاليات المؤتمر بيان مشتركا، دعت فيه كلا من المجلس العسكرى والمتظاهرين والتيارات السياسية إلى الالتزام بأقصى درجات ضبط النفس، نظرا لدقة المرحلة التى تمر بها البلاد، بالتوازى مع إعمال القانون. وقال البيان: "كلما اقتربنا من محاكمة رموز النظام السابق وعلى رأسهم الرئيس المخلوع حسنى مبارك, كلما لاحظنا أن هناك محاولات متصاعدة للوقيعة بين الجيش والشعب، والعمل على انعدام الثقة المتبادلة بينهما". وقال جمال فهمى عضو نقابة الصحفيين إن البيان جاء لمحاولة مناشدة الشعب والجيش بضبط النفس، مؤكدا أن التحرك السريع يعكس حجم الفزع من الفتنة التى بدأت تطل علينا لإجهاض الثورة خاصة أنها دخلت إلى منطقة حساسة. بدوره، قال ناصر عبدالحميد أحد شباب ائتلاف الثورة إن الموقف محاط بخطورة شديدة وملابسات لا زالت لم تتضح معالمها بعد، مؤكدا أن الائتلاف لا يوجه المتظاهرين فى الميدان. ونبهت القوى الوطنية إلى واجب التصدى إلى هذه المحاولات وإفشالها، كما أكدت ضرورة الحفاظ على تماسك قواتنا المسلحة باعتبارها العمود الفقرى للدولة المصرية ومؤسساتها والدرع الحامى لتراب الوطن. من جهته، انتقد "التجمع الوطني لحماية الثورة" في بيان حصلت "المصريون" علي نسخة منه الأحداث المؤسفة التي وقعت فجر السبت، مؤكدا أن حماية الثورة مهمة الجميع وأن الثقة بين الشعب ورجال القوات المسلحة الجيش خط أحمر لا يجوز الاقتراب منه أو تجاوزهمشيرا الي ان الحوار الحوار هو السبيل الوحيد لاستقرار وأمن مصر. ورأى البيان الموقع من قبل الامين العام للتجمع خالد الشريف أن سرعة الاستجابة لمطالب ثورة "25 يناير" وعلى رأسها محاكمة الرئيس المخلوع حسني مبارك ونظامه هو السبيل الاهم لاستقرار مصر لاستقرار مصر. وطالب بتفسير سريع لما حدث في ميدان التحرير، مؤكدًا أن غياب الشفافية سيؤدي لمزيد من الاحتقان، محذرا من محاولات إجهاض الثورة من خلال الوقيعة بين الشعب والجيش، فالشعب يقدّر الجيش ويحمل له الجميل حينما حمى الثورة وانحاز لمطالبها المشروعة، مناشدا رجال القوات المسلحة أن يحافظوا على سلمية الثورة العظيمة، وأن يبقوا في ثكناتهم للحفاظ على الثورة ودعمها. ودعا التجمع إلى ضرورة ضمان حرية التعبير لكافة المواطنين في إطار القانون والآداب العامة والأخلاق، والحفاظ على سلمية الثورة محذرا من استغلال أصحاب المصالح من بقايا النظام البائد لها. فيما أكدت حركة "شباب 6 أبريل"، أنها تابعت بقلق بالغ أحداث ميدان التحرير وما قامت به قوات الشرطة العسكرية وقوات الصاعقة المصرية والأمن المركزي من الاعتداء علي المعتصمين السلميين العزل في ميدان التحرير تضامنا مع عدد ضباط الجيش المصري. وأضافت أنه بالرغم من أن الحركة لم تدع إلى الاعتصام الذي أعقب المظاهرة المليونية في ميدان التحرير لتحقيق مطالب بتطهير البلاد ومحاكمة مبارك ورجاله، إلا إن الطريقة التي أتبعتها القوات المسلحة في فض الاعتصام التضامني مع الضباط المعتصمين، تعيد الذكريات إلي أحداث ليلة 25 يناير من استخدام القوة المفرطة في فض الاعتصام من قبل قوات الداخلية، من خلال إطلاق القنابل المسيلة للدموع، والرصاص الحي. وأكدت الحركة إن غالبية الأفراد المدنين الذين موجودين في الميدان كانوا من أبناء ثورة 25 يناير، ومن بينهم نشطاء سياسيين المعروفين وأسماء المصابين والمعتقلين أحمد رفعت وكريم محي الذين تم اعتقالهم من ميدان التحرير أثناء فض الاعتصام. وأشارت إلى أنه حرصا منها علي استمرار ثورة 25 يناير ومكاسبها، والإصرار علي تحقيق كافة المطالب التي ضحي من أجلها أهل مصر، فإنهم يؤكدون على إن القوات المسلحة هي المسئولة عن تحقيق مطالب الثورة، من خلال الشرعية التي أستمدها من دماء شهداء الشعب المصري والتضحيات التي بذلت من أجل أن ينول الشعب المصري حريته الكاملة وكافة حقوقه المسلوبة. وأكدت الحركة في الوقت ذاته علي مطالب الثورة الحالية من محاكمة مبارك ورجالة الذين أفسدوا الحياة السياسية والاقتصادية في مصر، والإطاحة بكل المحافظين ورؤساء المدن والأحياء وغير ذلك من المطالبة التي تم إعلانها، تكوين مجلس رئاسي وعودة الجيش لثكناته.