كتاب جديد للمفكر عبد النبي الشعلة "غاندي وقضايا العرب والمسلمين"

في هذا الكتاب لا يجد القارئ سيرة حياة غاندي، فقد تناولها الكتّاب والباحثون ولا حاجة لتعريف المعرّف... لكن المتأمل في محطات حياته لا بد له أن يستلهم أسرار عظمته وبقائه حاضراً في الأذهان.
في كتابه «غاندي وقضايا العرب والمسلمين» يتوقف عبد النبي الشعلة وهو يمر في سيرة حياة غاندي عند محطات فاصلة، لها علاقة بمسألتين: أولاهما، مواقف غاندي الحاسمة ضد أي شكل للظلم والتفرقة والعنف والإرهاب في أي زي تخفّت... السياسة أو الدين أو القومية أو العنصرية... وثانيهما مواقف غاندي المنصفة من قضايا العرب والمسلمين والمنطلقة من تقديره للإسلام وشخصية النبي محمد، بدءاً بدعمه لحقوق المسلمين الهنود في جنوب أفريقيا ثم لاحقاً في الهند... وتفهمه على مضض لفكرة انفصال المسلمين عن الهند ونشأة باكستان ودعمه لحقوقهم حتى بعد الانفصال والذي دفع ثمنها حياته ومروراً بمناهضته للصهيونية ورفضه إقامة دولة لليهود في فلسطين. مواقف رسمت الخطوط العريضة للسياسة الهندية التي ظلت مناصرة لمجمل القضايا العربية والإسلامية.
وخلال هذه المحطات يسلط المؤلف الضوء على بعض القضايا الشائكة والمفارقات، كالإرهاصات التي مهدت الطريق لانفصال المسلمين، مثل قضية الخلافة الإسلامية وهواجس المسلمين من بعض مواقف غاندي. كما عقد المؤلف مقارنة بين شخصيتي غاندي ومحمد علي جناح مؤسس باكستان اللذين اشتركا في كثير من الأمور ثم اختلفا في الانفصال.
وفي هذا السياق، يسلط المؤلف الضوء على الضغوط التي مورست على غاندي لتغيير موقفه من الصهيونية والتي باءت بالفشل، واضعاً علامات استفهام على شخصيات يهودية أحاطت بغاندي في ما يبدو وفق خطة مدروسة للتأثير عليه.
ولا يغفل المؤلف رحلة غاندي في البحث عن الحقيقة بعقل حر ومنفتح قاده لرفض التقسيم الطبقي في ديانته الهندوسية ثم نفوره من طريقة تبشير المسيحيين، وقراءته للتوراة ونفوره مما ورد في بعض أسفارها، وإعجابه بشخصية النبي محمد والإسلام.
ويجد القارئ بين دفتي الكتاب استطراداً يكشف عن خلفيات بعض الأحداث والمواقف والطوائف والشخصيات التي عاصرت غاندي.