«مكالمات تليفونية»؛ مجموعة قصصية للتشيلي روبرتو بولانيو، ترجمتها عبير عبد الحافظ (بتانة) تضم 14 قصة تجمع ما بين السيرة الذاتية للكاتب والتخييل السردي، فالسارد بضمير الأنا في معظم النصوص، وبخاصة الأولى منها. ففي النص الأول «المدعو سينسيني» يتحدث السارد عن كاتب قصة، يناقش معه أحلام الكتاب وتطلعاتهم. في لغة ساخرة؛ يتقصى السارد علاقته بذلك الكاتب الذي احترف الاشتراك في المسابقات الأدبية والفوز بها، وعموماً يستفيد بولانيو في نصوص المجموعة من تقنية «الميتاسرد» أي الكتابة عن الكتابة؛ فلا يخلو أي منها من حديث عن الكتابة والكُتّاب، وتدور أحداث غالبيتها في الريف، وتحديداً إقليم «البامبا» الأرجنتيني. إن بولانيو يعتبر مِن الأصوات المجددة في فن القصة في أميركا اللاتينية، واستهل نشاطه الأدبي بمجموعة من الدواوين الشعرية، ثم اتجه إلى الرواية والقصة القصيرة، واجتهد منذ البداية في خلق مدرسة أدبية. عالجت موضوعاته هموم الوطن، وطرحت أسئلة التحرر من الاستبداد، وسعت إلى كتابة الواقع التاريخي والسياسي في سرد فيه محاكاة ساخرة (بارودي)، ليس على مستوى اللغة فقط، بل أيضاً النماذج الإنسانية التي يختارها لتحمل خطابه الثقافي. في قصة «هنري سيمون لوبرنس» نراه يختار نموذجاً للمثقف الديماغوجي الذي من المفترض منه أن ينحاز لقضايا التحرر، لكنه في الحقيقة يفشل، ليس في تبني قضايا وطنه فقط، بل يفشل حتى في مشروعه الإبداعي: «هو كاتب فاشل بما لا يدع مجالاً للشك، أي يعيش على العمل في جرائد الصحافة الفرنسية الحقيرة، وينشر قصائد (يصفها الشعراء ذوو أنصاف المواهب بأنها سيئة، أما الشعراء الجيدون فلا يحاولون حتى قراءتها) ويكتب أيضاً قصصاً قصيرة في بعض المجلات المحلية، وعلى ما يبدو فإن دور النشر وفريق العمل بها يكرهونه فيما لا يدرك هو السبب، وغالباً ما تُرفض النصوص التي يقدمها» (ص48).