تناولت أشعاره نقدا لاذعاً لجميع السلبيات فى المجتمع؛ وسمى بالتونسى لأن والده من أصل تونسى. إنه الشاعر بيرم التونسى، والذى ولد بالإسكندرية بحى السيالة فى مارس 1893ونشأ وتربى على التراث الشعبى المصرى والحكايات، مثل أبى زيد الهلالى وألف ليلة وليلة؛ وكذلك الموالد الشعبية وإنتاج الزجالين والمنشدين والعازفين وخطب الثائر عبدالله النديم؛ ما جعله متفاعلا مع البسطاء والفقراء الذين أحبوه وتداولوا شعره وأزجاله. فى عام 1919 أصدر مجلة "المسلة" ثم مجلة "الخازوق"، ليسجل فيها أشعاره وانتقاداته للحكام وللإنجليز فى مصر؛ وكتب مقاماته فى مجلة الإمام فى أواخر الثلاثينات تحت عنوان مقامات المجاورين يمزج فيها بين العضمى والعافية. أيضا كان من كتاب مجلة الشباب التى كان يصدرها عبدالعزيز الصدر؛ وكتب فى افتتاحيتها بعنوان المراسلات. وعندما نفى إلى فرنسا كتب إلى العديد من الصحف يقول: راح أتوب على سيد لاظوغلى من كار الجرانين وأعمل حانوتى ومغسل واشيل الميتين أعيش شريد وامشى حافى فى مصر ولا كونش صحافى. اشتهر بيرم بمداعباته لمشاهير الصحفيين كالمازنى والعقاد؛ فقال: "يا ابراهيم يا مازنى ليه ما اعرفش مالى كل ما تكتب التقى طيفك قدامى ما ابراهيم باظ سوق الجرايد قوم تدعيس على المعاش ياما موايد". عاد بيرم إلى مصر متخفيا لينشر أزجاله؛ وكان من الطبيعى أن تثور الغيرة الفنية ضد بيرم الذى سحب البساط من تحت أقدام الشعراء؛ وأبرزت الصحف مساحاتها للنقاد مثل الشاعر فتحى قورة وعبدالله أحمد عبدالله للهجوم عليه؛ وفى هذا السياق عندما سئل عن تقييمه لبعض الفنانين فى حوار مع مجلة آخر ساعة عام 1943 قال: عبدالوهاب إذاعتى ولم يلحن، وزكريا أحمد إذا لحن ولم يغن، وتعجبنى أم كلثوم إذا لحن لها زكريا أحمد. وقال بيرم عن أحمد رامى إنه هوى بأم كلثوم إلى الحضيض؛ فقالت دكتورة نعمات أحمد فؤاد عن بيرم التونسى فى كتابها «أم كلثوم عصر من الفن» إن أشد ما يغضب بيرم أن أحمد رامى يمد أم كلثوم بالأغانى بلا مقابل فتنعدم حاجتها إلى مؤلفين آخرين. أما أمير الشعراء أحمد شوقى فكان يعمل لبيرم حسابا كبيرا حتى إنه قال: اخشى على العضمى من بيرم؛ فرد عليه بيرم يقول يا أمير الشعر غيرك فى الزجل يبقى أميرك. وصفته أم كلثوم بقولها: بيرم دودة كتب كما يقولون؛ فكان يقرأ فى كل اتجاه وكان موسوعة له طباع تدل على الكبرياء والأناقة، وأعرفه من أول كلمة يقولها على التليفون؛ تعجبنى مقولته إن قضاء الحاجة لا يحتاج لأكثر من دقيقة والتليفون اخترع لقضاء الحاجة. وزاد حنق الزجالين على بيرم وبعثوا شكاوى بلا إمضاء تنبه السلطات إلى عودته إلى البلاد من منفاه؛ فبدأ بيرم يتصل من مخبأة بصديقه كامل الشناوى للسعى للعفو عنه حتى توصل مع أحمد حسنين باشا إلى التنبيه على وزارة الداخلية بعدم ملاحقته وغض البصر عنه. وظل بيرم هكذا إلى أن توفى فى 5 يناير 1961 بعد معاناة مع مرض الربو.