القومي للمرأة يشارك في المؤتمر الدولي التاسع للصيادلة العرب    45 فرصة عمل برواتب تصل إلى 36 ألف جنيه.. تعرف عل وظائف المصريين بالأردن 2025    البنك الأهلي المصري يوقع بروتوكول مع مجموعة ابوغالى موتورز لتوريد وتسليم سيارات "جيلي"    القومي للمرأة يهنئ قرينة الرئيس لتوليها الرئاسة الشرفية لجمعية الهلال الأحمر المصري    محترفو الفراعنة × أسبوع| تعادلات بالجملة.. خسارة شريف.. وكهربا يثير الغضب    عرض المتهم على مصحة نفسية بعد الحكم بإعدامه لقتله نجل شقيقه في العياط    «نشاط للرياح وأمطار على هذه المناطق».. بيان مهم من الأرصاد بشأن حالة الطقس غداً    إخماد حريق داخل لوحات كهربائية داخل 3 طوابق بالمريوطية دون إصابات    بالأسماء.. جامعة الإسكندرية تحصد 12 جائزة في مهرجان «إبداع 13» للجامعات    لمدة يومين.. قافلة طبية بقرية الديابة في أبوقرقاص بالمنيا    جولة ميدانية لإدارة الطوارئ بمستشفيات منوف وسرس الليان لمتابعة جودة الخدمات الصحية    جدول امتحانات الترم الثاني للصف الخامس الابتدائي في الغربية    محبوس بكفر الدوار ومزور اسمه.. كيف سقط المتهم في جريمة شقة محرم بك؟    أتالانتا ضد روما.. التشكيل الرسمي لقمة الدوري الإيطالي    أستاذ علوم سياسية: إنهاء صفقة عيدان ألكسندر خطوة مهمة فى دعم القضية الفلسطينية    تطور جديد فى خلاف أبناء محمود عبد العزيز ضد بوسي شلبي    أحمد فهمي يستعد لمسلسل جديد بعنوان «ابن النادي» (تفاصيل)    أحمد فهمي يخوض منافسات الأوف سيزون بمسلسل ابن النادي    «بيئة العمل تحتاجهم».. 4 أبراج تترك أثرًا إيجابيًا لا يُنسى في أماكنهم    عالم بالأزهر: هذا أجمل دعاء لمواجهة الهموم والأحزان    ترامب يدافع عن الطائرة هدية قطر: لست غبيا لأرفضها.. وقدمنا لهم الكثير من مساعدات الأمن والسلامة    من الإعارة إلى التألق.. إيريك جارسيا "ورقة رابحة" في يد فليك    إطلاق الخطة العاجلة للسكان والتنمية والبرنامج القومي للوقاية من التقزم    أمينة الفتوى: هذه أدعية السفر منذ مغادرة المنزل وحتى ركوب الطائرة لأداء الحج    أمينة الفتوى: الزغاريد عند الخروج للحج ليست حراماً لكن الأولى الالتزام بالأدب النبوي    الأمم المتحدة: سكان غزة يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي    ما حكم إقامة العلاقة الزوجية أثناء الحج؟.. أمين الفتوى يجيب    يونيفيل: العثور على 225 مخبأ للسلاح جنوبي لبنان    قطرة شيطان.. قتل خالته وسهر بجوار جثتها مخمورًا حتى طلوع الفجر (كواليس جريمة بشعة)    طلاب إعلام الاهرام الكندية تعيد فرقة رضا للجمهور ب إبهار تراثي عصري جديد    معاش المصريين العاملين بالخارج 2025: الشروط والمستندات وطريقة الاشتراك    أهم 60 سؤالاً وإجابة شرعية عن الأضحية.. أصدرتها دار الإفتاء المصرية    تأجيل إعادة محاكمة 5 متهمين ب"الخلية الإعلامية" لجلسة 10 يونيو    وزير الزراعة يكلف "الأقنص" رئيسًا لهيئة الخدمات البيطرية    «تلاعب في العدادات وخلطات سامة».. 5 نصائح لحماية سيارتك من «غش البنزين»    يُسلط الضوء على المواهب الصاعدة.. الكشف عن الشعار الرسمي لكأس العالم تحت 17 سنة    أسعار الحديد ومواد البناء اليوم الإثنين 12 مايو 2025    فان دايك: أنا ومحمد صلاح كنا في موقف أرنولد.. وعلى الجميع أن يحترم قراره    الكرملين: بوتين حدد موقفه بشكل واضح بشأن استئناف المفاوضات مع أوكرانيا    اعتماد أوروبي لقصر العيني كمركز متخصص في رعاية مرضى قصور القلب    رئيس جامعة أسوان يتفقد امتحانات كلية التجارة    موعد وقفة عرفة 2025.. فضل صيامها والأعمال والأدعية المستحبة بها    براتب 6500.. فرص عمل في شركة مقاولات بالسعودية    موعد تسليم دفعة جديدة من وحدات مشروع جنة بالقاهرة الجديدة    فانتازي.. ارتفاع سعر لاعب مانشستر سيتي    «بعبع» تسريب امتحانات الثانوية العامة.. هل يتكرر في 2025؟| ننشر خطة «التعليم» كاملة    استمرار حملة "تأمين شامل لجيل آمن" للتعريف بالمنظومة الصحية الجديدة بأسوان    تداول 14 ألف طن بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    العراق: الواقع العربي يتطلب وقفة جادة لتحقيق العدالة الاجتماعية    في اليوم العالمي للتمريض.. من هي فلورنس نايتنجيل؟    مصادر: بورصة مصر تبحث قيد فاليو الأربعاء المقبل    عاجل- رئيس الوزراء يتابع ملفات الاتصالات.. ومبادرة "الرواد الرقميون" في صدارة المشهد    إنبي: ننتظر نهاية الموسم لحساب نسبة مشاركة حمدي مع الزمالك.. وتواصل غير رسمي من الأهلي    البنك الأهلي يرغب في ضم كريم نيدفيد    انطلاق فعاليات الدورة التدريبية الرابعة بجامعة القاهرة لأئمة وواعظات الأوقاف    رئيس «دي إتش إل» يتوقع استفادة من التوترات التجارية بين واشنطن وبكين    حالة الطقس اليوم في السعودية    أمام العروبة.. الهلال يبحث عن انتصاره الثاني مع الشلهوب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سنان أنطون يكتب «فهرس» المهمشين
نشر في نقطة ضوء يوم 01 - 10 - 2016

تعامل الكاتب العراقي سنان أنطون في روايته «فهرس» (دار الجمل، بيروت) بمنطق الكولاج، أو الجمع واللصق داخل إطار ما. وهذه التقنية يمكن أن تسهل على الكاتب المرور إلى أي زاوية يريد الكتابة عنها، وفي الوقت نفسه تفتح الإطار الكلي للنص، فتصبح المفردات أمام الكاتب قابلة لأن تكون شخصية فنية في النص، وفي الوقت ذاته هامشية وغير مؤثرة، وكأن حضورها موازٍ لغيابها.
قد تكون لذلك دلالته في فكرة الذاكرة المثقوبة التي سعى اليها أنطون في نصه، أو لفكرة الذاكرة البصرية التي تم نسفها ولم يبق منها سوى شذرات يسعى إلى تثبيتها من خلال الرواية، لكنها في النهاية تحيلنا إلى منطق الفهرس الذي يحوي كل شيء، سواء الأشياء أو البشر. إلا أن كثرة تعداد الأشياء والبشر والأماكن والأحداث وانعدام مركزية أي منها جلعنا أمام تداعٍ مفتوح، ما أفقد النصَّ مرتكزاته التي تجعله ينتمي إلى نوع معين من الفن.
تقوم رواية أنطون على نصين متداخلين، الأول يخص نمير، الذي يتحدث فيه بضمير الأنا الراصدة لوقائع ذكرياتها الشخصية، بدءاً من خروجه من العراق مع أسرته عام 1993 ثم عودته إليها كمترجم مع فريق إنتاج لفيلم وثائقي عام 2004، إلى أن تنتهي أحداث الرواية في 2009 حيث يموت ودود، صاحب النص الثاني، فيقرر نمير أن يكتب هذه الرواية تخليداً له. أما النص الثاني فكتبه ودود تخليداً للأشياء والبشر، وانطلاقاً من أن كل منا هو كتاب أو رواية تبدأ بميلاده وتنتهي بموته، ولأن الحرب قصفت كل شيء في العراق فقد أتت النهايات كافة على يدها.
أراد ودود لهذه الأشياء ولهؤلاء المهمَّشين أن تكون الكتابة من منطقهم، أي أنهم الذين يكتبون مذكراتهم وشهاداتهم ورؤاهم، وهي تيمة تذكرنا بأجواء رواية «اسمي أحمر» لأورهان باموق. ويأتي التداخل بين النصين، لأن كل شخصية من شخصيات ودود وأشيائه كانت فاصلاً بين جزء من ذكريات نمير واندياحاته السردية، ما يُذكرُنا بعالم إيتالو كالفينو في «لو أن مسافراً في ليلة شتاء»، و «مدن لا مرئية»، التي ورد ذكرها في النص أكثر من مرة، بما يؤكد فتنة الكاتب بها وبعوالم كاتبها.
تدهشنا قدرة سنان أنطون على رصد كل ما يرد على ذاكرته، حتى أننا نكاد نتوقع المشهد التالي أو القصاصة التالية سواء التي سيكتبها ودود، أو نمير من خلال ذكر اسم أو رصد مشهد يحتاج إلى توضيح أو لم يرد من قبل في متن العمل.
تدهشنا أيضاً قدرة الكاتب على ذكر التفاصيل، سواء أكانت ضرورية في السرد أم مجرد حيلة لإبراز قدراته على ذلك وتأكيده على دلالات ورسائل معينة. ويبدو النص في كثير من أجزائه وكأنه استعراض للقدرة على رصد التفاصيل اليومية والعادية وغير المؤثرة، وكأن المؤلف يسعى الى منح هذه التفاصيل بطولة في موازاة منح ودود شخوصه وأشياءه الهامشية دور البطولة في نصه.
في المقابل، كان يمكن الكاتب أن يمنح بطله حيزاً أوسع كي يجعل منه شخصية فنية جديرة بالإهتمام، بيد أنه لم يذكر من وقائع حياة ودود سوى قليل من التفاصيل التي وردت في مشهدين أو ثلاثة وكأنه مجرد شخصية من بين عشرات الشخوص. ولم يلبث في نهاية الرواية أن كرر أكثر من مرة كلمة «منطق ودود»، وكأننا أمام «منطق الخليفة»، أو «منطق كاشان»، أو «منطق الفهرس»، أو غيرها من عناوين الفصول. وهذا ما همَّش ودود نفسه، وأفقده فكرة الأسطورية والحضور المركزي، قياساً إلى تفاصيل مفرطة عن نمير وحبيباته وعلاقاته وجامعاته ومدنه الأميركية وشوارعها، ما يؤكد الغياب شبه التام للحياة والروح العراقية في موازاة الحضور الكثيف «للأمركة» ومظاهرها.
وعلى رغم أن النص يقدم أزمة المواطن العراقي، سواء في شتاته بعد الحرب أو بقائه المهدد بالتلاشي داخل بلاده المنكوبة، تبدو الشخصية الرئيسية (نمير) متصالحة مع نفسها. هي تعيش في أميركا وتقدم خدماتها للأميركيين وتتشابه مع نماذجها، بل إنها تتحدث عن المجتمع الأميركي بنوع من الفتنة، وهو ما يجعل البطل بلا أزمة حقيقية مع هذا المجتمع أو ثقافته أو حتى جيشه. على النقيض، يبدو ودود صاحب الإشكالية الأكبر، ليس لأنه دخل المعتقل في زمن صدام ولا لأن عمه سطا على ماله، ولا لأنه أدرك منطق بائعي الكتب، ولكن لأن ودود البسيط كان أكثر دفعاً لضريبة المواطنة، وأكثر انتماءً لمكانه. وربما هذا ما جعل نمير يضع له ثلاث نهايات، كانت إحداها أن يفرح مثله بالمنحة الأميركية ويذهب إلى العالم الجديد، بينما الثانية هي أن ينتحر حرقاً بين كتبه، والأخيرة أن تنفجر قنبلة في شارع المتنبي لتقتل ثلاثين شخصاً يكون من بينهم.
ربما كان أنطون في حاجة إلى تكثيف الرؤية وعدم الاستسلام للاندياح السردي عن كل شيء، فالرغبة الزائدة في الحضور لكل الأطراف لا تقدم سوى تهميش لهم جميعاً، وهذا ما جعل «فهرس» اسماً على مسمى، لأن الفهرس يذكر كل شيء ولا يتعمق في أي شيء، ليصبح كل ما فيه عابراً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.