لاشك ان النتائج والقرارات التى تمخضت عنها قمة قادة حلف شمال الأطلسى (الناتو) الحادية والستين فى العاصمة البرتغالية لشبونة تختلف عن القمم السابقة حيث تمت مناقشة البدء فى انسحاب القوات الدولية من أفغانستان وحماية أوروبا من الصواريخ بالتعاون مع روسيا، وتكيف الحلف مع التهديدات الحالية، حيث أكدت القمة على بدء سحب قوات الناتو من المدن الافغانية فى ربيع العام القادم حيث تستعد بلدان مثل فرنسا وبولونيا والسويد للبدء بسحب قواتها اعتبارا من العام القادم ودول اخرى كالمانيا اعتبارا من عام 2012 على ان يتم الانسحاب النهائى عام 2014 بحيث يجرى تقليص القوات الاطلسية من مائة وخمسين الف جندى فى الوقت الحاضر إلى خمسين ألفا. ونشرت صحيفة (الصاندى تلجراف) البريطانية أن رئيس الوزراء البريطانى ديفيد كاميرون يصر على سحب القوات البريطانية قبل الانتخابات البريطانية القادمة أى عام 2010، بينما الجانب الأمريكى على النقيض من ذلك فهو يصرعلى أن الخطة التى تم الاتفاق عليها فى لشبونة لا تتضمن وضع حد للعمليات القتالية الامريكية.فى أفغانستان وأن القوات الامريكية يمكن أن تستمر فى محاربة طالبان فى افغانستان حتى بعد نقل المسئوليات الأمنية. وفى غضون ذلك وقع أمين عام حلف الناتو اندرس فوج راسموسن مع الرئيس الأفغانى حامد كرزاى اتفاقية حول شراكة طويلة الأمد فى أفغانستان ستستمر حتى بعد انتهاء المهام القتالية، وأوضح راسموسن أن القوات الدولية ستقوم خلال المرحلة الانتقالية بتقديم الدعم للجيش الأفغانى بدلا من أن تكون فى الجبهات الأمامية مؤكدا أن الحلف الأطلسى سيستمر فى القيام بدوره فى أفغانستان حتى بعد نقل المسئوليات القتالية إلى الجيش الأفغانى لأننا تعهدنا بأننا لن نترك فراغا أمنيا فى البلاد ونحن واثقون فى استطاعتنا الوفاء بهذه المهلة والوعد بالانسحاب من أفغانستان فى الموعد المحدد. وفى السياق ذاتة صرحت وزارة الدفاع الأمريكية بأن تسليم المسئولية الأمنية للحكومة الأفغانية نهاية العام 2014 هو مجرد «مطمح» لكنه قد لا يكون ممكنا فى كل أرجاء البلاد. فى تلك الأثناء يستعد الجيش الأمريكى لإرسال كتيبة مدرعات قتالية «ثقيلة» لأول مرة إلى أفغانستان منذ بدء الحرب قبل تسع سنوات. وعلى الصعيد الآخراعلنت حركة طالبان أن خطة انسحاب قوات حلف شمال الأطلسى من أفغانستان تشكل مؤشرا قويا على فشل الولاياتالمتحدة. وأضافت الحركة فى بيان لها أن نتائج قمة لشبونة تبرهن على أن واشنطن فشلت فى الحصول على مساعدات عسكرية إضافية من الدول الاعضاء فى حلف شمال الاطلسى أو الالتزام بمواصلة العمليات العسكرية على المدى البعيد. كما انتهت القمة للاتفاق مع روسيا على مشروع الدرع المضادة للصواريخ فى أوروبا وذلك بعد تأكد موسكو من أنه ليس موجها ضدها حيث اتفق الرئيس الامريكى باراك أوباما وحلفاؤه بحلف شمال الأطلسى فى لشبونة على إقامة نظام دفاعى جديد مضاد للصواريخ عبر أوروبا ودعوة روسيا للمشاركة فيه، كما أقروا مفهوما استراتيجيا جديدا سيوجه عمل الحلف فى العشرية المقبلة، واتفقوا على ضرورة الإسراع بتصديق اتفاقية ستارت الروسية الأمريكية لنزع الأسلحة. ويذكر أن الرئيس الفرنسى ساركوزى كان يلح حتى نهاية القمة على ذكر أن إيران هى المقصودة من إنشاء الدرع الصاروخية، غير أنه تراجع فى النهاية عن رأيه، وخرجت الوثيقة التى تألفت من 38 مادة فى 11 صفحة بنتيجة خلاصتها أن الدرع الصاروخية ليست موجهة ضد أية دولة من دول العالم، وأنها بغرض حماية كافة أعضاء حلف الناتو. وبهذه النتيجة، تكون تركيا قد حققت ما أرادت؛ حيث كانت منزعجة إلى حد كبير من أن تدرج دولة مثل إيران أو سوريا فى هذه الوثيقة كدول أعداء للحلف، وبالتالى تكون الدرع الصاروخية التى ستقام على الأراضى التركية موجهة ضد أى منهما، فى الوقت الذى تتمتع فيه العلاقات التركية الإيرانية والعلاقات التركية السورية بأفضل أحوالها من الوفاق والتعاون.