وزير الاتصالات: مصر تقفز إلى المركز 22 عالميا في مؤشر الجاهزية الرقمية للبنك الدولي    الكويت ترحب باتفاق تبادل الأسرى في اليمن    ميدو: عودة ربيعة ضرورية لاستقرار الدفاع.. والشناوي كان متوترًا أمام زيمبابوي    الهلال الأحمر يساند جهود الحماية المدنية في انتشال ضحايا حادث عقار إمبابة    الأرصاد: غدا طقس مائل للدفء نهارا شديد البرودة ليلا.. والصغرى بالقاهرة 12    وزير السياحة والآثار يترأس أول اجتماع لمجلس إدارة هيئة المتحف المصري الكبير    طارق الشيخ: الغناء موهبة من الله فخور بها    محافظ دمياط: قطاع الصحة يشهد طفرة غير مسبوقة فى أعمال التطوير    وزير التعليم عن الاعتداء على الصغار في المدارس: حوادث فردية وبشوف حفيدي مع كل واقعة    وكيل أوقاف بني سويف يوجه الواعظات بالتفاعل الإيجابي مع قضايا المواطنين    عبد اللطيف: إجراء وضع المدارس تحت الإشراف المالي أقوى من سحب تراخيصها    وزير السياحة يبحث مع سفير هولندا تعزيز التعاون الثنائي    بدء مؤتمر «الوطنية للانتخابات» لاطلاع الرأي العام على تصويت الخارج    أحمد رفعت: الصدفة قادت عصام عمر وأحمد آمين للبطولة المطلقة    العالم هذا المساء.. مجسمات رجل الثلج تزين شوارع الصين استعدادا لاستقبال 2026.. ارتفاع حصيلة ضحايا إطلاق النار في جنوب أفريقيا ل10 قتلى.. والجيش الصومالي يشن عملية عسكرية بمحافظة شبيلي السفلى.. صور وفيديو    الكشف على 1044 مواطناً بالقافلة الطبية في قرية العقادة بالإسماعيلية    مقتل 5 من رجال الشرطة في هجوم شمال غرب باكستان    «طلقنى» للجمهور من اليوم !    جامعة مصر للمعلوماتية وتيراداتا تخرّجان أول دفعة متخصصة في تحليل البيانات والذكاء الاصطناعي    30 ألف وثيقة تكشف تفاصيل جديدة عن علاقة ترامب بإبستين: كان راكبا في 8 رحلات جوية على الأقل    «كوانتم إنفستمنت بي في» تزيد حصتها في شركة إيديتا للصناعات الغذائية في صفقة تبلغ قيمتها 1.26 مليار جنيه    رسميًا .. بلجيكا تنضم لدعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية    هل يجوز قضاء الصلوات الفائتة بأكثر من يوم باليوم الواحد؟.. أمين الفتوى يجيب    داعش .. سقط «المشروع» ولم يسقط «التنظيم» !    رئيس الجمارك يوضح آلية التسجيل المسبق للشحنات الجوية «ACI» ويؤكد استمرارية دور المستخلص إلكترونيًا    هل أكل لحم الإبل ينقض الوضوء؟.. أمين الفتوى يجيب    حسام عبدالغفار: التأمين الصحي الشامل يحظى باهتمام كبير من الدولة    أبو الغيط يدعو إلى التفاعل الإيجابي مع مبادرة السلام السودانية المقدمة لمجلس الأمن    المصرية للاتصالات تختار "نايس دير" لإدارة خدمات الرعاية الصحية لموظفيها    غرفة العمليات الحكومية الفلسطينية تحذّر من خطورة الوضع الإنساني بقطاع غزة    محافظ المنيا يتابع الجاهزية الطبية ويشيد بجودة الخدمات المقدمة    إحالة للمفتي.. الحكم علي عاطل قام بخطف طفله وهتك عرضها في البحيرة    مؤتمر أدباء مصر يُكرم الدكتور أحمد إبراهيم الشريف تقديرا لمسيرته الإبداعية    تعرض محمد منير لوعكة صحية ونقله للمستشفى.. اعرف التفاصيل    استعدادا لعرضه رمضان 2026| انطلاق تصوير مسلسل «توابع» ل ريهام حجاج    ما هو مقام المراقبة؟.. خالد الجندي يشرح طريق السالكين إلى الله    رئيس "سلامة الغذاء" يستقبل نقيب الزراعيين لتعزيز التعاون المشترك    البحوث الفلكية تكشف موعد ميلاد شهر شعبان وأول أيامه فلكيا    مليار مشاهدة.. برنامج دولة التلاوة فى كاريكاتير اليوم السابع    وزير الدفاع الإسرائيلي: إسرائيل لن تنسحب أبدًا من قطاع غزة    وكيل وزارة الشباب والرياضة بالفيوم يستقبل لجنة «المنشآت الشبابية والرياضية» لمتابعة أعمال مراكز الشباب بالمحافظة    حكام مباراة الثلاثاء ضمن منافسات الدوري الممتاز للكرة النسائية    ميناء دمياط يضخ 73 ألف طن واردات في يوم حيوي    أمم إفريقيا - مؤتمر محرز: لا أعذار.. نريد كتابة تاريخ جديد لمنتخب الجزائر    أمم إفريقيا – مؤتمر مدرب السودان: أحيانا أسمع وفاة أحد أفراد أسرة لاعب في الفريق    مودى ناصر يوقع على رغبة الانتقال للزمالك وإنبى يحدد 15 مليون جنيه لبيعه    محافظ شمال سيناء يفتتح عددا من الوحدات الصحية بمدينة بئر العبد    كيان تعليمى وهمى.. حيلة "مستريح مدينة نصر" لاستقطاب ضحاياه    ضبط شخصين بالمنيا لاتهامهما بالنصب على المواطنين    البابا تواضروس الثاني يستقبل الأنبا باخوميوس بدير القديس الأنبا بيشوي بوادي النطرون    وزير التعليم في جولة مفاجئة بمدارس إدارتي ببا وسمسطا بمحافظة بني سويف    الأهلي في اختبار صعب أمام المحلة بكأس الرابطة    وائل القباني: هجوم منتخب مصر الأقوى.. والتكتيك سيتغير أمام جنوب إفريقيا    جرى عزلهم 2016 بتهمة ممارسة السياسة : «قضاة من أجل مصر » يعودون إلى المواجهة مع مجلس القضاء الأعلى    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 23ديسمبر 2025 فى المنيا    وزارة التعليم: أحقية المعلمين المحالين للمعاش وباقون في الخدمة بحافز التدريس    نظر محاكمة 89 متهما بخلية هيكل الإخوان.. اليوم    أمم إفريقيا - ياسر إبراهيم: أحب اللعب بجانب عبد المجيد.. ونعرف جنوب إفريقيا جيدا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أنكيدو يواجه جلجامش في قصائد حب عراقية جديدة
نشر في نقطة ضوء يوم 04 - 09 - 2017

" أهز النسيان" عنوان ديوان جديد صدر في القاهرة، للشاعر العراقي الرحالة باسم فرات. يضم الديوان واحدًا وأربعين نصًّا نثريًّا، كتبت نصوصه ما بين العامين 2013 و2016، في أماكن متعددة من العالم؛ حيث ارتحل الشاعر ما بين العراق والأردن ودبي والبحرين وقطر والسودان والإكوادور ونيوزيلندا.
قتيل الغرام
رغم تعدد الأمكنة التي يترحل بينها، يستحضر الشاعر بلده العراق من خلال أكثر من نافذة، ويظهر هذا في عتبات بعض القصائد، حيث نجد عناوين مثل “خيبة جلجامش”، “أُذينة بن خيران”، “جلجامش يعبر الأنديز”، “أُغريهنَّ بأساطير بابل”. والمطلع على شعر باسم فرات السابق يعثر بسهولة على هذا الملمح، لكن الجديد في هذا الديوان أن الشاعر الرحالة الحزين طرق باب الحب، الذي هو أوسع أبواب الشعر العربي، في عصر الحزن العربي، لعل الحب يمسح تلك الأحزان.
يستعمل الشاعر العاشق مفردات متنوعة في التعبير عن الحب من قبيل معجم قتيل العشق الذي توارثناه، أو قتيل الجمال، الذي يعبر عن الحالات القُصوى للحبيب حين يتمكن منه الحب. ففي قصيدة بعنوان “قتيلٌ تورَّط في النظر إليك”، يذكر فيها الشاعر “الرازقي” -وهي التسمية العراقية لزهرة الفُلّ- كما يرسم بعض الصور الجمالية المعبرة عن حالة العشق لجمال المحبوبة، مهووسًا بها؛ بصوتها وبالنظر إلى خصلات شعرها وضفائرها.
ولعل هذا الحب يمنحه الأمل وينجيه من الاغتراب الذي أحدثته الحروب، حيث يبدأ القصيدة بقوله: “على ذِكرَى صوتِكِ يسكرُ الرازقيُّ/ وفي أحضانِ الأمَلِ يتنفس الشاعرُ حُلم اللقاء/ تتلكأ أوتارُ العاشِقِ/ حين تبكي الريحُ في خصلات شَعرك/ وأنا أحدِّثُها عنكِ/ أجمعُ دموعَ غاباتٍ خبَّأتني من الحروب”.
لقد عثر الشاعر بالفعل على ما ينجيه من اغترابه، وهو الحب، فكان لا بد له من الوصول إلى منابع الحب، حيث يختم قصيدته بقوله: “ثمة نبعٌ لا يصل إليه إلا قتيلٌ تورَّط في النظر إليكِ/ أحفِرُ الأنهارَ/ وإزميلي هوَسٌ يُغرقُ سفينتي”.
تعامل الشاعر مع الحب بوصفه أحد طرفي الثنائية الجدلية “الحب- الاغتراب”، والتي لا بد أن تكون الغلبة فيها للحب، لأنه هو القادر على القضاء على الاغتراب. نجد ذلك في قصيدة بعنوان “فخ”، حيث يقول:
“سنواتٌ طويلةٌ وأنا في وَسَطِ النهر/ متوثبٌ كصقر للإمساك بلحظةٍ/ لحظةٍ تهرب منكِ فتنتعش حياتي/ أمحو بها سُخامَ يُتمٍ/ وعن ماضِيَّ ما علق به من قَتْلَى وقطران/ لكنني الآن قررتُ أن أعبر النهر/ غير آبِهٍ بشيءٍ/ … …/ لكني هل سأعبُرُ حقًّا؟/ أنتِ حُلمٌ أخشى أن يُصبح ذكرى”.
أساطير قديمة
استدعى الشاعر في هذه المجموعة الشعرية، أكثر من مرة، شخصية جلجامش، أو ملحمة جلجامش؛ ذلك الحاكم البابلي الذي عاش في جنوب بلاد الرافدين، وكان ملكًا على مدينة أوروك (الوركاء) في حدود العام 2600 قبل الميلاد أو قبل ذلك بقليل، وحكم مدة 126 عامًا.
أما الملحمة فقد تمت ترجمتها أكثر من مرة، واستفدنا من قراءة ترجمة نائل حنون عن النص المسماري ودراسته لها؛ حيث قامت الملحمة بتمجيد جلجامش لتفوقه في المعرفة والإعمار.
وأكدت على صلاحيته للمُلك وعلى لياقته البدنية والعقلية، ثم ذكرت وطأة حكمه على أهل أوروك حتى ضجوا بالشكوى، فحققت الإلهة/ الأم”أورورو” رغبة الناس في خلق نِدٍّ يضاهي جلجامش في القوة والبأس، فكان ذلك الندّ هو “أنكيدو” الذي تحداه.
وإذا كان شاعرنا باسم فرات مشغولاً بأساطير الشعوب التي زارها، ومندمجًا معها، وراصدًا لعادات تلك الشعوب وتقاليدها فإنه لا يزال يحمل أساطيره البابلية القديمة. بل إن وجدانه يختلط بوجدانهم وأساطيره تختلط بأساطيرهم، فنجد مزيجًا من الرؤية الأسطورية التي يبدو أنها لا تزال تعمل عملها القديم في التخفف من ضغوط الحياة ومتاعبها.
فإذا كان الشاعر قد ظهرت أساطيره بوضوح في قصائد مثل “خيبة جلجامش” أو “جلجامش يعبر الأنديز” أو “أغريهن بأساطير بابل”، فإنه قد توغل أكثر في قصيدته التي ختم بها هذه المجموعة الشعرية “مصارعة الثيران” ليستدعي جلجامش وأنكيدو معًا؛ من ملحمة جلجامش.
فعلى الرغم من أن الشاعر أراد أن يجعل من مصارعة الثيران معادلاً موضوعيًّا لما يعيشه إنسان هذا العصر، فإنه توغَّلَ في الملحمة، لتلبية احتياج الإنسان المعاصر الذي أرهقته صراعات القوة والدم إلى أساطيره التي يستريح إليها ويجد فيها ملاذه. يقول الشاعر في مفتتح قصيدته:
“البطلُ الذي نزَّتْ أكُفُّ الجمهور/ إعجابًا بحركاته وتبختُره/ البطل الذي ملأ الأساطير/ راح يُلهب حماسَ المعجبين بسوطه/ اجتذبَ الثورَ وهو يضحك على ذقنه/ طعناتُه تُرَقِّصُ خمسمائة وعشرين كيلو غرامًا/ فتنهمرُ الجراحُ على قميصه،/ طعنات ورقص،/ رأيتُ الجحيم يحتضن الخرافة/ على حافة الألم، ذكرياتٌ ترعى في الحقول/ والدمُ شاهدُ عيانٍ أوحد”. ويعود الشاعر في نهاية القصيدة ليذكر أنكيدو، وتكتمل الأسطورة القديمة المعاصرة، فهي القديمة بأسماء شخوصها وبأحداثها الأسطورية، وهي المعاصرة لأنها انحرفت نوعًا ما عن نص الأسطورة، ولأن الشاعر وظّفها في إسقاط بعض صراعاتها على الواقع المعاصر، فيقول:
“رأيتُ نبوءاتٍ مقدسةً تنهَشُني/ وأساطيرَ تسحبُني إلى الهاوية/ حاولتُ أن ألُمَّ دم أنكيدو، لكنَّ دُودًا وزعه بين القبائل/ فانهلتُ سِبابًا على صمتي/ هو الموتُ إذًا/ فكَّر الثورُ/ بينما تمر حيواتُهُ شريطًا مُزدَحِمًا بالخُذلان/ وأسدل ستارة الدم على المشهد”.
لقد اتخذ الشاعر من الحب قضية جوهرية، يمكن أن تعين الإنسان على القضاء على اغترابه، واستعان بأساطيره وبأساطير الشعوب التي زارها، ليكشف لنا عن حاجة الإنسان المعاصر إلى أساطيره القديمة والمعاصرة؛ فقد تصلح للتعليق على ما يحدث وسط حلبة المصارعة الكبرى التي تُسمَّى الحياة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.