وزارة الري: الإدارة الأحادية للسد الإثيوبي تسببت في فيضان أدى إلى تداعيات خطيرة على دولتي المصب    ميناء دمياط يستقبل 11 سفينة ويغادره 8 خلال 24 ساعة وحركة البضائع تتجاوز 87 ألف طن    المواد الغذائية: خفض أسعار الفائدة خطوة إيجابية لتحفيز السوق    النقل: تقدم أعمال تركيب القضبان الحديدية والتشطيبات لمحطات الخط الأول من القطار السريع    محافظ أسوان يتفقد أعمال تطوير ورصف طريق كيما / السماد    ترامب يمهل حماس حتى يوم الأحد للموافقة على خطته لإنهاء حرب غزة    "صحة غزة": ارتفاع ضحايا العدوان الإسرائيلي ل66288 شهيدًا منذ 7 أكتوبر 2023    ترامب: "إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق فإن أبواب الجحيم ستفتح ضد حماس"    وثائق إسرائيلية: أشرف مروان خدع الموساد بصواريخ سكود وهمية في حرب أكتوبر    سوبوسلاي لاعب الشهر في ليفربول    النقل تواصل حملة سلامتك تهمنا: سلوكيات خاطئة على قضبان السكك الحديدية تهدد الأرواح وتكبد خسائر    إلهام شاهين تكشف موقفًا إنسانيًا مع ليلى علوي في مهرجان الإسكندرية السينمائي    صحة سيناء تعلن القضاء على قوائم الانتظار في المستشفيات    نائب وزير الصحة يتفقد منشآت طبية بمحافظة الغربية ويُشيد بأداء الأطقم الطبية    الزهايمر.. 5 عادات يومية بسيطة تحمي الدماغ من المرض الخطير    اسعار الحديد فى أسيوط اليوم الجمعة 3102025    الأهلي يتعادل مع مسار 11 فى الشوط الأول بدورى الكرة النسائية.. فيديو    رسميًا| الكشف عن كرة كأس العالم 2026.. صور    وكيل أوقاف الفيوم: الواعظات شريكات الأئمة في تحصين العقول وتعميق روح المواطنة    الداخلية تكشف حقيقة فيديو شرطي يقود سيارة بلا لوحات في البحيرة    القبض على لصَّي الطريق الدائري بعد نشر فيديو اليوم السابع    عاجل- سكك حديد مصر تُسيّر الرحلة ال22 لقطارات العودة الطوعية لنقل الأشقاء السودانيين إلى وطنهم    5 قرارات أصدرتها النيابة فى اتهام شاب ل4 أشخاص بسرقة كليته بالبدرشين    البابا تواضروس يلتقي كهنة إيبارشيات أسيوط    على مسرح السامر.. الفرقة المصرية للموسيقى والغناء تحيي احتفالية قصور الثقافة بذكرى النصر    اليونسكو تقترب من العنانى في انتخابات الأثنين.. تأييد دولى كبير للمرشح المصرى.. والمنافس الكونجولى خرق الأجماع الأفريقي    مايان السيد بمؤتمر فيلم هيبتا: شاهدت الجزء الأول وتمنيت العمل به    الكاريكاتير يسخر من الهزيمة ويحتفي بالنصر في معرض أكتوبر بدار الكتب    مواقيت الصلاة فى أسيوط اليوم الجمعة 3102025    هل يجب قراءة سورة الكهف كاملة يوم الجمعة    عاجل- تعرف على سنن يوم الجمعة وفضل الدعاء وقراءة سورة الكهف    رسميًا.. البلشي وعبدالرحيم يدعوان لعقد اجتماع مجلس الصحفيين من جريدة الوفد الأحد    وزيرة التخطيط تبحث تطورات تنفيذ البرنامج القُطري مع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية    عبدالعاطي: اعتقال النشطاء في أسطول الصمود جريمة ضد الإنسانية وانتهاك للقانون الدولي    عاجل- نجاح أول جراحة قلب مفتوح بالتدخل المحدود باستخدام المنظار الجراحي داخل مستشفى النصر ببورسعيد تحت مظلة التأمين الصحي الشامل    موعد شهر رمضان 2026 .. تعرف على أول أيام الشهر الكريم    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 3 أكتوبر 2025 والقنوات الناقلة    ترامب يعلق 2.14 مليار دولار من مخصصات البنية التحتية في شيكاغو للضغط على الديمقراطيين    أحمد سليمان: جون إدوارد صاحب قرار رحيل فيريرا من الزمالك    تحريات لكشف ملابسات تورط 3 أشخاص فى سرقة فرع شركة بكرداسة    نائب بالشيوخ يشيد بمشروع مستقبل مصر ويؤكد دوره في توفير فرص العمل وتعزيز التنمية المستدامة    أسماء محافظات المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب    ابنة الملحن محمد رحيم تعاني وعكة صحية وتخضع للرعاية الطبية    محمد رمضان ينافس على جائزة Grammy Awards    لاورا ريستريبو: غزة كشفت سوءات القيم الغربية    محمد صلاح على موعد مع التاريخ في قمة ليفربول وتشيلسي بالبريميرليج    طائرة مسيّرة إسرائيلية تلقي قنبلة صوتية قرب صياد لبناني في الناقورة    تعرف على سعر بنزين 92 اليوم الجمعة 3 أكتوبر 2025 فى محطات الوقود    اليوم العالمى للابتسامة.. 3 أبراج البسمة مش بتفارق وشهم أبرزهم الجوزاء    ضبط أحد الأشخاص و3 سيدات لقيامهم بممارسة الأعمال المنافية للآداب بمقابل مالي بالإسكندرية    تكريم 700 حافظ لكتاب الله من بينهم 24 خاتم قاموا بتسميعه فى 12 ساعة بقرية شطورة    جامعة قناة السويس تشارك في معرض تراثنا الدولي (صور)    «العمل» تحرر 6185 محضرًا بتراخيص عمل الأجانب خلال 22 يومًا    استشاري تغذية علاجية: الأضرار المحتملة من اللبن تنحصر في حالتين فقط    الصين تدعو لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة    الزمالك يختتم تدريباته اليوم استعدادًا لمواجهة غزل المحلة    «كوكا حطه في جيبه».. أحمد بلال ينتقد بيزيرا بعد مباراة القمة (فيديو)    بالصور.. مصرع طفلة وإصابة سيدتين في انهيار سقف منزل بالإسكندرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بيرم التونسي .. الثائر الشعبي وأمير شعراء العامية
نشر في نقطة ضوء يوم 05 - 05 - 2011

محمود بيرم التونسي هو الشاعر العظيم الذي عبر أصدق تعبير عن مصر وعن مقاومة الشعب المصري وكفاحه ونضاله في سبيل حريته واستقلاله بعد هزيمة أحمد عرابي واندحار العرابيين عام 1882ولد محمود بيرم التونسي عام 1893 في مدينة الإسكندرية، في أحد أحيائها الشعبية الفقيرة، وهو حي "السيالة"، وكان نزوح والده من تونس وهجرته إلى الإسكندرية واستقراره بها عام 1890، كان فرارا من الاضطهاد والظلم والمطاردة التي يلقاها الأحرار التونسيون، وكان الرجل يتقن حرفة النسيج، ففتح حانوتا في سوق المغاربة.
وفي هذا الحانوت استمع الطفل إلى ألفيه ابن مالك وإلى لاميه الطغرائي وإلى أعمال الخليل بن أحمد وتلميذه سيبويه. وذلك من علماء الأزهر الذين كانوا يترددون على حانوت صديقهم التونسي.
وعندما بلغ بيرم التاسعة انتقل إلى حلقة الدراسة في مسجدي أبي العابس المرسي والبوصيري.
ثم يترك هذا كله.. وينتهي به الأمر إلى أن يفتح محل بقاله يبيع فيه ويشتري ويقرأ، وكان يشتري الكتب القديمة، وبعد أن يقرأها يبيع في أوراقها بضاعته. وكان يتابع إنتاج الزجالين عثمان جلال والنجار وإمام العبد وعبدالله النديم شاعر وخطيب الثورة العرابية.
وفي عام 1918 وفى إثناء اللحظات القاسية والثقيلة التي عاشتها مصر في الحرب العالمية الأولى، نظم بيرم التونسي قصيدة "المجلس البلدي" التي نشرها محمود إبراهيم في جريدته "الاكسبريس" وقد عبرت هذه القصيدة عما يعتمل في ضمير الشعب المصري، وحفظها المصريون، وصاروا يرددونها في مجالسهم ومنتدياتهم، وكانت هذه القصيدة سبب شهرة بيرم التونسي، كما كانت بداية صداقته بالفنان السكندري العملاق سيد درويش، هذه الصداقة التي دامت حتى فرق بينهما نفي الشاعر بيرم التونسي وإبعاده عن مصر.
يا بائع الفجل بالمليم واحدةً
كم للعيال وكم للمجلس البلدي
كأن أمي بلَّ الله تربتها
أوصت فقالت: أخوك المجلس البلدي
أخشى الزواج فإنْ يوم الزفاف أتى
يبغي عروسي صديقي المجلس البلدي
أو ربما وهب الرحمن لي ولداً
في بطنها يدعيه المجلس البلدي
وألف الشاعر بيرم التونسي لصديقه الموسيقي سيد درويش عدة أوبرات أشهرها أوبرا "شهر زاد" و"الباروكة"، كما ألف أغانيَ وأدوارا كتب لها الخلود، منها دور:
ضيعت مستقبل حياتي في هواك
وازداد على اللوم وكتر البغددة
ودور:
انا عشقت وشفت غيري كتير عشق
عمرى ما شفت المر اللي في هواك
وفي عام 1919 قامت الثورة المصرية، وارتبط الشاعر بيرم التونسي بالشعب المصري وأصبح لسانه الصادق الجرئ، وصار القلم في يده مشعلا يضئ طريق النضال والكفاح في سبيل الحرية والاستقلال. وأنشأ بيرم مجلة "المسلة" وعطلتها السلطات بعد ستة أعداد فقط، ثم أنشأ صحيفة "الخازوق" التي أوقفتها السلطات كذلك بعد عددين فقط. ثم صدر الأمر بنفي بيرم التونسي عام 1919 وكان ذلك ليلة عيد الأضحى، ونفذ الأمر صباح يوم العيد، وسافر تاركا في الإسكندريه زوجته وولديه. وفي المنفى بفرنسا، يذكر عيد الأضحى ويتذكر مصر واليوم الذي نفى فيه ويسجل حنينه في قصيده حزينة يقول فيها:
يوم الدبايح كان آخر مواعيدك
وقفت لك فرحان وانصب رايات عيدك
وافرش لك الريحان واسمع زغاريدك
زعق غراب البين فصلت أكفاني
عالسين يا مصر مشيت اياك يسلينى
عليه عبد جولييت تركي على صيني
ياما التقيت ورأيت جمال ينسيني
وافتكر الهرمين تجرى دموع عيني
ويتحدث بيرم عن نفسه، وهو في المنفى فيقول مخاطبا باريس:
(ياباريز) يام بلاد بره
يا مربيه لامرتين
بعتت لك أم الدنيا
شاعر في الشعر متين
يعمل أشعار لبرابره
وصعايده وفلاحين
وتلامذة وأزهريه
وخوجات ومفتشين
عالج الشاعر بيرم التونسي الزجل والشعر والمقالات السياسية والاجتماعية الأدبية والقصة الأقصوصه – منثورة ومقطوعة - والأفلام والتمثيليات والأحاجي والألغاز والنوادر والأغانى والأوبريت والمسرحيات والملاحم والمقامات.
وبالنسبة للمقامة فقد احتفظ بيرم بشكلها وبنائها على الرواية والبطل كما فعل بديع الزمان والحريري واليازجى، ولكن الرواية والبطل يختلفان في مقامات بيرم عنها في مقامات بديع الزمان والحريري واليازجي، فالرواية عند شاعرنا بيرم يتعدد رواتها وليس رواية واحد كعيسى بن هشام عند بديع الزمان أو كالحارث بن همام عند الحريري أو كسهيل بن عباد عند اليازجي، وهو يطلق على الرواة أسماء موحية مثل العاجز بن عميان، أو زعرب بن صديان، وقدم لنا بيرم خمسا وأربعين مقامة، وأبطال هذه المقامات جميعا لا تبعد كثيرا عن شخصية المجاور الذي لم يكمل دراسته في الأزهر أو الذي انقطع عن الدراسة واشتغل بالأعمال التي يؤهله لها ما حفظه فى "الكُتّاب" وما علق بنفسه من الدرس، وكأنه يحكى لنا فيها حياته الخاصة والعامة، وقد نشر هذه المقامات في مجلة "الإمام" في أواخر الثلاثينيات تحت عنوان "مقامات المجاورين".
وبيرم يكتب مقاماته بالعربية الفصحى وأسلوبه سهل رشيق يطعمه بالعامية من باب التظرف أو المطابقة لمقتضيات الحال ويحسنه بالسجع ويوشيه بالشعر.
قضى بيرم التونسي في المنفى عشرين عاما من عام 1919 – عام الثورة – حتى عام 1938 وألَّف في هذه السنوات أزجالا وروايات ومقامات وانتقادات باللهجات العراقية والشامية والتونسية بجانب العامية المصرية.
وقلد بيرم الشعراء المعاصرين وحاكى قدماء الأدباء غير المعاصرين وكتب على ألسنة كتابنا وشعرائنا ومفكرينا في مختلف العصور.
وفي ظهر يوم 6 مايو/آيار عام 1938 وصلت الباخرة "بورسعيد" إلى مصر وكان وزير الداخلية في ذلك الوقت محمود فهمي النقراشي، وكان من المعجبين بشاعرنا فأصدر أمراً بالكف عن مطاردته، وعاد شاعرنا إلى الوطن واختار حي السيدة زينب، وأقام في شقة متواضعة في شارع النواوى بالقرب من السلخانة، واتجه إلى تأليف التمثيليات والأغانى الشعبية والقصص التاريخية، وقدم للسينما رواية "رابحة" و"عنتر وعبلة" و"مجنون ليلى" و"عزيزة ويونس" التي لم تمثل حتى الآن. ثم قدم للإذاعة المصرية "فوازير رمضان".
وتوفى شاعرنا الكبير يوم 15 يناير/كانون الثاني عام 1961. وبعد وفاة شاعرنا بشهرين أصدر أستاذنا الجليل المرحوم أمين الخولي عددا خاصا في مارس/آذار 1961 من مجلة "الأدب" عن "أديب الشعب محمود بيرم التونسي" علامة وفاء وتقدير وإعجاب لهذا الشاعر المناضل والأديب الوطني الثائر بيرم التونسي.
وخير ما اختتم به هذا الحديث قصيدة بيرم التونسي التي لخص فيها حياته وجعل عنوانها "حياتي":
الأوله: آه .. والثانية آه .. والثالثة آه
الأوله: مصر .. قالوا تونسي ونفوني
والثانية: تونس .. وفيها الأهل جحدوني
والثالثة: باريس .. وفي باريس جهلوني
الأوله: مصر .. قالوا تونسي ونفوني جزاه الخير
والثانية: تونس .. وفيها الأهل جحدوني وحتى الغير
والثالثة: باريس .. وفي باريس جهلوني وأنا موليير
الأوله: مصر .. قالوا تونسي ونفوني جزاه الخير واحساني
والثانية: تونس .. وفيها الأهل جحدوني وحتى الغير ما صافاني
والثالثة: باريس .. وفي باريس جهلوني وأنا موليير في زماني
الأوله: شربتني من فراقها كأس .. بمرارة
والثانية: اه فرجتني على الجمال ينداس .. يا خسارة
والثالثة: يا ناس يا ريتني كان لي فيها ناس .. وأداره
الأوله آه .. والثانية آه .. والثالثة آه
الأوله اشتكيها للي أجرى النيل
والثانية دمعي عليها غرق الباستيل
والثالثة لطشت فيها ممتثل وذليل
الأوله آه .. والثانية آه .. والثالثة آه.
-------
* توفيق حنا كاتب وناقد مصري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.