بدأت هدى في كتابة روايتها في باريس، وانتقلت بعدها لتكتب جزءًا منها في بروكسل، ثم آخر في بودابست، لتعود وتنهيها في باريس؛ لتتسلم اليوم في أبو ظبي جائزة البوكر العربية. علنت لجنة تحكيم الجائزة العالمية للرواية العربية عن فوز رواية "بريد الليل" للكاتبة اللبنانية هدى بركات بالجائزة العالمية للرواية العربية 2019 في دورتها الثانية عشرة، خلال حفل أقيم مساء اليوم الثلاثاء في أبوظبي؛ حيث حصلت هدى بركات بموجبها على الجائزة النقدية البالغة قيمتها 50 ألف دولار أمريكي، بالإضافة إلى ترجمة روايتها إلى اللغة الإنجليزية. وستشارك الكاتبة الفائزة هدى بركات في أول ظهور علني لها بعد الفوز، مع كتاب القائمة القصيرة، خلال مجموعة من الندوات تُعقد في معرض أبوظبي الدولي للكتاب، يوم الأربعاء 24 أبريل. ولدت هدى بركات في بيروت عام 1952، وعملت في التدريس والصحافة وتعيش حاليًا في باريس؛ حيث أصدرت ست روايات ومسرحيتين ومجموعة قصصية، بالإضافة إلى كتاب يوميات، وشاركت في كتب جماعية باللغة الفرنسية، وتُرجمت أعمالها إلى العديد من اللغات. وكانت الجمهورية الفرنسية قد منحت هدى بركات وسامين رفيعين، عن أعمالها الروائية "حجر الضحك" (1990)، و"أهل الهوى" (1993)، و"حارث المياه" (2000) التي فازت بجائزة نجيب محفوظ لتلك السنة، و"سيدي وحبيبي" (2004). وصلت روايتها الخامسة "ملكوت هذه الأرض" (2012) إلى القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية عام 2013، وترشحت هدى بركات لجائزة المان بوكر العالمية للعام 2015 التي كانت تمنح (آنذاك) مرة كل سنتين عن مجمل أعمال الكتاب. وبعد ترشيحها للقائمة القصيرة، قالت هدى بركات، في حوار للجائزة العالمية للرواية العربية: "إن ما دفعني إلى الشكل الأخير للرواية كان نفاذ مشاهد المهاجرين الهاربين من بلدانهم إلى وساوسي، هؤلاء المشردون في الأرض، المستقلون قوارب الموت، ولا يريد العالم النظر إليهم إلا ككتلة غير مرغوب فيها، أو كفيروس يهدد الحضارة، في حين رحنا نكتشف تراجع البعد الإنساني لتلك الحضارة، وتحصن القوميات بإقفال الأبواب، هذا لا يعني أني أريد للبلدان الغربية أن يشرعوا الحدود، أو النظر إلى هؤلاء كملائكة، أردت -فقط- الإنصات إلى حيوات تهيم في صحراء هذا العالم. آمل أن تكون هذه الرواية قد أسمعت بهذا القدر أو ذاك أصوات حيوات هشة يتم إصدار الأحكام عليها دون فهمها أو استفتاء ما أوصلها إلى ما صارت إليه". وقد بدأت هدى كتابة الرواية كما أعلنت منذ 4 سنوات في محل إقامتها في باريس، ثم أعادت كتابة الرواية في إقامة أدبية لها في بروكسل، ثم استكملتها في إقامة أخرى في بودابست، ثم كانت المرحلة النهائية في باريس؛ لتظهر الرواية في صيغتها النهائية. وقد اختيرت رواية "بريد الليل" من قبل لجنة التحكيم باعتبارها أفضل عمل روائي نُشر بين يوليو 2017 ويونيو 2018، وجرى اختيارها من بين ست روايات في القائمة القصيرة لكتّاب من الأردن وسوريا والعراق ولبنان ومصر والمغرب، وتم تكريم الكتّاب الخمسة المرشحين في القائمة القصيرة في حفل الإعلان عن الرواية الفائزة، وهم كفى الزعبي، وشهلا العجيلي، وعادل عصمت، إنعام كجه جي، ومحمد المعزوز. وتلقى المرشحون جائزة تبلغ قيمتها عشرة آلاف دولار أميركي. وتضمن رواية "بريد الليل" حكايات أصحاب الرسائل، الذين كتبوها وضاعت مثلهم، لكنها تستدعي رسائل أخرى، وتتقاطع معها مثل مصائر هؤلاء الغرباء، من المهاجرين، أو المهجّرين، أو المنفيّين المشردين، يتامى بلدانهم التي كسرتها الأيام. ليس في هذه الرواية من يقين، إنها -كما زمننا- منطقة الشك الكبير، والالتباس، وإمحاء الحدود، وضياع الأمكنة والبيوت الأولى.