فى عدد 9 فبراير الماضى من مجلة «ألايكونوميست» البريطانية قالت إن الاضطراب السياسى فى البلاد العربية مرجعه عوامل متعددة منها نسبة الشباب فى المجتمع العربى ومدة بقاء الحاكم فى السلطة والحرية السياسية وغيرها من العوامل.. وبعد نجاح ثورتى مصر وتونس اجتاحت الاضطرابات اليمن وليبيا والبحرين والكويت والأردن والجزائر والمغرب.. ويبدو أننا فعلا أمام موجة رابعة من الديمقراطية يكون العالم العربى هو مسرحها.. وهذه الموجة ستساهم بشكل كبير فى خلق شرق أوسط جديد تتغير فيه كل التوازنات..ولمحاولة فهم ما يحدث فى المنطقة التى تجرى فيها تغييرات جذرية فى العلاقة بين الحكام والمحكومين.. تمكن الاستعانة بمصطلح «موجة الديمقراطية» أو «موجة التحول الديمقراطى» التى صاغها عالم السياسة الأمريكى الشهير صامويل هانتيجين بثلاث مراحل تاريخية.. فقد بدأت الموجة الأولى للديمقراطية أواخر القرن 19 عن طريق توسيع حق التصويت وإعطاء مزايا للنساء للمشاركة فى العملية الانتخابية وتبلور فكرة النظم الحزبية.. تعددت النظم الديمقراطية التى تركزت شمال الأمريكتين وغرب أوروبا وانتهت هذه الموجة بوصول موسولينى للحكم فى إيطاليا عام 1922 والذى عمل على تقويضها.. أما الموجة الثانية من الديمقراطية فبدأت بنهاية الحرب العالمية الثانية وانتصار الحلفاء فى الحرب وبنهاية عام 1947 وبداية الصراع بين المعسكرين الغربى والشرقى على العالم ومشروع جورج مارشال وزير خارجية أمريكا لضخ الأموال فى أوروبا الغربية للمساعدة على رفع كفاءة تلك الدول والعمل على تحولها الديمقراطى مثل إيطاليا وألمانيا الغربية واليونان وفرنسا وانتهت الموجة الثالثة فى الستينيات والسبعينيات عندما فشلت سياسة الاحتواء التى ابتدعها الغرب لمواجهة الاتحاد السوفيتى وظهرت دول اشتراكية مثل كوبا 1959 وفيتنام والعراق «عبد الكريم قاسم» واليمن الجنوبى وغيرها.. أما الموجة الرابعة للديمقراطية فقد بدأت فى منتصف السبعينيات فى أوروبا فى البرتغال عام 1974 وتركيا عام 1981 وأسبانيا عام 1972 واليونان عام 1976 وامتدت تلك الفترة حتى سقوط الاتحاد السوفيتى فى عام 1991. ولأن العالم لم يعد كما كان قبل سقوط الاتحاد السوفيتى وانتهى الصراع الأيديولوجى وانتصرت الليبرالية. أما الموجة الرابعة للديمقراطية.. التى نعيشها الآن فى العالم العربى. فقد بدأت الإشارة إليها فى أوائل عهد بوش الابن بسعيه المتزامن للتحول الديمقراطى للضغط على دول كمصر والبحرين والسعودية والكويت وذلك لغرض فى نفس يعقوب - بوش الابن. وقد تمخض عن ذلك إقامة نظم ديمقراطية بلا ديمقراطية وبغير القادرين على المسار الديمقراطى. ولكن الموجة الرابعة للديمقراطية بعد أن أتت أكلها فى بداية عام 2011 فمع رحيل بن على من تونس والوعود بالانتقال الديمقراطى.. وتخلى الرئيس مبارك عن الحكم وتفويض المجلس الأعلى للقوات المسلحة للإشراف على الانتقال للديمقراطية وتعهده بضمانات مدنية لإقامة الجمهورية الخامسة.. ولأن الأحداث متلاحقة وأسرع من المتابعة فما يحدث فى ليبيا ونهاية حكم القذافى.. وما يحدث فى اليمن واحتمال انفصالها.. وصراع القطبين السعودية ممثلة للعالم السنى وإيران ممثلة للعالم الشيعى على أرض البحرين وما يحدث فى الأردن والجزائر واضطرابات الكويت واضطرابات المغرب.. كل هذا يشير إلى أننا أمام موجة رابعة للديمقراطية يقودها العالم العربى.. ويبقى السؤال هل تكون سوريا خارج إطار هذه الموجة الديمقراطية؟.. أشك.. ولأننا نعيش التاريخ.. فلابد أن نتفاءل لأن هذه الموجة ستعيد التوازنات فى المنطقة وستخلق عالماً عربياً يواكب العالم.. ولا يعيش فى الظلمات.. ويواكب حركة التاريخ.. وإعادة التوازنات سيكون فى صالح مصر.. بإذن الله.. مرحبا بالموجة الرابعة للديمقراطية!