وزير الكهرباء يتابع مستجدات تنفيذ مشروع المحطة النووية بالضبعة    ارتفاع الدولار مقابل عملات رئيسية.. والجنيه الإسترليني ينخفض    أسواق الأسهم الأوروبية تغلق على تباين في الأداء وسط تقلبات بريطانية    قانون الإيجار القديم الجديد 2025.. من يحق له البقاء؟ ومتى يتم الإخلاء؟ التفاصيل الكاملة    مصر تدين التصريحات الإسرائيلية بشأن فرض السيادة على الضفة الغربية    رسميًا.. الهلال يستعير حمدالله من الشباب قبل مواجهة فلومينينسي    مصر تفوز على الجزائر في بداية مشوارها بالبطولة العربية لكرة السلة للسيدات    البحر الأحمر عن غرق حفار جبل الزيت: 5 مصابين يتلقون العلاج بالمستشفى.. والبحث مستمر عن 3 مفقودين    وزير التعليم أمام البرلمان: تعديلات القانون تضمن تحسينًا حقيقيًا للثانوية العامة    التيزر التشويقي ل البوم "محمد نور" بعنوان "وريني" استعدادا لطرحه صيف 2025    الرئيس الصيني يتغيب عن قمة بريكس للمرة الأولى    رئيس الوزراء اللبناني: معالجة ملف سلاح حزب الله تسير بشكل إيجابي    جامعة MSA تُعين الدكتور نادر البكل قائمًا بأعمال رئيس الجامعة    حدث في 8 ساعات| البرلمان يوافق على قانون الإيجار القديم.. ورسوم العمرة 2026    مصر تتوج بذهبية كأس العالم للشطرنج تحت 12 عاما في جورجيا    بعد أقل من شهرين.. مدرب الزمالك يعلن رحيله عن الفريق    أحمد مرتضى منصور يكشف كواليس مثيرة من داخل الزمالك: "ممنوع شكر مرتضى عشان ممدوح عباس"    الزراعة: تحصين أكثر من 4 آلاف رأس أغنام بمطروح خلال يونيو    استدعاء الممثل القانوني لقناة "المحور" بسبب مخالفات برنامج "90 دقيقة"    قرار قضائي جديد في واقعة "طفل البلكونة" بالعاشر من رمضان    ما أكثر الفئات تأثرًا بمشروع قانون ترامب "الكبير والجميل"؟    نورهان تقدم حفل ختام أنشطة المهرجان القومي للمسرح بالإسكندرية    فيديو.. محمد رمضان يطرح أغنية من ضهر راجل عبر يوتيوب بعد أيام من «الجو حلو»    سيد درويش شاعرًا.. الأحد في أمسية أدبية بقصر ثقافة روض الفرج    أمين الفتوى يوضح حكم معاملة "دروب شيبنج".. هل تجوز شرعًا؟    وزير الصحة: تأمين المنافذ الجوية بمنظومة متكاملة جزء من استراتيجية الدولة    جمال شعبان يعلق على الموت المفاجئ للمطرب أحمد عامر    مايكروسوفت تنفذ أكبر جولة من تسريح العمال منذ عام 2023    الثالث من يوليو الدلالات والمعانى    مناقشة آليات تشغيل مسرح الغردقة لتقديم عروض فنية وحفلات للسائحين الأجانب    "الأرصاد": رياح نشطة وأتربة مثارة على عددٍ من محافظات مكة المكرمة    غدًا.. استمرار امتحانات الثانوية الأزهرية 2025 بشمال سيناء    ترامب يعلن التوصل إلى اتفاق تجاري مع فيتنام    أستاذ علوم سياسية يوضح إمكانية إغلاق إيران مضيق هرمز    خبر في الجول - بتروجت يحدد مطالبه لبيع حامد حمدان ل الزمالك    إنزال الكابل البحري العالمي SMW6 بمدينة رأس غارب ضمن مشروعات البنية التحتية الرقمية    استمرار الكشف الطبي على المتقدمين للترشح ب انتخابات مجلس الشيوخ في الشرقية    «الإفتاء» توضح حكم صيام يوم عاشوراء منفردًا    التعليم العالي: فتح باب التقدم لبرامج التعاون العلمي بين مصر واليابان (التفاصيل )    تحولات مهمة ونفقات غير متوقعة.. اعرف حظ برج الجوزاء في يوليو 2025    منظومة التأمين الصحى الشامل تدخل يومها الثاني في أسوان.. و13 منفذًا لخدمة المستفيدين    تحتوي على مواد خطرة وقابلة للاشتعال.. إزالة وإخلاء مخازن مخالفة في الطالبية ب الجيزة    كمادات باردة على الرأس والعنق.. 7 نصائح فعالة لعلاج الدوخة والصداع الناتج عن حرارة الجو    غلق 4 محلات بدمنهور فى البحيرة لمخالفة تعليمات ترشيد الكهرباء    وزير الأوقاف يجتمع بقيادات وزارة شئون المسلمين بالفلبين لبحث مذكرات التفاهم    مانشستر سيتى يبدأ فترة الإعداد للموسم الجديد 28 يوليو    محافظ الفيوم يعتمد درجات تنسيق القبول بالمدارس الثانوية والدبلومات للعام الدراسي 2026/2025    كشف لغز مقتل فتاه على يد والدتها بمركز أخميم بسوهاج    بمشاركة وزارة الرياضة.. انطلاق حملة «مانحي الأمل» في مصر    "إعلام المنوفية" تفوز في مسابقة الإبداع الاعلامي وتناقش مشاريع تخرج الدفعة 2025/2024    وزير الإسكان يعقد اجتماعاً لمتابعة الموقف التنفيذي لمشروع حدائق تلال الفسطاط    3 مصابين في حادث تصادم على طريق الإسماعيلية بالسويس    فيديو- أمين الفتوى يوضح أحكام القصر والجمع في الصلاة: متى يجوز ومتى لا يجوز    آخر ما كتبه المطرب أحمد عامر قبل وفاته بساعتين    وزارة البترول: تفعيل خطة الطوارئ فور انقلاب بارج بحري بخليج السويس    كأس العالم للأندية 2025| راموس يقود تشكيل مونتيري ضد بوروسيا دورتموند    من دعاء النبي.. الدعاء المستحب بعد الوضوء    أمين «البحوث الإسلامية»: الهجرة النبويَّة تأسيسٌ لمجتمع قيمي ينهض على الوعي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأدب والقراءة في عصر الخواء
نشر في نقطة ضوء يوم 05 - 06 - 2011

صدر عن منشورات مجلة سيميائيات المغربية ، المجلة المتوسطية للاشكال الحضارية بتطوان ، كتاب " الادب والقراءة في عصر الخواء " وهو ترجمة من الفرنسية إلى العربية لحوار طويل وفريد من نوعه بين مارك فومارولي Marc Fumaroli وفيليب صولرس Philippe Sollers كانت قد نشرته دورية باريزية واسعة الانتشار Le Débat " المناظرة " سنة 1994م تحت عنوان La Littérature entre son présent et son passé " الأدب بين حاضره وماضيه ".
ترجَم هذا الحوار وعَلق عليه ووَضَع حواشيه وحقق أسماءَ أعلامه وعناوينَ مؤلفاتهم ، وصدّره الأستاذ والباحث المغربي ، الدكتورُ نزار التجديتي ، وقدّمه الدكتور حمّودان عبدالواحد ، من أكاديمية مرسيليا ، بكلمة تناولت مجموعة من الأسئلة تمحورت حول مفهوم الحداثة.
وقد أعاد المترجمُ – في التفاتة منه تربوية إلى القارىء - تنظيمَ فقرات الحوار بعناوين فرعية جاءت مواضيعُها مرتبة على الشكل التالي :
1 - مفهوم الأدب الفرنسي 2- أزمة الأدب الفرنسي وأسبابها 3 - مفهوم الأدلوجة 4 - بين المحدثين والكلاسيكيين 5 - مأساة النقد الأدبي 6 - سِرُّ طُغْيَانِ الرِّوَايَةِ 7 - المجاهدة الأدبية 8- أمثولة الكاتب الواحد 9- العائلة الجامعة 10- البلاغة والجدل السياسي 11- وظائف الإقناع 12- طلاق الفلسفة من الأدب.
وعند الاضطلاع على مضامين هذه العناوين ، سيجد القارىءُ نفسَه أمام خلاصة جدلية لتاريخ الفكر الأوروبي من القرن السابع عشر إلى نهاية القرن العشرين ، وسيعرف آنئذ لماذا وصف المترجمُ هذا العمل في تصديره بأنه " تجوال ممتع رفقة مرشديْن مؤنسيْن ".
هذه المتعة أو لذة القراءة والمتابعة تجد تفسيرَها بوجه من الوجوه في قناعة الدكتور نزار التجديتي – ونحن نشاطره نفس الرأي – بقيمة " تشريح هذا الحوار أو المناظرة لواقع الأدب والفكر بالغرب في نهاية القرن العشرين ، ودقة متابعتها للتحولات الثقافية التي تعرفها المجتمعات البشرية – المتقدمة والمتطلعة على السواء – عقب تحول العالم الأرضي إلى " قرية افتراضية " ( حسب تصور أبراهام مولز) يزداد فيها يوما بعد يوم دورُ تقنيات الإتصال الجماهيري على مستوى الإخبار والتواصل والتكوين والتحريك والتجييش ".
ولعل هنا تكمن نوعا ما فائدةُ هذه الترجمة بالنسبة للشعوب العربية اليوم. وهو ما ترمي إليه بعضُ الأسئلة التي يطرحها الدكتور حمّودان عبدالواحد في مقدمة الكتاب : " لماذا هذه الترجمة وبالضبط في هذا الوقت ؟ هل لأنّ العالم العربي الذي يمر بأزمة هوية عميقة ( وثورات شعبية كلها في بداية الطريق ) بحاجة إلى هذا النوع من التفكير في أدبه – ماضيه وحاضره - حتى يمكنه إعادة النظر في ذاته أي في لغته وفكره وتطلعاتها الحضارية ؟ ".
من هنا تأتي ، أولا ، قيمة الحوار أو المناظرة المترجمَة على المستوى الأخلاقي. فعلى الرغم من الخلافات العميقة بين مارك فومارولي وفيليب صولرس، تبقى ميزة نقاشهما الحاد هي قناعتهما بضرورة احترام الرأي الآخر، فلم تصدر منهما كلمة نابية سوقية في حق أحد. وهذا يعنى أن سجال الأفكار ليس فقط رياضة فكرية ، واستراتيجية لغوية ، تحليلية وتدليلية ، بل هو ، قبل كل شيء ، ممارسة أخلاقية وسلوك حضاري أي حوار بالمفهوم الحقيقي للكلمة.
من هنا أيضا تنبع أهمية الترجمة المسؤولة في بعدها العلمي . أنْ تترجم من لغة إلى أخرى معناه أن تتقن اللغتيْن ، وأن تترجم مناظرة بين عَلمَيْن فرنسييْن لهما مكانة خاصة في ميدان الكتابة والإبداع والبلاغة والفكر عند الفرنسيين وغيرهم في العالم ، في لحظات زمنية محدّدة من التاريخ الأدبي الفرنسي ، معناه أن تكون على علم واسع بالمفاهيم والأدوات الابستمولوجية في تاريخ الفكر داخل أنظومة اللغتيْن ، وأيضا ذا قدرة ومرونة كافتيْن لجعل مفاهيم الأدب والبلاغة والفلسفة مثلا في اللغة المصدر تتأقلم دون تشويه أو تحريف مع مقابلتها من المفاهيم في نفس الميادين داخل نسق اللغة المُصَب فيها. وهذا ما توصّل إلى تحقيقه بنجاح لافت للنظر الدكتور نزار التجديتي.
هذا ، ويبقى الوعيُ بوجود الآخر وأهمية تصوراته للكون والتاريخ والإنسان والأشياء والزمن ...، من خلال أشكال التعبير الفني والجمالي والفكري ، المحرّكَ الرئيسي في ترجمة المناظرة بين مارك فومارولي وفيليب صولرس والتحمّس لها. وهو الأمل الذي عبّر عنه المترجمُ في نهاية التصدير بأن : " يجد القارئُ العربي في جِنَانِهِ الأَجْنَبِيِّ ما وجدناه نحن عند الآخر من فواكه الأدب الكوني وأزهار الفلسفة الحديثة وأصوات الشعر العذبة وأصداء الجدل الخصبة خارج حدود الأوطان".
هكذا يمكن القول بأن الترجمة تساهم مثل الخلق والإبداع ، والفن والفلسفة وسبل المعرفة وقنوات التواصل الأخرى... ، في تقليص البعد بين الشعوب والثقافات ، كما أنها بحق أقربُ طريق إلى الحوار بين الحضارات ، وأداة ثمينة وضرورية للتخلص من قفص الهويات الضيقة.
-----------
* كاتب عربي يقطن بفرنسا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.