يُعد 2010 عاماً استثنائياً فى تركيا بكل المقاييس، حيث شهد هذا العام أحد أهم التعديلات الدستورية فى تاريخ البلاد، ففى 12 سبتمبر 2010 صوّت حوالى 58% من الناخبين على مجموعة تعديلات دستورية طرحتها حكومة حزب العدالة والتنمية الحاكم برئاسة رجب طيب أردوغان، وشملت تلك التعديلات 26 بنداً منها الحد من صلاحيات الجيش، والسماح بمحاكمة العسكريين أمام المحاكم المدنية فضلاً عن الحد من صلاحيات السلطة القضائية، مما يشكّل نصراً كبيرً لأردوغان وحزبه. وقد أسهم العديد من العوامل فى نجاح أردوغان وحكومته فى حشد الموافقة على تلك التعديلات، أهمها النجاحات الاقتصادية الهائلة التى أنجزتها حكومة أردوغان خاصة بعد أن صار الاقتصاد التركى الخامس عشر عالمياً والسادس أوروبياً، كما لعب التوقيت دوراً مهماً فى تهيئة قطاع كبير من الأتراك للموافقة على التعديلات، إذ يوافق الذكرى الثلاثين للانقلاب العسكرى الذى قام به الجنرال (كنعان إيفرين) فى 12 سبتمبر 1980 والذى يحمل ذكريات أليمة للأتراك،مما شجع الأتراك للتصويت لمصلحة التعديلات، كما جاء الدعم الغربى للتعديلات الدستورية بمثابة عامل تأييد مهم، وأخيراً كان ضعف المعارضة وعدم قدرتها على استمالة الجماهير وحثها على رفض التعديلات. وقد جاءت هذه النتائج التاريخية لتمهد الطريق أمام فوز حزب العدالة والتنمية فى الانتخابات التشريعية التى تجرى فى يوليو المقبل مما يعنى انفراد الحزب للمرة الثالثة بالحكم بدون شريك ائتلافى كما كشفت أيضا نتيجة الاستفتاء عن ضعف السلطة العسكرية التى تحكم فى البلاد نحو (9) عقود مستمرة لتنهى هذه التعديلات حقبة الخوف والقلق من الانقلابات العسكرية التى اشتهرت بها تركيا منذ النصف الثانى من القرن الماضى. إجمالاً، يمكن القول بأن تلك التعديلات وضعت حداً حاسماً لتسلط المؤسسات القضائية، كما وضعت نهاية لنظام الوصاية العسكرية من خلال تكبيل يد المؤسسة العسكرية وإخضاعها لرقابة المؤسسات المدنية.