يلجأ بعض الأفراد إلى القيام ببعض الحيل لتحقيق عائد مادى بصرف النظر عن شرعية أو حرمانية هذا العمل، ويتخذون الدين شعاراً لتبرير أعمالهم على أساس أنه الطريق الوحيد فى نظرهم لجمع الملايين، مما يشكل خطراً على الأمن الاجتماعى والاقتصادى للمجتمع، حيث انتشرت فى الآونة الأخيرة فكرة أداء الحج أو العمرة بالإنابة وإقناع الناس بأن ذلك يجوز شرعاً، وذلك مقابل ألف ريال للعمرة وألف ونصف ريال سعودى للحج. «أكتوبر» بحثت الظاهرة، حيث تبين وجود عدد من أصحاب الجمعيات الأهلية ودور الأيتام فى محافظة 6 أكتوبر يساعدون فى نشر هذه المغالطات. محمود - ز - أحد الذين يقومون بجمع المبالغ المالية لحساب بعض المدرسين الذين يعملون فى السعودية يقول: إنه يأخذ مقابل تكاليف العمرة ألف ريال سعودى ومبلغ ألف ونصف ألف ريال للحج، موضحاً أنه يقوم بعمل تلك الخدمة قاصداً بها وجه الله دون أى مقابل، لأنه يساعد من توفى أحد والديه ويريد أن يؤديها عنهما، كما يساعد أى إنسان يمر بظروف مادية صعبة وأى شخص مريض ولا يستطيع تحمل مشقة الحج أو السفر. والطريف أن محمود يروج لتلك الفكرة وهو على يقين بأن الحج بالإنابة يجوز شرعاً ويساعده فى ذلك العلاقات الشخصية وطبيعة عمله فى مجال رعاية الأيتام. وأشار الحاج محمود إلى أن هناك عدداً كبيراً من الأفراد يسافرون تحت اسم خدمة الحجاج ويحجون بالإنابة. ويقول د. محمد - ر - والذى يسافر كثيراً بأن خدمة الحجاج تتم بشكل دائم ولا توجد غضاضة فى هذا العمل وأنها تعتبر من أعمال الخير وهذا من وجهة نظرى. وفى نفس السياق أشار مصدر رفض ذكر اسمه أنه تم رصد مدرس بالمرحلة الثانوية من أعضاء جماعة الإخوان «المحظورة» يقوم بالاشتراك فى هذا العمل لصالح بعض المدرسين الذين يعملون بالسعودية. وتقول د. سهير عبد المنعم الخبير القانونى بالمركز القومى للبحوث إن هذا يعد نصباً واضحاً، مشيراً إلى أن التحايل أصبحت له صور عديدة ومختلفة ومن لم يستطع أن يصل إلى ما يريد بالطرق المشروعة يسعى إلى غير المشروعة. وأضافت د. سهير أنه فى حالة التأكد من هذا التحايل سيتم إثبات ذلك على أنه عملية «نصب» كاملة الأركان وتكون جنحة بالقانون. من جانبه يقول د. سالم عبد الجليل وكيل وزارة الأوقاف لشئون الدعوة إن النبى صلى الله عليه وسلم اشترط فيمن يحج عن أحد أن يكون قد حج عن نفسه أولاً وأن تكون الحالة التى يحج عنها «قد توفيت» بغض النظر عن صلة القرابة لأنه قد يحج الفرد عن صديق. وأضاف د. عبد الجليل أنه روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن هناك رجلاً سمعه - رضى الله عنه - وهو يلبى نداء الحج قائلاً: لبيك عن شبرمة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل حججت عن نفسك، قال له الرجل: لا، فسأله النبى: حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة. وقال وكيل وزارة الأوقاف: أما ما يتردد من قيام بعض الناس بأخذ أموال من آخرين ليحجوا عنهم فهذا لا يجوز لأن أغلب هؤلاء الناس يتوافر لديهم القدرة على السفر، وتساءل: ما الذى يمنع أى إنسان عن تلبية نداء الله، خاصة إذا كان مقتدراً مالياً وبدنياً؟. ومن جانبه يقول د. أحمد كريمة أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر إن هذه الإعلانات والتصرفات تعد صورا من صور النصب واستنزاف أموال الناس البسطاء الذين لا تتوافر لديهم المقدرة، وقد سمعنا بإعلانات غريبة انتشرت فى إحدى دول الخليج ترفع شعار ادفع لنخرج عنك حتى وصل الأمر لأن يقولوا ادفع لنصل عنك وادفع لنصوم عنك. واضاف أن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم قد وضع شروطا وضوابط فى مسألة الحج بالإنابة يجب وضعها فى الاعتبار، فكان إذا سمح لأحد أن يحج عن أحد بالإنابة، فإنما كان ذلك لأصحاب الأعذار، فهناك المرأة الخثعانية - نسبة إلى قبيلة خثعان - التى سألت يا رسول الله قائلة له:إن أبى شيخ كبير ولا يثبت على الراحلة.. أفأحج عنه؟ فقال لها نعم. وأوضح د. كريمة أن الذين يدعون أنهم فى الأراضى الحجازية فهؤلاء أناس لا نعرفهم، كما أنه ثبت أن هؤلاء يأخذون أموالاً من أكثر من فرد والثابت فى الشرع أن الوكيل لا يصح إلا عن واحد فقط فلا يصح أن يحج فرد عن جماعة. واختتم كلامه مؤكداً أن الحج بالإنابة يجوز عن حى إذا كان عاجزا عن أداء المناسك ويجوز عن ميت مثلما الحال فى رواية «شبرمه» الذى حج عنه أخاه بعد وفاته. أما أن تحج عن قادر ومستطيع أو بغرض التجارة أو الربح،فهذا ما لا يقبله الله ورسوله، ويعد شكلاً من أشكال النصب التى طرأت على المجتمع المصرى.