رغم أن الذين خرجوا فى المظاهرات التى اجتاحت مصر لا يعبرون بأى حال من الأحوال عن إرادة الشعب المصرى بأكمله فإنه من الانصاف لابد أن نؤكد على أن مطالبهم الخاصة بالعدالة ومحاربة الفساد والتصدى للبطالة والغلاء وغيرها هى بلا شك مطالب مشروعة وهى أيضا مطالب الغالبية من المصريين، ولكن الذى لابد من التوقف عنده فى هذا السياق أن غالبية الشعب المصرى لم يشارك فى هذه التظاهرات خاصة عندما دخلت إلى منحنيات خطيرة فاحت خلالها رائحة المؤامرة من خلال تهديد أمن وسلامة واستقرار مصر. لابد من قراءة الأحداث منذ بدايتها مع الإشارة والبحث عمن خطط لهذه المؤامرة وهذه التظاهرات سواء كان التخطيط خارجيا أو داخليا أو تخطيطا مشتركا مع ضرورة ربط كل ذلك بتوقيتات ما حدث فى بعض الدول العربية ومنها تونس ولبنان والسودان واليمن والتى شهدت تظاهرات مماثلة مع أعمال عنف وشغب وبلطجة.. فهل هى مصادفة؟ المنطق والعقل لا يمكن أن يستوعب تلك المصادفة على الإطلاق. وإذا افترضنا أنها ليست مصادفة، فليس أمامنا إلا الحديث عن نظرية المؤامرة وأقصد بها المؤامرات الخارجية ثم الحديث بعد ذلك عن المؤامرات الداخلية إن كان هناك خيط واضح يمكن نستدل به على ذلك. والسؤال.. من هو النظام أو الدولة صانعة المؤامرة على مصر وغيرها من بلدان العالم العربى؟ وللإجابة لابد أن نكون مقتنعين ومتفهمين تماما أن الولاياتالمتحدةالأمريكية لا يمكن أن تكون غائبة عن تلك المؤامرات الأخيرة التى شهدتها بعض البلدان العربية ثم المؤامرة الأخيرة التى اغتالت أمن واستقرار مصر.. والدليل أمامنا واضح وهو ما كشف عنه البيت الأبيض عندما أذاع فحوى اتصالات الرئيس أوباما بالرئيس مبارك ناقلا له رغبة البيت الأبيض فى انتقال السلطة سلميا الآن! مع رفض البيت الأبيض الانتظار حتى موعد انتهاء ولاية الرئيس الحالية. وكذلك مكالمة وزير الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون للوزير أحمد أبو الغيط والتى حملت نفس الرسالة! ثم ربط ذلك كله بوصول البرادعى إلى مصر قبل بدء التظاهرات ولقاءاته بالتيارات المعارضة ثم زعامته للتظاهرات منذ بدايتها. ألم يصل المعنى من خلال هذا التحليل القصير والواضح والمباشر؟ ثم بأى منطق يسمح للإدارة الأمريكية بأن تعلن وصايتها السافرة على مصر وشعب مصر وزعيمها؟ ثم تدعوه لنقل السلطة فورا؟ ألا تعلم أمريكا أن ذلك سوف يخلق فراغا سياسيا فى مصر، أم أنها جاهزة بمن لديها لسد هذا الفراغ فورا بما يخدم أجندتها فى المنطقة العربية؟ فى واقع الأمر لقد تكشفت حقائق كثيرة ومذهلة تصب كلها فى خانة الحديث عن نظرية المؤامرة الخارجية على مصر. حقائق كثيرة عن عمليات تدريب لشباب من مصر داخل الولاياتالمتحدةالأمريكية على يد أمريكان ويهود وقطريين، عمليات تدريب على كيفية الحوار واقناع الشباب فى مصر واستخدام الضغط والسيطرة على العقول من خلال فكرة وجود فساد مع اللعب على أوتار العدالة والحرية وغيرهما، وكلها تدريبات عن كيفية زعزعة الأمن والاستقرار فى مصر وقلب نظام الحكم مع الاستعانة بعناصر أجنبية لتحقيق هذه المخططات ودعونا نراقب تواجد أفراد من حماس ومجموعات من جنسيات أجنبية داخل ميدان التحرير.. كيف دخلوا إلى مصر.. ومن وراءهم؟ دعونا نربط الأحداث أيضا بمواقف قناة الجزيرة الواضحة ضد مصر منذ اندلاع المظاهرات وتحريضها الشارع المصرى على قلب نظام الحكم.. مع السرد لواقعة قد حدثت فى منطقة الشيراتون بمصر الجديدة عندما جاء طاقم الجزيرة بمصورين يحملون لافتات بيضاء وألوانا فسفورية ويغرون الشباب بالأموال طالبين منهم أن يكتبوا عليها عبارات تهاجم النظام وتطالب برحيل الرئيس وهم يصورون ذلك لينقلوا عبر قناتهم المأجورة.. فما كان من الأهالى إلا أن أوسعوهم ضربا وحطموا كاميرات التصوير أليس كل ذلك يصب فى نظرية المؤامرة الخارجية التى أتحدث عنها بداية؟ ثم يأتى الحديث والبحث عن وجود مؤامرات داخلية.. ودعونا نبتعد عن توجيه أصابع الاتهام إلى أى قوى وطنية أو تيارات سياسية مبدئيا حتى تتكشف لنا كل الأمور مستقبلا ويتكشف لنا جليا من وراء كل ما حدث سواء من الداخل أو الخارج ومن كان وراء التمويل ومن الذى ساند هذا الانفجار الشيطانى؟ وبعيدا عن نظرية المؤامرة التى تحدثت عنها دعونا نقرأ فى الأحداث ونطل على شعب مصر وأبنائه الشرفاء الذين فجروا ثورة الغضب ضد العملاء والخونة الذين أرادوا العبث بمقدرات البلاد وإسقاط النظام وتحويل الشارع المصرى إلى حالة من الفوضى والبلطجة والمعارك الدموية التى تطيح بكل مكتسبات الشعب المصرى خلال 30 عاما.. هذا شعب مصر الذى انطلق الأربعاء الماضى بعد خطاب الرئس مبارك الذى أرسى فيه قواعد الحياة السياسية خلال الفترة القادمة. شعب مصر الذى انطلق فى مبايعة زعيمه وقائده من خلال تظاهرات شارك فيها كل أبناء مصر الشرفاء فى مواجهة كل العملاء والتيارات التى أرادت لمصر السقوط وكانت هذه هى انتفاضة الشعب المصرى الذى صبر منذ 25 يناير الماضى على كل الممارسات التى أساءت له وكان صبره من منطلق حرصه على حرية التعبير والديمقراطية التى كفلها الدستور ومع هذا الصبر كانوا يدافعون طوال الليل عن مقدرات الوطن من الأملاك العامة والخاصة يدافعون عن منازلهم وشرفهم ضد كل ممارسات البلطجية واللصوص الذين ظهروا فى الظلام يخربون ويدمرون ويحرقون. هذا هو شعب مصر الذى رفض الانضمام إلى هؤلاء الذين يسرقون أحلامه، رفضوا الانسياق وراء دعوات الفوضى والدمار تحت شعار التغيير التى يتزعمها هؤلاء العملاء الذين أرادوا تغييب عقول المصريين ليمارسوا سطوتهم على الشارع المصرى، حالمين باعتلاء السلطة فى مصر تحت دعاوى التغيير والإصلاح وضرب الفساد وكلها شعارات تثير الوجدان ولكنها جوفاء أرادوا من خلالها زعزعة الأمن والاستقرار فى مصر دون التفات إلى سلامة أمن مصر واستقرارها ودون الالتفات إلى أن جريمتهم فى حق مصر وشعب مصر لن يغفرها التاريخ ولن يغفرها أبناء مصر الشرفاء كما أنها لن تمر دون محاكمات شعبية ورسمية لكل الخونة والعملاء الذى أشعلوا الفتنة وهددوا أمن واستقرار البلاد. ودعونى اتساءل.. هل هناك أحد فى مصر وتحت أية دعاوى أو التفافات سياسية صادرة عن أبواق مأجورة لهؤلاء الذين يحاولون السيطرة على زعامة مصر، يرضى بأن ينهار اقتصاد مصر وتنسحب الاستثمارات من بلادنا؟.. هل أحد يرضى أن يحدث الانقسام والفتنة والصدام بين أبناء الوطن وأن يشتعل هذا الصدام بنيران المؤامرات أيا كانت داخلية أو خارجية. ثم دعونا نأتى إلى ما حدث بعد التظاهرات المؤيدة للاستقرار وللرئيس مبارك الأربعاء الماضى.. والتساؤل عمن دفع ببعض عناصر هذه التظاهرات إلى ميدان التحرير للاشتباك مع المتواجدين فيه ومن تورط فى هذه المؤامرة؟. ومن دفعهم هل الطرف المؤيد أم المعارض أم مليشيات دخلت بين أوساطهم؟.. إنه أمر يحتاج إلى البحث والتحرى والتحقيق ومحاسبة ومحاكمة من كان وراءه. ولا يفوتنا هنا الإشارة إلى ما قاله د. مصطفى الفقى عن عضو أو اثنين بارزين فى الحزب الوطنى يستخدمون هذا الأسلوب وهؤلاء البلطجية لإحداث الرعب فى النفوس خلال الانتخابات وهو ما تم فى حالة الانفلات الأمنى الذى حدث الأربعاء الماضى من هؤلاء البلطجية لإرهاب وإثارة الذعر المواطنين لإجلاء المتظاهرين من ميدان التحرير. *** إن مصر تحتاج منا فى المرحلة القادمة إلى تكاتف كل أبنائها المخلصين الشرفاء من كل الأحزاب ومن كل التيارات لإعادة وجه مصر المشرق ولإعادة الحياة إلى شرايين مصر التى لوثتها الأحقاد والمؤامرات. ولكى الله يا مصر يحرسك من كل سوء.. ويدفع عنك شر الحاقدين والمتآمرين . الفتنة نائمة.. لعن الله من أيقظها.