الرجوع للذاكرة هو عنوان المعرض المقام حاليا بمتحف الخزف والصينى لواحد من أهم أعلام الفن التشكيلى فى الوطن العربى هو جمال مليكة . الذى نجد فى كل لوحاته تعبيرات وأشكالا مختلفة تملئها لحظات السعادة و الحركة السريعة وتفاصيل الحياة اليومية وأخرى تعبر عن الشجن والألم . وبصفة عامة تعبر عن صانعها .. فالفن التشكيلى له احساس كبير بالوطنية، وعشق الفن يجعل الفنان دائماً يتذكر ما مضى من حياته، والفن التشكيلى يعيش ليوضح ما مضى من ذكرياته بكل ما فيها ويترجم من خلالها مجموعة من الرسومات التى تعبر عن انطباعات مختلفة لمراحل عديدة فى حياة أى فنان . هذا ما أوضحه لنا الفنان التشكيلى المصرى جمال مليكة الذى افتتح معرضه الفنان فاروق حسنى وزير الثقافة واشاد بإبداعه قائلا إنه فنان يعتمد على التغير والتطوير من نفسه واستطاع أن يسير عكس التيار بالإضافة إلى أنه يعتمد دائما على الحركة فى كل لوحاته ويشجعه على ذلك احساسه بالوطنية الشديدة لبلده مصر وانتمائه لها. وأضاف: أن أعمال الفنان جمال مليكة تتسم بالتجريب فى الخامة فهو فنان لا يتوقف عن البحث المستمر عن الوسائل التى يستطيع من خلالها تقديم أفكاره واحاسيسه الفنية بداية حياة فى متحف الخزف والصينى بالزمالك وبحضورفاروق حسنى وزير الثقافة التقينا به لنتعرف منه على تجربته ورحلته الشاقة من القاهرة إلى مدينة ميلانو الإيطالية وذكرياته فى بلده الأم القاهرة وكيف انتقل لمدينة ميلانو مباشرة!.. خاصة أنه لم يمر بمحطات اخرى فى حياتة الفنية يقول جمال مليكة: أنا شاب مصرى أحمل الجنسية الإيطالية ولدت فى محافظة المنيا ثم انتقلت مع أسرتى للإقامة فى أشهر احياء القاهرة الشعبية وهو حى بولاق أبوالعلا. من موليد 1954عشقت الفن والتصوير فى المرحلة الابتدائية وكنت متابعاً جيداً لكل المسابقات التى يتم الإعلان عنها. وفى احدى المسابقات تم إختيارى كى اشارك فى مسابقة أو منتدى الموهوبين الصغار وكنت وقتها فى السابعة من عمرى وكان يشرف على هذا المنتدى حامد ندا وراغب عياد ، وأدركت بعدها انهما كانا من أهم الشخصيات البارزة والإعلامية الناجحة. وبعد الانتهاء من المنتدى تم تكريمى من وزير الثقافة وحصلت على شهادة تقدير عن جدارة واستحقاق بعدها سافرت إلى إيطاليا وانا فى التاسعة عشرة من عمرى بهدف استكمال دراسة الفن وحصلت على درجة الدكتوراة فى رسم المشاهد المسرحية ودبلومة فى فن التصوير سفر بالمصادفة ويضيف: كانت كل آمالى مثل اى شاب وحلمى الوحيد هو الالتحاق بإحدى كليات الفنون الجميلة بالقاهرة.. . ولم أدرك أن حياتى سوف تتحول وستصبح مختلفة ولم اخطط أبدا للعيش بعيدا عن مصر. اعتقد أن المصادفة لعبت دوراً كبيراً فى حياتى وهى التى جعلتنى اقيم بين مصر وايطاليا، ولم أتوقع أيضا السفر بعيداً فالقصة بدأت عندما كنت ابحث عن فرصة سفر للخارج للعمل فى أى دولة خارج مصر وذهبت مع اصدقائى للمركز الثقافى الإيطالى وبالصدفة وجدت هناك إعلاناً عن منحة مقدمة من وزارة الثقافة الإيطالية لدراسة الفن. فتقدمت لها وقامت وقتها اللجنة المختصة بعمل اختبار للمتقدمين من عشرات الشباب وبعدها فوجئت بفوزى بالمنحة ومعى خمسة آخرين من المتقدمين كان الأمر مفاجأة لى وللأسرة فى نفس الوقت فأنا لم أكن أتوقع الفوز وكانت كل أحلامى السفر للعمل والعودة مرة أخرى. أول معرض ويقول مليكة عن اللوحات: إن أغلبها تم عرضها ضمن أكبر معارض الفنون التشكيلية فى انجلترا فبعض هذه الأعمال كانت معروضة ضمن أكبر معارض الفنانين الفرنسيين وقمت بنقلها هنا حتى تصبح ضمن المعرض الحالى خاصة أن كل هذه الأعمال لها علاقة كبيرة بالماضى الذى يحتل كل ذاكرتى وهذا واضح فى لوحاتي.. وهنالك لوحات تتكلم عن الإنسان ومراحل حياته المختلفة وعلاقتة العائلية والاجتماعية وكذلك الأصدقاء قمت بترجمتها فى حركة سريعة خاصة أننى دائما كنت أتذكر الماضى وحياتى بمصر وأعتقد أن الرجوع للذاكرة ساعد فى هذا الفن بصورة حدثة وسريعة خاصة اننى عشت بميلانو ما يقرب من 35 سنة ولكن ذكرياتى بمصر كانت دائما تساعدنى على النجاح ومن الطبيعى أن يكون اسلوب الرسم به الحركة السريعة. ويضيف: كان أول معرض لى بالقاهرة فى بداية الثمانينات وضم عددا كبيرا من أعمالى تم عرضها فى قاعات مجمع الفنون بالقاهرة وتم عرض اللوحات بعد زيارة العالم الأثرى الكبير ومكتشف مراكب الشمس كمال الملاخ لإيطاليا الذى تعرف وقتها على تجربتى وأعجب بها وقدم لى التسهيلات من أجل عرض أعمالى بالقاهرة ، وأضاف قائلا: إن الفنان لابد له مواكبة التطوير خاصة أن الطبيعة والتقنية الحديثة أعطتنا الكثير ولابد لنا أن نبحر ونبحث فى كل هذه المجالات التى تحيط بنا للبحث عن الجديد للإحساس بمذاق مختلف ويمكن استخدام كل خامة لتساعدنا بمقوماتها وإمكاناتها للنهوض بالإحساس الفنى وأنا بطبيعتى تعودت ألا أقف أمام نفسى فى خامة واحدة، فأنا دائم البحث والتجريب عن الخامات الجديدة الأنسب التى أستطيع العمل بها حتى يظهر العمل فى النهاية فى قمة جماله أكون عند حسن ظن المهتمين بالفن. شهادات مليكة حصلت على العديد من الشهادات التى أهلتنى لأكون واحداً من أهم فنانى العالم وصاحب شهرة عالية فى ايطاليا وبالفعل وبعد سفرى التحقت بأكاديمية الفنون الجميلة والتى حصلت منها على درجة الدكتوراة فى فن الرسم، ثم حصلت على درجة الدكتوراه فن رسم المشاهد المسرحية والتليفزيونية من نفس الأكاديمية وبالصدفة ايضا كنت أول من بادر بإدخال فن رسم المشاهد إلى إيطاليا للمسرح الغنائى ومن خلال «الميديا ست» قمت من خلاله بإعداد الكثير من البرامج التليفزيونية التى تبرز الفكرة وهو بث تليفزيونى مملوك لرئيس الوزراء الإيطالى بيرلسكونى. والجدير بالذكر أن مليكة لديه معرض دائم فى قلب مدينة ميلانو الإيطالية يعرض من خلاله كل أعماله الفنية، ويعتبر هذا المعرض شهادة تقدير لفنان مصرى خاصة أن المعرض دائما محط أنظار الكثير من الفنانين والمبدعين من كافة أنحاء العالم. فهو فنان مصرى حقق لنفسه مكانة عالية ومرموقة بفضل القدرات التى أهلته ليكون ضمن الأسماء الموجودة فى الألبوم الذهبى الذى يضم الفنانين من كافة أنحاء إيطاليا إنه حريص دائما على إقامة العروض الخاصة بأعماله من وقت لآخر داخل بلده لأنه يريد ألا ينقطع التواصل بينه وبين أهله. وأكد أن مصر تهتم بالفن ولكنه وجد نوعاً آخر من التقدير للفن والاهتمام فكل الفئات تهتم بالفن فى إيطاليا لما له من أهمية كبيرة لدى الإيطاليين وكأنه البحث عن «لقمة العيش فى مصر» وهو ضرورة من ضرورات الحياة اليومية هناك فمن النادر أن تجد فى ايطاليا بيتا واحدا يخلو من الأعمال الفنية خاصة اللوحات أو الأعمال النحتية أو غيرهما من الفنون الأخرى التى تعبرعن حياتها وتاريخها.