تحت شعار “الرحالة، سفراء للسلام” تحتضن مدينة طنجة فعاليات الدورة الثانية للمهرجان الدولي ابن بطوطة، الفترة من 9 إلى 12 نوفمبر 2017، من أجل الاحتفاء بالتاريخ المغربي المتميز وإبراز قيمة التراث اللامادي للمملكة. تسعى هذه التظاهرة المنظمة من قبل الجمعية المغربية ابن بطوطة، إلى التعريف بالتراث الثقافي العالمي للرحالة المغربي، في المجالين الثقافي والسياحي، خاصة أن ابن بطوطة هو أول السياح عالميا. ويتضمن برنامج هذه الدورة تنظيم العديد من الأنشطة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي تهدف إلى إبراز التراث الثقافي والحضاري لابن بطوطة، وتشجيع السفر واللقاءات بين الشعوب والثقافات. ومن بين الفعاليات المنظمة خلال هذه الدورة، تنظيم ندوات صحافية، ومعارض فنية وثقافية، وعروض لأفلام ثقافية تبرز جوانب مختلفة من التراث الثقافي والإنساني المغربي من خلال تسليط الضوء على جوانب خفية لشخصية مغربية عظيمة، نقشت حروف اسمها في عالم السفر والترحال، والتعريف بثقافات وحضارات الشعوب، ونشر قيم التسامح والسلام عبر العالم، ألا وهي شخصية ابن بطوطة الذي انطلقت رحلاته من أرض البوغاز. وبالتوازي مع أنشطة المهرجان، سيتم تنظيم عروض موسيقية تجوب شوارع وأحياء مدينة طنجة التي ستكون محطة هذا العرس الثقافي بامتياز. وتجدر الإشارة إلى أن الجمعية المغربية ابن بطوطة التي تأسست سنة 2015، هي أول جمعية تعمل على التعريف بشخصية ابن بطوطة، الرحالة الكبير الذي عاش في القرن ال14، وبكتاباته ورسائله حول التسامح، كما تساهم في دعم مشروع “طنجة الكبرى” على المستويين الثقافي والسياحي. مؤتمر 2016 وقد احتضنت مدينة طنجة فعاليات الدورة الأولى لمهرجان ابن بطوطة الدولي، الخاص بالتعريف بتراث هذا الرحالة العالمي الذي بدأ رحلته من عاصمة البوغاز، وذلك في الفترة الممتدة من 23 إلى 25 فبراير الماضي، ليصبح هذا المهرجان تقليدا سنويا لما للمحتفى به من مكانة هامة في المغرب وخارجه. الاحتفاء بابن بطوطة هو في الحقيقة احتفاء بالفكر والإبداع المنفتحين، وترسيخ لمبدأ الانفتاح على الذات والآخر، وما أحوجنا اليوم إلى استحضار رموز تاريخية، كابن بطوطة، مثلت طاقة خلاّقة وروحا مغامرة تسعى إلى ربط الشعوب ببعضها البعض، بعيدا عن التقسيمات العرقية أو الثقافية وحتى الجغرافية. احتفاء طنجة مدينة الرحالة بابنها، حدث مهم في الراهن، إذ يستحضر شخصية جامعة لا تسعى إلى التفريق بل إلى ربط الأواصر بين الناس على اختلاف ثقافاتهم وبيئاتهم. الرحّالة المغربي ابن بطوطة من أكثر الشخصيات التاريخية التي ارتبط اسمها بالترحال والسفر والمغامرات، ولم يقتصر دوره على الرحلات الهامة التي قام بها بل كان أيضا مؤرخا، وقاضيا وفقيها، اسمه الحقيقي هو محمد بن عبدالله بن محمد اللواتي الطنجي، اشتهر بكثرة ترحاله فأطلق عليه لقب أمير الرحالة المسلمين، ولد في الرابع والعشرين من شهر فبراير عام 1304 ميلاديّة بطنجة في المغرب. بعد تتلمذه بأصول الدين انطلق في أولى رحلاته في شهر يونيو من عام 1325 ميلاديّة، وكان آنذاك في الواحدة والعشرين من العمر، فتوجّه لأداء مناسك الحج برا واستمرت رحلته مدة سنة وأربعة أشهر. بعدها غادر ابن بطوطة بلاده ليظل على سفر بين أصقاع الأرض مدة أربعة وعشرين عاما، جاب خلالها أنحاء مختلفة من القارة الأفريقية فزار بلاد المغرب العربي، وأواسط أفريقيا، ومصر، والسودان، كما حط رحاله بكل من بلاد الشام، وأرض الحجاز، وتهامة، والعراق، وبلاد فارس (إيران)، واليمن، والبحرين، وتركستان، وعمان، وبلاد ما وراء النهر، والهند، وصولا إلى بلاد التتار. ما يجهله الكثيرون هو أن ابن بطوطة كان أيضا شاعرا، حيث نظم العديد من القصائد الشعرية في مدح ملوك وأمراء الأمصار التي زارها، وكانت هباتهم مصدراً يساعده على مواصلة رحلاته وأسفاره. أهمية ابن بطوطة لا تتوقف عند نصوصه الرحلية التي دون فيها خلاصة رحلاته، بل تكمن أيضا في أنه كان سفير سلام بين الأمم على اختلافها، داعيا إلى التثاقف بين الشعوب وحسن الجوار، كما كان بمثابة جسر ثقافي بين الشعوب، حيث كانت رحلاته هادفة يكتشف من خلالها سمات الحياة والمجتمع الذي يحل به، متتبعا الخصائص الحضارية والثقافية لكل جماعة، بنظرة منفتحة لا تحمل أحكاما مسبقة بل هي مشحونة بروح الاكتشاف المنفتحة على الذات والآخر.