في محيطها تتمتع البحرين منذ زمن طويل بحضور ثقافي وعلمي وفني أسهم في تنوير منطقة الخليج، ولعل هذا هو ما جعل وزراء الثقافة العرب في اجتماعهم عام 2004 بالعاصمة اليمنية، صنعاء، يختارون المنامة لتكون عاصمة للثقافة العربية في عام 2012. وقد مكنها موقعها الجغرافي منذ عام 2300 ق.م من أن تكون مركزًا تجاريًا بين حضارتي: »بلاد الرافدين« ما بين النهرين، و»نهر السند« وادي السند. وكانت بداية ازدهار هذه التجارة ونموها في ظل حضارة »دلمون« دلمون التي ارتبطت »سومر« بالحضارة السومرية في »الألفية الثالثة ق.م«. الألفية الثالثة قبل الميلاد. وقد أكدت لي الشيخة مي بنت محمد آل خليفة، وزيرة الثقافة البحرينية، أن فعاليات المنامة عاصمة للثقافة العربية تنهض علي اثني عشر عمودًا من أعمدة الثقافة، ومنها: التشكيل، العمارة، التصميم، التراث، المتاحف، الشعر، الفكر، التراجم، الموسيقي، والمسرح. وتحت كل واحدة من هذه "التيمات" تندرج مجموعة من الأنشطة التي تستضيف أهم المفكرين والمبدعين في العالم للمشاركة في العديد من: المؤتمرات، الندوات، المحاضرات، ورش العمل، والمعارض المختلفة. وفي رحاب فعاليات العاصمة الثقافية، من المتوقع أن تشهد "المنامة" احتفاءً خاصاً بالكتاب، سواء أكان مؤلفاً، أم مترجماً، حيث تتأهب وزارة الثقافة لتدشين مجموعة ترجمات من الأدب العالمي إلي العربية،علي أن تكون ترجمتها للمرة الأولي، وتصدر هذه الترجمات شهرياً، ويكون موضوعها ملائماً للتيمة الخاصة بكل شهر، وفي نهاية العام يتم اصدار مجلد ضخم بكل هذه الترجمات. وتتوزع علي شهور العام أيضاً سلسلة من المعارض والأنشطة التي تستقطب جميع فئات المجتمع. وفي تقديري أن الحدث الأهم الذي يتخلل العام هو افتتاح المسرح الوطني، باعتباره الحلم الذي ظل لسنوات يراود مبدعي البحرين. وفي موعدها ستقام الفعاليات السنوية الثابتة مثل: معرض البحرين للفنون التشكيلية، ربيع الثقافة، المعرض الدولي للكتاب، مهرجان التراث، جائزة البحرين للكتاب، وجائزة البنكي لشخصية العام الثقافية، صيف البحرين، ومهرجان البحرين الدولي للموسيقي. وأنتظر أن تضم هذه الفعاليات أيضاً جائزة البحرين لحرية الصحافة. وهناك العديد من المشروعات الإنشائية التي يتم تدشينها خلال العام المقبل بالتوازي مع إعلان "المنامة عاصمة للثقافة العربية"، وهي تتنوع فيما بين مجموعة من العروض المتحفية، وإعادة تهيئة مجموعة من البيوت القديمة والمواقع الأثرية مثل: تطوير باب البحرين، إحياء فندق البحرين، افتتاح المركز الإقليمي للتراث العالمي، ومتحف الصوت، وترميم سوق القيصرية، والمكتبة الخليفية، ومركز زوار مسجد الخميس، وعروض متحفية لمدرسة الهداية الخليفية، وقلعة الرفاع، ومصنع نسيج بني جمرة، ومركز زوار شجرة الحياة. وذلك لتوفير بنية تحتية قوية، وأساسات معرفية تحفظ الإرث الثقافي، وتكوّن قاعدة معرفية عربية مشتركة. والشيخة مي بنت محمد آل خليفة، هي أول وزيرة للثقافة في منطقة الخليج، وقد حصلت علي درجة ماجستير في التاريخ السياسي من جامعة "شيفلد" في بريطانيا. وهي مؤسسة أول مركز للبحوث بمدينة المحرق، وبيت فن الصوت، وبيت الكورار لفن التطريز، فضلاً عن مشروع اقرأ. وهي حائزة علي العديد من الجوائز الدولية، ومنها جائزة المرأة العربية المتميزة في مجال القيادة الإدارية من مركز دراسات المرأة في باريس. ومن مؤلفاتها: »مع شيخ الأدب في البحرين«، و»الأسطورة والتاريخ الموازي«، و»سبزآباد ورجال الدولة البهية«، و»من سواد الكوفة إلي البحرين«، و»100 عام علي التعليم النظامي في البحرين«، و»تشارلز بلجريف: السيرة والمذكرات«، و»عبد الله بن أحمد محارب لم يهدأ«. ويبقي سؤال ألا وهو: كيف ستتعامل هذه الوزيرة المثقفة مع رافضي هذا الحدث من أوله.. إلي آخره؟.