لم يعد الكلام عن الأنفاق فى غزة يأخذ الطابع السرى كما كان فى السابق، لم تعد الأنفاق أيضا طوق النجاة الذى يمكن أهالى غزة من التنفس فى ظل الحصار الخانق. ومع وجود ما يقرب من ألف نفق بين غزة ومصر أصبحت الأنفاق معبرا للمتطرفين والإرهابيين. كما باتت قنبلة موقوتة يمكنها أن تنفجر فى أى وقت سواء فى مصر أو فى غزة، وقد ظهرت أول أنفاق التهريب على طول الشريط الحدودى الفاصل بين الأراضى المصرية والفلسطينية فى 1982 بعدما أعيد ترسيم الحدود عقب انسحاب إسرائيل من سيناء وقد استخدمت بصفة رئيسية لتهريب السجائر والمخدرات والذهب وقطع غيار السيارات فى تلك الفترة. وبعد اندلاع الانتفاضة الأولى أواخر 1987 استخدمت الأنفاق أيضا فى تهريب السلاح والأشخاص الذين تطالب بهم إسرائيل، وكان طول النفق لا يزيد على أمتار، ولكن بعد أن بدأت إسرائيل فى تدمير المنازل وبدأت مصر تواجه المشكلة بدأ طول النفق يزداد إلى 750 مترا وقد بلغ عدد الأنفاق بين غزة ومصر حوالى 800 نفق، وفى عام 2009 تمكنت الأجهزة الأمنية المصرية من اكتشاف 600 نفق كما تم اكتشاف كميات كبيرة من الأسلحة كانت فى طريقها للتهريب. وفى محاولة لوقف حفر الأنفاق التى تستخدم فى عمليات تهريب السلاح والتى أسقطت عددا من جنود وحرس الحدود المصرى بين جريح وقتيل فى السنوات العشر الأخيرة قامت مصر بعمل إنشاءات هندسية بهدف غلق الأنفاق على الحدود لوقف عمليات التهريب غير المشروعة التى تقوم بها العناصر الفلسطينية والوسطاء الدوليون والقضاء على بعض العناصر الإجرامية التى تسعى للقيام بعمليات إرهابية فى مصر وتسلل عبر الحدود وتقوم بشراء الأسلحة التى تستخدم فى قتل المدنيين المصريين والسياح الأجانب. وقد ارتبطت الأنفاق بالجماعات السلفية الجهادية فى غزة فلا توجد جماعة سلفية بالقطاع إلا بها عناصر أجنبية تسللت إلى الداخل عبر الأنفاق. ففى القضية المعروفة بقضية «خلية حزب الله» ثبت من خلال التحقيقات قيام عدد من كوادر الحزب باستخدام الأنفاق التابعة لحركة حماس لجلب أسلحة من غزة لاستخدامها ضد أهداف داخل مصر وفق أجندة «حزب الله» وقد ثبت فى تفجيرات دهب وشرم الشيخ دخول المتهمين عبر الأنفاق كما أن الخلية الإرهابية التى قامت بتفجيرات «ميدان الحسين» قد تم استقطابها بالتسلل عبر الأنفاق الأرضية إلى قطاع غزة لتلقى التدريبات فى مجال إعداد المتفجرات. وقد حاولت جماعة «جيش الإسلام» التابعة لتنظيم القاعدة أكثر من مرة إرسال عناصر عبر الأنفاق إلى مصر للقيام بما تعتبره بعمليات جهادية ضد السائحين الأجانب أو حتى استهداف عناصر الأمن المصرى، لذا لم يكن من الغريب أو من قبيل المصادفة أن تكون الأنفاق وسيلة «تنظيم جيش الإسلام» للدخول إلى مصر وأن يكون هو الجهة التى وقفت وراء تفجير كنيسة القديسين بالإسكندرية حيث أشار البيان الصادر عن وزارة الداخلية إلى أنه صدرت تكليفات لعناصر التنظيم بالتسلل عبر الأنفاق إلى قطاع غزة لتلقى تدريبات عسكرية ثم العودة من جديد إلى الأراضى المصرية بنفس الطريق لتنفيذ هجمات تشمل منشآت سياحية وخطوط إمداد النفط. وقد أكد وزير الداخلية حبيب العادلى أن الداخلية تحارب الأنفاق لأنها تعتبر مصدرا خطيرا للإرهاب وتمثل تهديدا للأمن القومى المصرى. أما على الجانب الفلسطينى فقالت هيئة العمل الوطنى بمحافظة رفح الفلسطينية إن ظاهرة انتشار الأنفاق على امتداد الحدود الفلسطينية المصرية جلبت الكوارث على سكان القطاع بما حصدته من أرواح بريئة كما أدت الأنفاق إلى مقتل العشرات من الفلسطينيين جراء انهيارات داخل النفق أو من خلال صواعق كهربائية فضلا عن تعرض البعض للاختناق جراء رائحة البنزين النفاذة حيث أكدت مصادر طبية أن خلال عامين فقط تجاوز عدد القتلى تحت الأنفاق مائة شخص فيما تجاوز عدد المصابين إلى 300 شخص. أما بالنسبة لإسرائيل وحسبما جاء فى إصدار للهيئة العامة للاستعلامات بمصر فإن مصلحة إسرائيل تكمن فى استمرار وجود للأنفاق لتعميق فكرة عدم قدرة مصر على تأمين حدودها الدولية لدى الرأى العام العالمى وتحميل مصر تبعات الأحداث الإرهابية تمهيدا لغلق القطاع وفصله عن الضفة فى محاولة لتنفيذ حلم إسرائيل بإنشاء وطن بديل للفلسطينيين فى سيناء أو ضرب منطقة الحدود بقنابل ذكية تصيب بالضرر من يعيشون قرب الحدود.