لماذا عاد «جان كلود دوفالييه» ديكتاتور هاييتى السابق إلى بلاده بعد أكثر من 25 عاما من منفاه فى فرنسا؟ ولماذا اختار هذا التوقيت تحديدا؟ وهل هناك علاقة بين عودته والأزمة السياسية التى تعيشها هاييتى بعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية التى جرت فى 28 نوفمبر الماضى؟ وما تداعيات عودته على الوضع فى هاييتى؟ تساؤلات عديدة تطرحها وسائل الإعلام العالمية منذ الإعلان عن تلك العودة المفاجئة، والتى تفاقم من الوضع المعقد أصلا فى هاييتى بسبب أزمة الانتخابات، فى الوقت الذى تصارع فيه وباء كوليرا، وجهودا تسير ببطء لجعل البلاد تقف على قدميها بعد زلزال مفجع قبل عام. فى البداية يجب معرفة أن دوفالييه – والذى كان يعرف باسم « بيبى دوك» حكم هاييتى عام 1971 بعد وفاة والده فرانسوا دوفالييه «بابا دوك» الذى كان يحكم بنظام الإرهاب، وعندما تولى كان أصغر رئيس دولة فى العالم وقتئذ، حيث كان عمره 19 عاما فقط، ومنذ توليه رئاسة هاييتى، قاد نظاما وحشيا، واعتمد على ميليشا خاصة كما فعل والده من قبله، واستمر فى الحكم لمدة 15 عاما حتى أجبر على الرحيل عام 1986 بعد اندلاع انتفاضة شعبية، ومنذ ذلك الحين عاش فى فرنسا لأكثر من 25 عاما حتى عاد مؤخرا بشكل مفاجيء. وعلى الرغم من إعلان دوفالييه عند وصوله أنه عاد «لكى يظهر التضامن خلال هذه الفترة الصعبة للغاية من تاريخ هذا البلد»، و«أنه لا يرغب فى التدخل فى العملية الانتخابية الجارية فى هاييتي» فإن هذه التصريحات تتناقض مع ما قاله السفير الهاييتى السابق فى باريس والذى يعتبر الناطق باسم دوفالييه «هنرى روبير سترلين» وقال فيها إن عودة دوفالييه بعد 25 عاما من المنفى فى فرنسا تهدف إلى السعى لتنظيم انتخابات رئاسية جديدة. قضية أخرى أثارتها عودة دوفالييه وتتعلق بمحاكمته، إذ تتهمه جماعات حقوقية بالمسئولية عن قتل وتعذيب معارضين خلال فترة حكمه لهاييتى، كما اتهم باختلاس أموال، وتقدر سلطات هاييتى المبالغ التى اختلسها بأكثر من 100 مليون دولار. من جانبه قال مدير قسم الأمريكتين فى منظمة هيومان رايتس ووتش» خوسيه ماجل فيفانكو» إن عودة الرئيس الأسبق يجب أن تكون لغرض واحد فقط وهو الامتثال للعدالة، وشبه مسئول المنظمة المعنية بحقوق الإنسان وجود دوفالييه مالم يتم اعتقاله فورا بالصفعة على وجوه الناس الذين عانوا حتى الآن الكثير، وقال المستشار الخاص لمنظمة العفو الدولية «خافيير زونيجا» إن الانتهاكات التى اقترفها دوفالييه هى بمثابة جرائم ضد الإنسانية، وأن هاييتى ملزمة بتوجيه لائحة اتهام بحقه. حتى الآن لم يتضح ما إذا كانت السلطات ستقوم بمحاكمته عن تلك الجرائم أم لا، فعلى الرغم من قيام الشرطة باستجواب دوفالييه، فإنه سرعان ما غادر «قصر العدل» فى العاصمة بورتو أو برنس حرا مع إبقائه تحت تصرف القضاء. عودة دوفالييه أيضا شجعت الرئيس الهاييتى السابق اريستيد» الذى أطاحت به ثورة شعبية عام 2004 على إعلان استعداده للعودة، وذكر اريستيد فى بيان له أنه منذ رحيله القسرى إلى جنوب أفريقيا قبل ست سنوات ونصف السنة، لم يكف الشعب عن مطالبته بالعودة إلى هاييتى، مؤكدا على استعداده الفورى للعودة لهاييتى. إجمالا يمكن القول بأن عودة دوفالييه جاءت لتكمل سلسلة الأزمات السياسية التى تعصف بواحدة من أفقر دول العالم، والتى تعانى أصلا من الكوارث الإنسانية والطبيعية.