رحل الشاعر الزجال فنان الشعب محمود بيرم التونسي عن عالمنا فى مثل هذا اليوم 5 يناير 1961، وهو من أصل تونسي من (مواليد الإسكندرية عام 1893) . ويعد بيرم من أشهر شعراء العامية والزجل، ونشر أول قصائده فى جريدة الأهالي السكندرية، وهي قصائد ساخطة على الأوضاع السياسية التي صنعها الاستعمار فكانت أول قصائده "المجلس البلدى" يقول فيها: قد أوقع القلب فى الأشجان والكمد.. هوى حبيب يسمى المجلس البلدى إذا الرغيف أتى فالنصف آكله.. والنصف أاتركه للمجلس البلدى، يا بايع الفجل بالمليم واحدة.. كم للعيال وكم للمجلس البلدي كأن أمي بلل الله تربتها.. أوصت فقالت أخوك المجلس البلدى. أصدر بيرم عدة مجلات منها "المسلة "واتخذ صورة المسلة رمزًا للمجد المصري القديم ونشر فيها زجلًا بعنوان (البامية الملوكى والقرع السلطانى)، وكانت تمثل سبًّا وتعريضًا للملك فؤاد فصادر المجلة وتم نفى بيرم الى فرنسا. عشق الطبقات الكادحة وكان التصوف مذهبه في الحياة والفن، وكان كثير الجلوس على المقاهي الشعبية فهو ابن البلد خفيف الدم وابن نكتة وشجاعًا، نادى في أشعاره بإحياء العقل الشرقي والمصري، فيقول: يا شرق فيك جو منور والفكر ضلام.. وفيه حرارة يا خسارة وبرود أجسام لا بالمسيح عرفوا مقامهم ولا بالإسلام.. هي الشموس بتخلي كده العقل بدنجان. كتب لكثير من المطربين الأغانى وحازت أم كلثوم على أكثرها وأغلبها تلحين زكريا أحمد، ومن شدة حبه لأم كلثوم كان يقال عنه تباع أم كلثوم فكتب في هذا يقول: يا مرفهة على جميع الناس وتعباني.. وفى حارة السد والسيدة فضحانى. علمت أم كلثوم بخبر وفاته وهي تغنى أغنية (هو صحيح الهوى غلاب) التى كتبها لها فبكت على المسرح، أما زكريا أحمد فمن شدة حزنه عليه مات بعده بأربعين يومًا. حكايات بيرم التونسي بدار الأوبرا في الإسكندرية قال عنه أحمد شوقى (لا أخشى على الفصحى إلا من عاقبة بيرم)، رثاه الشاعر صلاح جاهين بقوله: مين اللى قال مات يا شباب يابو دموع . مات زى ما كتف الجبل يتهد.. مات باقتدار وفخار ما قالش لحد، وقال عنه عباس العقاد: كان ينبوعًا فياضًا من ينابيع الفنون الشعبية نظمًا وتمثيلًا وغناء بل وتصويرًا بالقلم، يعطينا من صور الحياة العصرية ما تعجز عنه ريشة الفنان، فهو بارع فى الحديث بالعديد من اللهجات المختلفة فى آن واحد وينتقل من جِد إلى فكاهة.