افتتح اليوم، الأربعاء، معرض "البحرين القديمة: نفوذ التجارة"، من روائع مقتنيات متحف البحرين الوطنى "الألفيّة الثانية قبل الميلاد – القرن الثالث الميلادى"، وذلك بمتحف الشارقة للآثار، فى حفل أقيم برعاية وحضور الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمى عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وبحضور وزيرة الثقافة الشيّخة مى بنت محمد آل خليفة، حيّث يمتد المعرض حتى 29 مارس 2015. وقالت الشيخة مى بنت محمد آل خليفة: (إن الحاضر الذى نصنعه معًا، ليس سوى امتدادٍ لإرث تاريخى وإنسانى مشترك، والإنسان الذى جعل من ساحله مرفأ للحضارات وميناءً يلوح بالحب للعابرين والأصدقاء، لايزال على امتداد ساحل الخليج العربى يستوقف الفن والثقافة والتجارة والحضارة). وأضافت: (معرض "البحرين القديمة..نفوذ التجارة"، الذى تنظمه إدارة متاحف الشارقة بالتعاون مع وزارة الثقافة فى مملكة البحرين، يعد إضاءة على المكانة الحضارية والتجارية والسياسية للبحرين تاريخيًا، وتأكيدا أن تاريخ البحرين القديمة هو إرثٌ حضارى خليجى مشتركٌ يسعدنا أن نقدّمه هنا فى الشارقة، التى نهنئها باختيارها عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2014). على صعيد متصل، أوضح القائم بأعمال مدير إدارة المتاحف بوزارة الثقافة رشاد فرج أن: النسيج الاجتماعى المشترك، والعلاقات الإنسانيّة الممتدة بامتداد الحضارات التى عاصرتها المنطقة، هى المحفزّ الأول لحفظ ذلك الإرث على مرّ الزمن، مضيفاً أن هذا المعرض يأتى بالماضى نحو عالم الحاضر والمستقبل للتأكيد على العلاقات الوطيدة التى تربط مملكة البحرين ودولة الإمارات العربيّة المتحدة على مستوى الأوطان والشعوب. ويوفّر المعرض لمرتاديه صورةً معمّقةً وحصريّةً لآثار البحرين وثقافتها الغنيّة، حيث تم تنسيقه من قبل متحف البحرين الوطنىّ، فى إطار الجهود الحثيثة التى تبذلها وزارة الثقافة فى البحرين لتعزيز التبادل والحوار الثقافى، كما وتم انتقاء القطع الخاصة بالعرض من ضمن مجموعة المقتنيات الدائمة لمتحف البحرين الوطنى، كونها تستعرض أهميَة دلمون القديمة ومكانتها كسوقٍ نابضٍ وحيوى يقع على طرق التجارة البحريّة القديمة التى كانت تربط الشرق الأدنى بشبه القارة الهنديّة. ويسعى معرض "البحرين القديمة: نفوذ التجارة" لدراسة السياق الاجتماعى والثقافى من خلال عدسة الثقافة الماديّة للبحرين القديمة، فقد كان لحجم الأنشطة التجاريّة على الجزيرة، وسهولة الوصول إليها، والاحتكاك والتفاعل مع مختلف الأسواق والثقافات، تداعياتٌ اجتماعيةٌ وثقافيةٌ كبيرة. وعلى الرغم من وجود بعض الأدلّة على تغيّر الثقافة المحلية إلى حدٍّ ما، إلا أن السجلّات الأثريّة تشير بكلّ جلاء إلى صلابة الثقافة المحليّة للجزيرة وصمودها فى وجه تلك العوامل، بل وفرض نفسها كذلك. هذا وتمثل تشكيلة القطع المنتقاة من مجموعة المقتنيات الدائمة لمتحف البحرين الوطنى التى يحتويها هذا المعرض شاهداً على أهميّة حضارة دلمون القديمة - والتى عرفت فيما بعد باسم تايلوس - ومكانتها كسوقٍ نابضٍ وحيوى يقع على طرق التجارة البحريّة القديمة التى كانت تربط الشرق الأدنى بشبه القارة الهنديّة. وقد تم توزيع المعرض على أربعة أقسام رئيسيّة هى "دلمون وتايلوس: قرونٌ من التجارة والازدهار"، "دلمون: مستودع الخليج فى العصرَين البرونزى والحديدى (2,000-500 ق. م.)"، "تايلوس، ملتقى طرق التجارة الدوليّة الناشئة (200 ق. م. - 300 م.)" وقسم "ما وراء تأثيرات التجارة: ثقافة فريدة لجزيرة". وتحتوى الأقسام على ما يقارب 150 قطعةٍ أثريّةٍ متنوّعة، مثل الأختام المصنوعة من الحجر الصابوني، والقطع الفخاريّة والزجاجيّة والعاجيّة والأوانى المرمريّة المعمولة بدقّةٍ عالية، بالإضافة إلى القطع الذهبيّة والشواهد الجيريّة المتميّزة، حيث تدل هذه القطع الأثريّة على حركة التجارة النشطة للمنطقة فى الفترة ما بين الألفية الثانية قبل الميلاد إلى القرن الثالث بعد الميلاد، كما وترسم ملامح قرونٍ طويلةٍ من روح المبادرة ومدى ازدهار وغنى التجارة البحرية على جزر البحرين، موطن حضارة دلمون ومركزها السياسى منذ عام 2,050 ق.م. والتى بفضل مزاياها الطبيعيّة وموقعها الاستراتيجى على ملتقى الطرق التجاريّة القديمة لعبت دوراً محورياً فى التجارة الدولية وكوّنت من ورائها ثروةً ضخمة،وقد تكرّر ذكرها فى النصوص الإداريّة الرسميّة وكذلك الاقتصادية التى خلفتها حضارات ما بين النهرين القديمة التى تخصّ حركة استيراد المواد الخام، لا سيّما النحاس. ونظراً لانعدام وجود المناجم على أرض دلمون، فمن المرجّح أن تلك النصوص دليل على وجود حركة تجارية ما فتأت تزدهر وتتوسّع فى العصور اللاحقة. وعلى الرغم من اضمحلال دورها مع نهاية الألفيّة الأولى قبل الميلاد، إلا أن دلمون – والتى عُرفت باسم تايلوس فى العصر الهلنستى - واصلت نموّها عبر القرون التالية. حيث كانت موانئ تايلوس مقصداً تجارياً هاماً، وكان تجّارها يتحلّون بروح المغامرة ويصارعون الأمواج العاتية ليصلوا إلى المناطق النائية والأسواق المربحة.