%86.58 نسبة نجاح الشهادة الإعدادية بكفر الشيخ    رئيس جامعة طنطا يتفقد لجان امتحانات الفصل الدراسي الثاني بكلية الهندسة    محافظ كفر الشيخ يسلم جوازات وتأشيرات السفر ل 314 الفائزين بالحج    جامعة طيبة: امتحانات نهاية العام تسير في أجواء هادئة ومنظمة    «عاشور»: الجامعات التكنولوجية تعتمد على أحدث النظم العالمية لتقديم تجربة تعليمية متميزة    رئيس الوزراء يُتابع إجراءات سد العجز في أعداد المُعلمين على مستوى الجمهورية    وزير المالية: مصر تنتج حوالي 100 مليار رغيف مدعم سنويا    وزارة التخطيط تعلن خطة المواطن الاستثمارية لمحافظة دمياط 2023/2024    محافظة القاهرة تضع ضوابط لذبح المواشي في عيد الأضحى: غرامة المخالف تصل إلى 10 آلاف جنيه    الشرقية تتصدر محافظات الجمهورية في توريد القمح ب 603 ألف طن    محافظ بني سويف يعقد اجتماعا لبحث تعزيز منظومة الصرف بمنطقة كوم أبوراضي الصناعية    محافظ مطروح يبحث مع وفد جامعة الأزهر جهود إنشاء فرع بالمحافظة    جيش الاحتلال: فتح تحقيق في بلاغ عن إلقاء قنبلة على وزارة الدفاع    وسائل إعلام لبنانية: شهيدان مدنيان في غارة إسرائيلية على بلدة حولا    كوريا الجنوبية وتنزانيا تتفقان على تعزيز التعاون في مجال المعادن الحيوية    تعيين الشيخ صباح الخالد الحمد وليا للعهد بالكويت    جلسة مناقشة الموازنة.. برلمانية تطالب بدعم المنشآت السياحية المتضررة ومواجهة «فوضى الأسواق»    فلسطين ترحب بإعلان تشيلي التدخل في قضية الإبادة الجماعية ضد إسرائيل    باتشوكا المكسيكي يتوج بطلا ل كونكاكاف ويصبح خامس المتأهلين لبطولة إنتركونتينتال    المصري يستأنف تدريباته استعدادا للزمالك بالدوري    الاتحاد السكندري يخشى مفاجآت كأس مصر أمام أبو قير للأسمدة    فتح باب التقديم لرياض الأطفال في القاهرة للعام الجديد    إصابة 4 أشخاص إثر وقوع حادث انقلاب سيارة ربع نقل بالشرقية    السجن المشدد 7 سنوات وغرامة 100 ألف جنيه لمتهم بحيازة هيروين وحشيش في الشرقية    محكمة النقض تؤجل نظر طعون المتهمين في قضية شهيدة الشرف بالدقهلية ل3 نوفمبر    مي عز الدين تعلن تعرض والدتها ل أزمة صحية تطلب الدعاء لها    أكدوا أن التكريم بمثابة اعتراف رسمى بأن أعمالهم مؤثرة ومحفوظة الفائزون: احتفاء الدولة المصرية بالمبدعين يفوق أى جائزة عالمية    الشرقية تحتفل بذكرى دخول العائلة المقدسة ومباركتها لأرض مصر في منطقة آثار تل بسطا    أحمد حلمي بمهرجان روتردام: الفنان يجب أن يتحمل مسؤولية تقديم الحقيقة للعالم    جواز ذبح الأضحية للمصريين المقيمين بالخارج: التفاصيل والأولويات    د. على جمعة عضو هيئة كبار العلماء يجيب عن أشهر أسئلة الحج: التخلف من العمرة للحج مخالفة لا تتفق معها العبادة.. ويحقق أذى المسلمين فى الحج    متحدث الزمالك: شيكابالا أسطورة الزملكاوية.. وهناك لاعب يهاجمه في البرامج أكثر مما يلعب    10 يونيو.. معارضة بطل مسلسل "حضرة المتهم أبي" على حكم حبسه    التحقيق في واقعة العثور على رضيع داخل كيس بلاستيك ببولاق الدكرور    محامي الشيبي: عقوبة اتحاد الكرة استفزت موكلي.. وتم إخفاء قرار الانضباط    انتقادات أيرلندية وأمريكية لاذعة لنتنياهو.. «يستحق أن يحترق في الجحيم»    حزب الله يشن هجوما جويا بسرب من المسيرات الانقضاضية على مقر كتيبة إسرائيلية في الجولان    تداول 15 ألف طن و736 شاحنة بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    البابا تواضروس يستقبل قيادات الشركة المتحدة تزامنا مع عرض فيلم أم الدنيا في الكاتدرائية    ل برج الجوزاء والعقرب والسرطان.. من أكثرهم تعاسة في الزواج 2024؟    عاجل بالأسماء.. شلبي يكشف رحيل 5 لاعبين من الأهلي    ضربات أمنية مستمرة لضبط مرتكبى جرائم الاتجار غير المشروع بالنقد الأجنبى    قبل عيد الأضحى 2024.. أيهما أفضل الأضحية أم الصدقة؟ (الإفتاء توضح)    غرفة الرعاية الصحية باتحاد الصناعات: نتعاون مع القطاع الخاص لصياغة قانون المنشآت الجديدة    "صحة الإسماعيلية": بدء تشغيل قسم الحضانات بمستشفى حميات التل الكبير    تحرير 139 محضرا للمحلات المخالفة لقرار الغلق خلال 24 ساعة    هل يجوز أن اعتمر عن نفسي واحج عن غيري؟.. الإفتاء توضح    طريقة عمل الكيكة الباردة بدون فرن في خطوات سريعة.. «أفضل حل بالصيف»    لتحسين أداء الطلاب.. ماذا قال وزير التعليم عن الثانوية العامة الجديدة؟    ما هي محظورات الحج المتعلقة بالنساء والرجال؟.. أبرزها «ارتداء النقاب»    سعر الريال السعودي اليوم الأحد 2 يونيو 2024 في بنك الأهلي والقاهرة ومصر (التحديث الصباحي)    وزير الري يؤكد عمق العلاقات المصرية التنزانية على الأصعدة كافة    عمرو أدهم يكشف آخر تطورات قضايا "بوطيب وساسي وباتشيكو".. وموقف الزمالك من إيقاف القيد    الصحة تكشف حقيقة رفع الدعم عن المستشفيات الحكومية    «أبوريدة الوحيد اللي منزلش قدامه».. أحمد مجاهد يكشف موقفه من انتخابات اتحاد الكرة    قصواء الخلالى ترد على تصريحات وزير التموين: "محدش بقى عنده بط ووز يأكله عيش"    17 جمعية عربية تعلن انضمامها لاتحاد القبائل وتأييدها لموقف القيادة السياسية الرافض للتهجير    السفير نبيل فهمى: حرب أكتوبر كانت ورقة ضغط على إسرائيل أجبرتهم على التفاوض    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحفريات الأثرية في البحرين تكشف كنوزاً حضارية

يحتل تاريخ الشرق القديم مكانة متميزة في أبحاث المهتمين والمتخصصين في دراسة تاريخ سابق الأمم، والتي بالكشف عن آثارها وتتبع أخبارها من خلال النصوص الأدبية أمكن معرفة الكثير من أسرار شعوبها وتجليات حضارتها. وهذا ما حدث بالنسبة الى الحضارات التي سادت في مملكة البحرين قديماً وأبرزها حضارة دلمون. لقد تباينت آراء الباحثين المعاصرين حول موقع دلمون وأدوارها الحضارية في مجرى تاريخ الإنسانية، وأثمرت الجهود الميدانية المبذولة في كشف النقاب عن الكثير من معالم هذه الحضارة من مستوطناتٍ سكنية ومعابدٍ وتلالٍ، وتميزت بعض المعالم المنتمية الى هذه الحضارة مثل الأختام الدلمونية بأنها ذات سمة فنية مختلفة عن أختام الحضارات الأخرى.
ولم يكتف الدلمونيون في تواصلهم الحضاري مع الحضارات الأخرى بمجرد التلقي، بل أسهموا بدورهم في البناء الحضاري في المنطقة طيلة الفترة بين 2300 -500 ق.م، وسهّلوا انتقال المؤثرات الحضارية عبر سواحل الخليج العربي بفضل تعاملهم التجاري الواسع. وعلى رغم الأهمية الكبرى لحضارة دلمون، إلا أنها بالنسبة الى الباحث عبد العزيز صويلح - الذي قام بالعمل على تلك الدراسة وعنيت بإخراجها للمكتبة العربية وزارة الثقافة والتراث الوطني في البحرين - قد شكلّت مرحلة في سلم حضارة مملكة البحرين.
لقد أعاد المؤلف بناء تاريخ مملكة البحرين القديم مرحلة بمرحلة فسلّط الضوء على العديد من جوانب الشعوب التي استوطنت الأرض البحرينية بحكم موقعها الاستراتيجي وخصوصية مناخها ومائها. وعرّف كذلك بمختلف تنظيمات تلك الشعوب في المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والفنية. فاستحضر مختلف المعالم والمعثورات الأثرية التي تؤكد تنوع المظاهر الحضارية للبحرين. ودفعه اهتمامه بالتاريخ البحريني في شموليته ليجمع بين المنهجين التاريخي والأثري في تناغمٍ وانسجامٍ وعرَض عرضاً وافياً لمختلف البعثات الأثرية الأوروربية والأسيوية والعربية والوطنية من 1879 إلى 2000 م.
كشف النقاب عن آثار
بدأ الاهتمام بالتراث الحضاري للبحرين منذ القرن التاسع عشر على يد مجموعات من هواة الآثار التي توالت على أرضها سعياً للتعرف الى آثارها. وشكّل إسهامها المبكر دافعاً لبعثات التنقيب المدعومة من جمعيات ومؤسسات علمية ومتاحف على إجراء تنقيباتٍ أثرية فيها لكشف النقاب عن تلك الآثار؛ إذ قامت بأعمال تنقيب متفرقة شملت مناطق عدة من البحرين وشاركت في تلك التنقيبات بعثاتٍ أورو- آسيوية وأسترالية وعربية إضافة إلى فرق التنقيب الوطنية البحرينية ونشرت كل بعثة منها أنواعاً مختلفة من الدراسات الآولية حول العمل الميداني الذي قامت به تتضمن ما توصلت إليه من نتائج ولوائح بالآثار التي اكتشفتها والتحليلات والمعرفة التاريخية التي بنتها استناداً إلى المكتشفات التي استخرجتها معاول باحثيها سواء من مواقع الآثار أم من تلالها. وهذا الزخم في عمليات التنقيب والبحث الآثاري، أدى إلى نتائج عدد كبير من الدراسات العلمية في حقبة قصيرة من الزمن.
فمن حيث الموقع الجغرافي تحتل مملكة البحرين موقعاً وسطياً بالنسبة إلى العالم، اذ تقع في قلب الخليج العربي بمحاذاة الساحل الغربي وتتكون من أرخبيل يشتمل على ست وثلاثين جزيرة، بالإضافة إلى مجموعة أخرى من الجزر الصغيرة الحجم. وعلى سبيل المثل؛ تكوّن جزيرة المحرق الجزء الشمالي من مجموعة الجزر البحرينية وتتميز بسطحٍ منبسطٍ لا أثر للمرتفعات فيه. وجزيرة سترة بالقرب من ساحل جزيرة البحرين من جهة الشرق وسطحها منبسط رملي أما جزيرة أم النعسان ثاني أكبر الجزر فهي جزيرة رملية منبسطة. سُميت جزيرة البحرين – كبرى الجزر – خلال فترة الوجود الإغريقي في منطقة الشرق باسم تايلوس، أما جزيرة المحرق فقد سُميت باسم أرادوس ووردت تلك الأسماء في العديد من المصادر الكلاسيكية منذ عهد الإسكندر الأكبر.
وبعد القرن الرابع أو الخامس الميلادي أطلق العرب – قبل الإسلام – اسم أوال على جزر البحرين بدلاً من تايلوس وعاصر هذا الإسم العهد النبوي الشريف واستمر فترة تزيد على ثمانية قرون وفي القرن السابع الهجري (الثالث عشر الميلادى) تغير اسم الجزيرة من أوال إلى البحرين.
لفتت المواقع الأثرية في البحرين أنظار مجموعة من المختصين بالبحث الأثري والعاملين في مجال التنقيب عن الآثار وبدا الإهتمام بهذا الأمر في عام 1879 م على أيدي مجموعة من المستكشفين من أبرزهم ديوراند. أ. ل الذي حلّ على البحرين في هذا العام وقام ببحث ميداني لمعظم مناطق جزر المملكة بُغية التعرف الى المواقع والمعالم الأثرية، وزار ديوراند موقع قلعة البحرين ووجدها محاطة بتلالٍ عالية من جميع الجوانب وتطل على البحر مباشرة. وبهذا عقد الأمل بأن هذه المجموعة من التلال قد تحوي شيئاً مهماً. وبعد عملية بحث ميداني أجراها حول التلال وفوقها اكتشف خبايا بعض المدافن ووجد قطعاً من الفحم كبيرة الحجم أفترض أنها تمثل بقايا جذوع نخيل والحُصر المستخدمة لسقف المدافن التي تحويها التلال.
واستمرت البعثات الأثرية في التواتر على أرض البحرين وصولاً إلى البعثة الدنماركية سنة 1953م. وهي تعد أول بعثة علمية منظمة. وعملت تحت إشراف متحف ماقبل التاريخ في جامعة آرهوس في الدنمارك واستمر عملها أكثر من سبعة عشر عاماً، سعت البعثة إلى التعرف الى مواقع العصور الحجرية في أراضي المملكة وذلك لمعرفة أقدم الفترات الزمنية التي مارس فيها الإنسان نشاطه على هذه الأرض وأيضاً إمكان العثور على تلال تحوي مستوطنات سكنية. واهتدت البعثة إلى أن زحف الرمال طمر مواقع عصور ما قبل التاريخ، كما استطاعت البعثة الاهتداء إلى قنوات المياه الجوفية التي كانت تقع في الأراضي التي تحاذي الساحل وتستخدم لأغراض الزراعة.
بعثات أثرية
تواصلت أعمال البعثات الأثرية في البحرين وكان من أبرزها أعمال البعثة البريطانية الأولى بين 1973 و1976م . وأجرت تلك البعثة أعمال مسح وتنقيب خلال تلك المواسم المتتالية، وتم تنفيذ العمل تحت رعاية لجنة دراسات الخليج العربي وهي هيئة أنشئت في لندن عام 1971م لتشجيع البحث الأثري في منطقة الخليج العربي. واهتمت البعثة البريطانية الأولى بالدراسة والتنقيب عن آثار العصور الحجرية والتعرف الى مواقع انتشارها في أرض البحرين. وبالفعل قامت تلك البعثة بالعمل في خمسة مواقع هي: المرخ وجنوسان وشمال قرية القرية وشمال شرق قرية عالي ومعبد دراز.
أما البعثة البريطانية الثانية فقد جاءت بين عامي 1990 و2000م برعاية معهد الآثار التابع للكلية الملكية في لندن، وتشكّلت إدارتها من ثلاثة من الباحثين المهتمين بآثار الشرق الأدنى القديم وهم: هاريت كروفورت التي كانت تعمل مشرفة في قسم الدراسات العليا الخاصة بقسم آثار الشرق الأدنى القديم في جامعة لندن، وروبرت كليك وجين مون. وبعد الزيارة الأولية التي قامت بها البعثة للمعالم والمواقع الأثرية في مملكة البحرين طالبت بإجراء تنقيب في مستوطنة (سار) حتى يتسنى لها إكمال التعرف من خلال اكتشافاتها على حقبة حضارة دلمون في أرض البحرين وحياة الناس وتكوينهم الاجتماعي ومستواهم المعيشي ونشاطهم الاقتصادي.
وساهمت الدولة الفرنسية أيضاً ببعثاتها الأثرية بدءاً من بعثة 1977م، وترجع أهميتها إلى أنها قامت باستكمال أعمال التنقيب التي قامت بها البعثة الدنماركية في موقع القلعة الإسلامية في قلعة البحرين ونجحت في الكشف عن معالم تلك القلعة واكتشاف بعض العملات القديمة. وعثرت على بعض الفخار الذي يعود إلى حضارة دلمون وآخر يعود إلى الفترة الهلنيستية ثم توالت البعثات بعد ذلك وصل عددها إلى أربع بعثات بين 1979 و1989م.
كما ساهمت البعثات الألمانية في إلقاء الضوء على حضارة البحرين وما تحويه من حفريات أثرية. وعملت البعثة الألمانية من 1992 إلى 1993. وشاركت تلك البعثة المنتدبة من جامعة غوتنغن في الأعمال التنقيبية في البحرين لموسمين متتاليين وكان موضوعها الأساسي دراسة تلال مدافن فترة تايلوس (300 ق.م – 200 ق.م)
من خلال عرض النتائج السابقة لما توصلت إليه بعض البعثات الإستكشافية بناءً على التنقيبات الأثرية التي تمت على أرض البحرين، فإن ذلك يعد فرصة للمهتمين بآثارها وحضارتها بشكلٍ خاص وآثار منطقة الخليج العربي عموماً للمساهمة في استنباط المزيد من المعلومات التي يشكل التوثيق الأثري فيها جزءاً مهماً، إضافة إلى ما تزخر به مخازن إدارة المتاحف من مقتنياتٍ مهمة تضيف إلى ما تقدمه الحركة الآثارية في البحرين إلى الثقافة العالمية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.