ى الكتاب إلى التعرف إلى الكيفية التي انتشرت بها ثقافة اقتناء لوحة فنية أولاً، ثم معرفة الفنانين العثمانيين والعرب بهذا النوع من الفن الذي كان محرماً في المجتمع في عهود سابقة. وأصبح ظهور اللوحة متجاوزاً فكر أن الفن اقتصر - بحسب الكاتب - على «قطعة» مربعة أو مستطيلة أو طولية، ملونة، فوق جدار، أو تُطوى وتَخفى عن الناظرين، حين يستنكر المجتمع الذي يرى فيها خرقاً لقيمه الدينية والأخلاقية. فجاء ظهور اللوحة وتقبل المجتمعات لها بطيئاً، محفوفاً بالاختلافات والارتدادات؛ وما بدا مطلوباً أو ميسَّراً في نطاق، مثل القصر أو القنصليات أو الكنائس أو بيوت الأمراء والأعيان، كان مكروهاً فى نطاق آخر، لا سيما بين الفقهاء، أو في «علانية» المجتمع. يتكون الكتاب من ثلاثة أبواب وعشرة فصول حاول فيها الكاتب أن يقدم رؤية تاريخانية لعلاقة الدول العربية والدولة العثمانية التي كانت تحكم كثيراً من هذه الدول، فضلاً عن المغرب الذي كان خارج السيطرة العثمانية، بالفن التشكيلي. حاول الكاتب أيضاً أن يتعقب الأعمال الفنية في بداياتها، ويعرف القارئ بفنانيها الأوائل والمؤسسين، وهذا الفحص التاريخي للفن كانت له أوجه اجتماعية كذلك، إذ يرصد الأحوال والسلوكات والتمثلات، من دون تغييب الجدالات التي رافقت أو اعترضت هذا «الظهور» الطارئ. فما بدأ في قصور، انتقل إلى الدُّور؛ وما تعين في لوحة وجهية («بورتريه») انتقل بل تمدد إلى أنواع وموضوعات فنية أخرى؛ وما كان مهنة وأفعالًا يقوم بها أجانب، أصبح مهنة محلية، ذات جاذبية، حتى لأبناء الأسر الميسورة، بمن فيهم ضباط سابقون أو قضاة. يتناول الكتاب إذاً مقاربات مختلفة ومتعالقة في الوقت عينه. وقد عالح الباحث في الباب الأول الظهور التاريخي للوحة في النطاقين العثماني والعربي، فتبين الدورات المختلفة لهذا الفن في المجتمعات المعنية، في وتائرها المتباينة، بلوغاً إلى دورتها الأخيرة – دورة الذيوع والتأكد – في الخليج العربي.