نائب وزير النقل: كل طريق آمن إنجاز للوطن بأكمله    الحكومة توافق على إزالة صفة النفع العام عن قطعة أرض بمنطقة أثر النبي بالقاهرة    سفير أرمينيا يزور غرفة القاهرة لبحث تعاون استثماري وتجاري جديد    البيتكوين مستقرة فوق 105 آلاف دولار والإيثريوم تحت الضغط    التغيرات المناخية أبرز التحديات التى تواجه القطاع الزراعى وتعيد رسم خريطة الزراعة.. ارتفاع الحرارة وتداخل الفصول يؤثر على الإنتاجية.. ومنسوب سطح البحر يهدد بملوحة الدلتا.. والمراكز البحثية خط الدفاع الأول    رئيس مياه القناة يتابع سير العمل بمحطات وشبكات صرف الأمطار    وزير الخارجية يلتقي رئيس مجلس السيادة السوداني الانتقالي    التصويت لإنهاء الإغلاق فى أمريكا يشعل معركة داخل الحزب الديمقراطى.. تفاصيل    الجيش السودانى يتقدم نحو دارفور والدعم السريع يحشد للهجوم على بابنوسة    كاف يحدد موعد مباراتي بيراميدز بدور المجموعات في دوري الأبطال    تطورات موقف آدم كايد من المشاركة في تدريبات الزمالك    ستاد القاهرة يستضيف مباراتى منتخب مصر الثانى استعدادا لوديتي الجزائر    أوباميكانو: هذا الثلاثي أسهم في نجاحي    موعد مباراة الأهلي وسبورتنج في نهائي دوري المرتبط لكرة السلة للسيدات    القبض على سيدة لسرقتها السيدات بأسلوب المغافلة في عابدين    «أمطار وشبورة».. الأرصاد تكشف حالة الطقس غدًا الأربعاء وحتى نهاية الأسبوع (التفاصيل)    تاريخا جديدا بهتاف تحيا مصر فى أول مشاركة برلمانية بأكتوبر.. فيديو وصور    ضبط المتهمين في مشاجرة أنصار المرشحين أمام لجنة انتخابية بالأقصر    تأييد المشدد 3 سنوات لمتهم ب«أحداث عنف عين شمس»    شاب يقتل والدته والشرطة تطارد المتهم بشبرا الخيمة    انهيار زوجة إسماعيل الليثي أثناء دفنه بمقابر العائلة.. فيديو    القومي لثقافة الطفل يطلق البوستر الرسمي لملتقى الأراجوز والعرائس السابع    إحباط من المقربين.. حظ برج الدلو غدًا 12 نوفمبر    مراسل إكسترا نيوز ينقل كواليس عملية التصويت فى محافظة قنا.. فيديو    توجيه عاجل من الرئيس السيسي بشأن الحالة الصحية للفنان محمد صبحي    «سنة و50 يومًا» يحتاجها زائر المتحف المصري الكبير لمشاهدة كل القطع الأثرية المعروضة (تحليل بيانات)    إقبال على اختبارات مسابقة الأزهر لحفظ القرآن فى كفر الشيخ    إدارة التعليم بمكة المكرمة تطلق مسابقة القرآن الكريم لعام 1447ه    الهيئة العامة للتأمين الصحى الشامل تشارك بالمؤتمر العالمى للسكان والصحة    وزارة الصحة: الرئيس السيسى وجه بمتابعة الحالة الصحية للفنان محمد صبحى    وفد من جامعة الدول العربية يتفقد لجان انتخابات مجلس النواب بالإسكندرية    جائزة أفضل فيلم روائي طويل لفيلم ملكة القطن بمهرجان سالونيك السينمائي    رحلات تعليمية وسياحية لطلاب المدارس بالشرقية    «أنا مش العقلية دي».. ياسر إبراهيم يرفض الاعتراض على قرار حسام حسن    «رحل الجسد وبقي الأثر».. 21 عامًا على رحيل ياسر عرفات (بروفايل)    «العمل» تستجيب لاستغاثة فتاة من ذوي همم وتوفر لها وظيفة    إصابة 16 في حادث إنقلاب ميكروباص بطريق أسيوط الغربي بالفيوم    طن عز الآن.. سعر الحديد اليوم الثلاثاء 11 نوفمبر 2025 أرض المصنع والسوق    "البوابة نيوز" تهنئ الزميل محمد نبيل بمناسبة زفاف شقيقه.. صور    هيئة محامي دارفور تتهم الدعم السريع بارتكاب مذابح في مدينة الفاشر    محافظ قنا وفريق البنك الدولي يتفقدون الحرف اليدوية وتكتل الفركة بمدينة نقادة    بنسبة استجابة 100%.. الصحة تعلن استقبال 5064 مكالمة خلال أكتوبر عبر الخط الساخن    غرفة عمليات حزب الوعي تتابع سير العملية الانتخابية    خبير نرويجي: على إسرائيل تعويض الاتحاد الأوروبي عن تدمير مشاريعه بغزة    تأكيد مقتل 18 شخصا في الفلبين جراء الإعصار فونج - وونج    تحديد ملعب مباراة الجيش الملكي والأهلي في دوري أبطال أفريقيا    حسام البدري يفوز بجائزة افضل مدرب في ليبيا بعد نجاحاته الكبيرة مع أهلي طرابلس    وزير الصحة يبحث مع نظيره الهندي تبادل الخبرات في صناعة الأدوية وتوسيع الاستثمارات الطبية المصرية - الهندية    بسبب أحد المرشحين.. إيقاف لجنة فرعية في أبو النمرس لدقائق لتنظيم الناخبين    معلومات الوزراء: تحقيق هدف صافى الانبعاثات الصفرية يتطلب استثمارًا سنويًا 3.5 تريليون دولار    الصحة: الخط الساخن 105 يستقبل 5064 مكالمة خلال أكتوبر 2025 بنسبة استجابة 100%    جمارك مطار القاهرة تضبط محاولة تهريب كمية من مخدر الحشيش    هدوء نسبي في الساعات الأولى من اليوم الثاني لانتخابات مجلس النواب 2025    مجلس الشيوخ الأمريكي يقر تشريعًا لإنهاء أطول إغلاق حكومي في تاريخ البلاد (تفاصيل)    في ثاني أيام انتخابات مجلس نواب 2025.. تعرف على أسعار الذهب اليوم الثلاثاء    هل يظل مؤخر الصداق حقًا للمرأة بعد سنوات طويلة؟.. أمينة الفتوى تجيب    دعاء مؤثر من أسامة قابيل لإسماعيل الليثي وابنه من جوار قبر النبي    ما حكم المشاركة في الانتخابات؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"واجب" للمخرجة الفلسطينية آن ماري جاسر
نشر في نقطة ضوء يوم 17 - 09 - 2018

ينطلق فيلم «واجب» للمخرجة الفلسطينية آن ماري جاسر من تقليد اجتماعي يعرفه سكّان مدينة الناصرة تحديدًا وبقية المدن الفلسطينية، مفاده إيصال دعوات الزفاف إلى كل الأقرباء والأصدقاء والمعارف وتسليمها باليد، كما تقتضي الأعراف الاجتماعية المتّبعة منذ زمن بعيد.
وبما أن الفيلم اجتماعي بامتياز فلا غرابة أن تتسيّد القصة السينمائية، ويطغى الحوار الذي يبدأ هادئًا ومرحًا ومطعّمًا بلمسات فكاهية ساخرة، تجعل إيقاع الفيلم سلسًا عفويًا ومنسابًا، ليكشف في خاتمة المطاف عن الأداء المُبهر للشخصيتين الرئيسيتين اللتين تقاسمتا البطولة، وكأنّ الابن القادم من مغتربه الإيطالي ندّ لأبيه المتشبت بمدينته التي يراها أجمل مدينة في العالم.
لا تستغني الأفلام الروائية عن «الحدّوتة» أو القصة، إن شئتم، فهي أشبه بالنسغ الصاعد من جذور الشجرة إلى جذعها وكل أغصانها المتفرّعة، فما هي قصة هذا الفيلم الدرامي الذي يستمد مادته من صراع الأجيال، وعلاقة الابن بأبيه، وبوحهما التدريجي الذي يحرّك رواسب الماضي، ويثير الهموم والأشجان الراهنة، ولا يجد حرجًا في القفز إلى المستقبل القريب في أقل تقدير.
يعتمد جوهر القصة الرئيسة على عائلة فلسطينية صغيرة تتألف من الأب «أبو شادي» الذي جسّد دوره بإتقانٍ شديد الفنان محمد بكري، والابن «شادي» الذي أدّى دوره الفنان صالح بكري، وشقيقته «أمل» التي لعبت دورها الممثلة ماريا زريق وأجادت فيه، أما الأم داليا صلصال فقد هربت مع عشيق لها واستقر بها المقام في أمريكا تاركة زوجها وعائلتها نهبًا للتشظّي والعزلة الفردية، على الرغم من الحياة الاجتماعية التي تضجُّ بها مدينة الناصرة، ما يجمع هذه العائلة الصغيرة هو توزيع دعوات الزفاف، التي استدعت المهندس شادي أن يعود من منفاه الأوروبي تاركًا هناك عمله، وحبيبته ندى لكي يساهم في تأدية هذا الواجب الاجتماعي الذي لا مفرّ منه.
فيلم طريق
يمكن تصنيف فيلم «واجب» كنوع من أفلام الطريق الداخلية، وليس الخارجية، كما جرت العادة، فالأب والابن يطوفان طوال نهار كامل في شوارع مدينة الناصرة كي يسلّما باليد 340 بطاقة دعوة، وقد اكتفت المخرجة وكاتبة السيناريو آن ماري جاسر بخمسة عشر مشهدًا جسّدت فيها فكرة الفيلم برمته، أما بقية المَشاهد فقد توزعت على الحلقة الضيقة لأفراد الأسرة وأقاربها وبعض الأصدقاء الحميمين، ومنها مشهد تجريب فساتين الزفاف على جسد العروسة، والحوارات المنفعلة التي أخذت تتصاعد بين الأبن وأبيه، ولقاءات شادي مع الفتيات الطامعات بزواجه، وما إلى ذلك من مشاهِد تؤثث متن القصة السردي والبصري.
لا يمكن الحديث عن شخصيات الفيلم الرئيسة من دون إدراج الناصرة، فهي لم تحضر كخلفية لقصة الفيلم، وإنما كشخصية أساسية ببيوتها وأرصفتها وشوارعها وأزقتها الضيقة، ومن الطبيعي أن ينتقدها الابن شادي، المهندس المعماري القادم من روما، لأنه تشرّب بالثقافة الإيطالية، وتطبّع بالقيم الأوروبية ولم يعد يأبه بفكرة الفتاة التي تعيش مع صديقها قبل مرحلة الزواج، بحجة أن الدنيا تغيّرت، وأن القيم القديمة اهتزت، أمام مفاهيم العولمة الجديدة.
وإذا كان الابن يعيش مع ندى في منزل منفصل فلن يجد غضاضة في أن تعيش فتاة فلسطينية مع حبيبهان الانتقادات لا تقتصر على منظومة القيم الاجتماعية والأخلاقية، وإنما تتعداهما إلى انتقاد مظاهر التخلّف في المدينة، مثل تكدّس النفايات، والزحمة المرورية، وشجار المواطنين في الأماكن العامة، وسواها من الظواهر السلبية التي تعجّ بها المدن الفلسطينية.
صراع الأجيال
لا شك في أن ثيمة الفيلم الأساسية حسّاسة وذكيّة وجريئة، فهي لا تقتصر على العلاقة بين الأب التقليدي في كل شيء بدءًا من مظهره الخارجي، مرورًا بالأكلات والمشروبات الفلسطينية التي يحبّها، وانتهاءً بذائقته الغنائية والموسيقية، فهو لا يحب إلاّ المغني الشعبي فوزي بلّوط، وسوف يدعوه لإحياء حفل زفاف ابنته.
أما الابن شادي فهو شاب معاصر في سلوكه، وطريقة تفكيره، وحريته التي يعتبرها البعض منفلتة حين يرون بنطاله الأحمر، وقميصه الزهري، وشعره الطويل المُثبت في مؤخرة رأسه على هيأة كعكة، وأكثر من ذلك فهو لا يأبه بالمثليين أو الفتيات المنفتحات اللواتي يعشن مع عشاقهن، وفق النمط الأوروبي الذي يندرج في إطار الحريات العامة التي يحميها القانون.
لم يعتد شادي على اللف والدوران، فهو صريح ومباشر في كل شيء، ويسمّي الأشياء بمسمياتها، أما الأب فلا يجد ضيرًا في الكذب كما حصل أثناء زيارتهما لمنزل «أبو رامي» الذي سبق أن أخبره ذات مرة بأن ولده شادي يدرس الطب في أمريكا، بينما هو مهندس معماري في إيطاليا.
وحينما وضعه «أبو رامي» في موقف محرج اعترف الأب بأنّ ولده يحب التغيير والتنويع، فقد بدأ بدراسة الطب لكنه سرعان ما غيّر اختصاصه إلى الهندسة المعمارية، مثل هذه الأكاذيب «الصغيرة أو البيضاء» تكررت غير مرة على مدار الفيلم، وكانت تثير استغراب ابنه على الدوام، فبينما كان الأب في مواجهة محل دمى أعياد الميلاد كان يتحدث لأبي ندى في روما عن شجرة برتقال، وجبال فلسطينية تغطّيها الأشجار الخضراء بينما لم تكن أمامه سوى بيوت خربة تتخللها شجيرات مهجورة.
لم يكن هروب أم شادي مع عشيقها إلى أمريكا الانعطافة الوحيدة في الفيلم، وإنما هناك شخصية روني آفي «الشاباك» الذي يتجسس على المعلمين، وينقل أخبارهم إلى الوزارة، وأنه كان السبب في استدعاء شادي إلى التحقيق، وما إلى ذلك من أحداث مؤرقة. ومع ذلك فإن الأب يريد دعوته لحفل الزفاف، بينما يعارض الابن هذه الفكرة جملة وتفصيلا.
لقطة جريئة
ينطوي هذا الفيلم على مفاجآت ضرورية تكسر إيقاعه كلما أوغل في السياسة، والاحتلال والقضايا الاجتماعية الحسّاسة، فحينما يسلّم نورا «ربيكا إزميرالدا تلحمي» بطاقة الدعوة تغريه بالدخول إلى المنزل، وتحاول أن تعانقه لكنه يسقط على الأريكة بعد أن طبعت قبلة خاطفة على شفته السفلى ولوّنتها بأحمر الشفاه الذي سيثير تساؤل والده واستغرابه.
يزدان سياق الفيلم بمواقف طريفة أخرى، فالأب كانت له علاقة قديمة بجورجيت «زهيرة صباغ» تعود إلى أيام الدراسة، وقبل أن يغادرها تُذكِّره بأنه صار يعرف عنوان البيت ويمكنه أن يعيد طبق الحلوى الفارغ الذي منحته إيّاه مملوءًا.
كما كان الأب يلفت عناية ولده إلى العديد من الفتيات الجميلات اللواتي رآهنّ علّه يختار واحدة منهن ويتخلى عن ندى التي يعتقد أنها لا تنتمي إلى البيئة الفلسطينية القريبة إلى نفسه، لا تنحصر الشجارات بين الابن وأبيه فقط، وإنما تمتد إلى صاحب المطبعة الذي صمم بطاقات الدعوة وأخطأ فيها، ولابدّ أن يتحمل مسؤولية تصحيحها، وإعادة طبعها من جديد، وحينما يتفاقم الأمر يتحلّقون حول طاولة مستديرة ويشرعون بتصحيح البطاقات المتبقية لديهم لأنهم وزّعوا قسمًا منها إلى المدعوّين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.