عندما تزدهر صناعة البمب والصواريخ تحت بير السلم والمقابر.. لا بد أن نسأل لماذا؟ وعندما تحقق أرباحاً تعادل أرباح تجارة المخدرات.. لا بد أن نسأل كيف؟ وعندما تحدث كوارث وتصيب وتقتل الأطفال والشباب وتضر الصحة العامة للمواطنين.. لا بد أن نسأل ما الحل؟. ولكن لابد أن نعرف قبل الإجابة عن هذه التساؤلات أن كيس البمب تتكلف صناعته أقل من 50 قرشاً ويباع ب 5 جنيهات، وأن هناك صفقات مهربة وسرية من الصين وغيرها كصفقات المخدرات تماماً، وأن تجارة البمب والصواريخ قدرت هذا العام بمليار جنيه، لذلك فلا يزال البمب والصواريخ.. صداع كل عيد. نبدأ بالحوادث حيث شهدت منطقة العمرانية بالهرم واقعة مثيرة جدا لشاب أراد أن يجامل صديق عمره ليلة زفافه فأحضر علبة صفيح فارغة وملأها (بمب وبارود ومسامير)، وأغلقها بإحكام واقترب من العروسين عند دخولهما الشارع وقبل وصولهما إلى الكوشة ألقى العبوة على الأرض بقوة، فأحدثت انفجارا كبيرا كان من نتيجته أن تحول الفرح إلى مأتم بعدما تطايرت المسامير والشظايا إلى وجوه العروسين والمدعوين، فنتج عنها بتر ذراع شقيق العريس ووفاة طفل 11 سنة فى الحال كان يقف بشرفة منزله يشاهد حفل الزفاف فتطايرت المسامير بقوة إلى رأسه ونزف بغزارة وتوفى قبيل وصوله للمستشفى، كما أصيب العروسان بجروح وحروق شديدة فقدا على أثرها الوعى، وفى تحقيقات النيابة أكد الشاب 27 سنة أنه لم يكن يقصد الإضرار بأحد فقد أراد مجاملة صديق عمره فكان ما كان وأكد أنه لم يكن يعرف أن الانفجار سيكون مدمرا إلى هذه الدرجة. وجريمة أخرى لشاب أقدم على قتل جاره بسكين إثر مشاجرة بينهما بسبب الألعاب النارية، وتبين من التحقيقات أن عمره 22 سنة كان يلهو ببعض الصورايخ ابتهاجا بخطبة شقيقته الكبرى، بأن يصوبها نحو السماء فتحدث صوتا مدويا إلا أنه أخطأ التصويب فى إحداها وقذف بالصاروخ فى شرفة مسكن جاره، مما أدى إلى تكسير زجاج الشرفة فى الحال وهو الأمر الذى أدى بالجار إلى الخروج ثائرا فنشبت مشاجرة بينهما على إثرها استل أحد الشباب سكينا وقام بطعن جاره عدة طعنات فى أماكن متفرقة من الجسد مما أدى إلى وفاته فى الحال. وما شهدته منطقة الدويقة أخيرا عندما انهار عقار كبير من ثلاثة طوابق يضم 12 شقة تابع لمحافظة القاهرة بسبب انفجار داخل إحدى الشقق بالطابق الأرضى، يقوم مستأجرها بتصنيع الألعاب النارية البدائية مثل البمب والصواريخ بداخل الشقة وأدى الحادث إلى مصرع 8 فى الحال وإصابة21 شخصا بجروح وكسور مختلفة. يؤكد الأطباء أن الرماد الناتج عن عملية احتراق هذه الصواريخ والمفرقعات يؤذى الرئة ويتسبب فى حالات اختناق للأطفال، كما يضر بالجلد والعين إذا ما تعرض له الطفل بشكل مباشر، كما قد يؤدى اللعب بهذه الألعاب النارية إلى دخول أجسام غريبة (الزلط الصغير الذى يخلط ببارود البمب) فى العين قد يسبب انفصالا فى الشبكية وربما يؤدى الأمر إلى فقدان كلى للعين، فضلا عن التلوث الضوضائى الذى يؤثر على طبلة الأذن وبالتالى يسبب خللا وظيفيا فى عمل المخ. د. حمدى عبد العظيم عميد أكاديمية السادات للعلوم الإدارية والاقتصادية سابقا يؤكد أن تلك التجارة تندرج تحت ما يسمى الاقتصاد السرى أو الخفى الذى يمارس من قبل البعض دون تراخيص, أو سجلات توضح حقيقة تلك التجارة وما يحققونه من أرباح، ولذا فإن الدولة لا تجنى من ورائها إلا الضرر البالغ. وهناك جوانب أخرى سيئة لتلك الظاهرة أبرزها ما يتعلق بصحة الأطفال وهو ما يشير إليه د. أحمد النحاس أستاذ الطب النفسى- موضحاً أن الألعاب النارية لاسيما البمب وراء تزايد حالات الإصابة بانفجار مقلة العين بالنسبة للأطفال تحديدا فى الفترة الأخيرة. وهو ما تتوقف أمامه الدكتورة فوزية عبد الستار أستاذ القانون الجنائى بجامعة القاهرة ورئيس اللجنة التشريعية- السابق- بمجلس الشعب موضحة أن القانون المصرى لا يتضمن فى نصوصه مواد تجّرم التاجر أو الحائز أو المستخدم للألعاب النارية بصورة صريحة، إنما هناك بعض المواد التى تتعرض لعقوبة من يتسبب استخدامه لها فى ضرر لاحق بالغير. ويوضح د. أشرف حسنين أستاذ طب الأطفال أن تراجع مساحة البهجة فى حياتنا والترفية أديا إلى أن يختزل الكثيرون فرحتهم فى فرقعة البمب أو تفجير الصواريخ والتى تعرف فى بعض البلدان العربية بالشماريخ والتلذذ بسماع صوت الانفجار وتطاير الشرر والألوان الزاهية منه لاسيما فى الأفراح ومباريات كرة القدم.