يبحث كتاب “مقارعة المستحيل: دراسات في ترجمة الشعر” للكاتب والناقد المغربي حسن بحراوي، في ترجمة النصوص الشعرية وإمكانياتها. معتبرا أن هذه الآلية ستظل مثار جدل دائم وحاد بين زمرة المشتغلين بالترجمة وعلى مر العصور واختلاف الثقافات والأدوات. ويتطرق بحراوي، في كتابه، الصادر عن دائرة الثقافة والإعلام في إمارة الشارقة، ضمن العدد (121 – يوليو 2016) من كتاب مجلة الرافد، إلى الترجمة، وعلى الرغم من قدمها التاريخي، بوصفها إشكالية أدبية وثقافية وإنسانية في الوقت نفسه. وباعتبارها حاجة وضرورة ملحة للانتقال والتواصل الثقافي والحضاري بين الشعوب. إلا أن مشكلاتها لم تعد تخفى على أحد اليوم، خاصة وأنها كانت تعاني ضعفا في اللغة أو في الأسلوب أو في المعنى. وفي افتتاحية عنوانها “إشكالية ترجمة الشعر”، يقول في محاولة الإجابة عن “لماذا علينا ترجمة الشعر الأجنبي؟” في ظل صعوبات المسألة من الألف إلى الياء “إننا نفكر في الواجب الإنساني الذي يفرض علينا ألا نظل منغلقين على أنفسنا. فالعلاقات بين الشعوب هي من الاختلاف بحيث تنسينا التشابه القائم بينها في التطلعات والمعاناة وتحملنا على التفكير في إمكانية الاستعانة بتجارب بعضنا بعضا. خاصة في مجال إنتاج الثقافة الكونية التي تغذّي المعرفة المشتركة بين الناس. أليس الشعر هو تلك التجربة التي بوسعها تحقيق الإغناء والتواصل؟”. وينوّع بحراوي في موضوعاته متناولا مجموعة من النقاط الأساسية في عملية الترجمة الشعرية، منها “مصاعب ترجمة الشعر نثرا”، و”طرائق ترجمة الشعر”، و”الطريق الصعب إلى ترجمة الشعر عن العرب”، و”رهان الترجمة الحرفية للشعر”. ويستحضر عددا من الأمثلة على التجارب العربية المعاصرة في ترجمة الشعر وفي ترجمة الشعر العربي إلى اللغة الإنكليزية. ويختتم بتجربة ترجمة أدونيس إلى الفرنسية: آن واد مانكوفسكي. ويقول في بحثه “لقد كانت المشكلة الحقيقية في ترجمة النص الشعري باعتباره خطابا خاصا تكمن في تعدد مكوناته الفنية والجمالية تحديدا. فإذا أمكننا ترجمة البنى اللغوية والتركيبية بكل اليسر الذي تتيحه لنا المعرفة اللسانية الضرورية لعمل المترجم، فكيف سنفعل في مواجهة الإيقاعات الوزنية والبنى الأسلوبية والشعرية. وهي العمود الفقري لكل إبداع شعري؟”. ويشير إلى أن اللسانيات الحديثة قد مهّدت للجواب، بالانطلاق من أن بنية ما، لا تكون لها فائدة إلا إذا توفرت لها وظيفة. وعليه فإن عملية ترجمة الشعر لا تقتضي ترجمة شكل بشكل أو بنية ببنية وإنما ترجمة الوظيفة أو الوظائف الشعرية للنص، أي الأثر أو الآثار التي تنتج عن ذلك النص. ويبدو لنا بالنظر إلى خاتمة البحث، أن بحراوي وإذ سعى إلى الحصول على إجابات واضحة للأسئلة المعلنة والشرعية حول إمكانية ترجمة الشعر وآلياته، إلا أنه وضع أسئلته الخاصة كختام لدراسته، خالصا إلى أنها أسئلة لا تنتظر أجوبة ناجزة وجاهزة للاستعمال العمومي، فالمترجم النابه وحده بإمكانه أن يقترب منها مستعينا بفطرته ودهائه ولم لا عبقريته؟